بقلم مصرى

الإنارة قبل الإثارة

    صلاح سعد
صلاح سعد

رغم ابهار الصورة الملونة، فإن اعمالنا الفنية بالابيض والاسود لها مذاق خاص، وتحظى بالجاذبية لدى المشاهدين، وتهفو نفوسهم من وقت لآخر لرؤيتها من باب الحنين الى زمن مضى!!

وسبحان مغير الاحوال عند ظهور أجهزة التليفزيون الملونة منتصف السبعينيات، كانت الفرجة أحلى وتزداد حلاوتها عند مشاهدة مباريات كرة القدم، حيث كان الفرق واضحا من حيث لون الفانلة التى يرتديها كل فريق على البساط الاخضر..

كان الحدث يمثل ابهاراً بكل المقاييس، ويا سعده وهناه من يملك فى بيته جهاز تليفزيون ملوناً..

ولكن هذا التطور التكنولوجى الهائل فى الاجهزة ومعدات التصوير لم يقابله - بنفس القدر- تطوير فى الأفكار والعقول، لكى تستطيع أن تبدع فى إظهار القيمة الفنية، وإثراء القيم الانسانية فى أحسن صورة تتوارثها الاجيال، وتظل باقية فى الذاكرة كفن زمان..

وعندما نعود إلى الوراء ونسترجع شريط الماضى، نجد أنفسنا أمام أعمال فنية مازالت تحتفظ ببريقها، سواء كانت سينمائية أو تليفزيونية أو غنائية.. ويكمن سر بقاء هذه الاعمال فى الوجدان انها كانت تهدف إلى الإنارة من خلال إبراز القيم والمعانى والاحاسيس الانسانية، وليس الإثارة ومخاطبة شباك التذاكر وجلب الاعلانات..

هذه الاعمال إلى جانب الترفيه والتسلية، كانت تحمل فكرا ورسالة، ولذلك ظلت باقية ونحرص على مشاهدتها من وقت لآخر..

وهذا ما تفتقده معظم الأعمال الحالية سواء كانت درامية أو غنائية، والتى يكفيك مشاهدتها والاستماع اليها مرة واحدة وكفى، وبعد ذلك تسقط من البال والخاطر وتصبح نسيا منسياً، ولذا لا غرابة ان نصف اعمالنا القديمة بزمن الفن الجميل، الذى جمع بين فطاحل الادب والفكر والشعر والتأليف والالحان وايضا قمم الغناء والتمثيل..

وبرحيلهم كاد معين الابداع أن ينضب ويجف، إلا من قليل مازال يسعى جاهداً ليجد مكاناً له وسط الضجيج والغوغائية التى امتلأت بها الساحة.. ولعل وعسى تنجح هذه القلة فى إحياء زمن الفن الجميل!!