إنهــا مصـــــــر

سر الحياة!

كــــــــــــرم جبــــــــــــر
كــــــــــــرم جبــــــــــــر

  مصر أول دولة على وجه الأرض يعرف أهلها حلاوة الاستقرار حول النهر العظيم الذى يأتى لهم كل عام بالخير، لم يكن المصريون أبداً قبائل رحل تهيم على وجهها فى الصحراء تبحث عن آبار المياه حتى تنضب، لم تكن دولة مهاجرة وراء الرزق، وإنما دولة مستقرة يبحث عنها الرزق.
 نهر النيل كان وسيظل سر الحياة، خصوصاً  أن مصر ليست دولة مطيرة، وتدخل فى زمام دول الفقر المائي، وتسلك كل الطرق المشروعة للحفاظ على حصتها المائية، التى لم تزد متراً واحداً حين كان عدد السكان عدة ملايين.
 النيل سبب الاستقرار والحياة على ضفافه عشق المصريين، وكل ما تنادى به هوالاتفاق وعدم اتخاذ إجراءات أحادية من الجانب الإثيوبى تلحق بنا الضرر، مع التسليم الكامل بحق الشعب الإثيوبى فى التنمية.
 < < <
 لم تكن مصر فى يوم من الأيام دولة شتات تتصارع فيها المذاهب والملل والعرقيات، بل صهرت الجميع فى بوتقتها الرائعة وأضفت عليهم جميعاً روحها المتسامحة.. وخلقت فوق أرضها نموذجاً نادراً للتعايش بين أبناء مختلف الأديان وكلهم يؤمنون بالمقولة العظيمة "الدين لله والوطن للجميع".
  ولم تكن مصر فى يوم من الأيام دولة الجمود والتخلف الفكري، بل كانت دائماً منبراً للعلوم والثقافات والفنون والآداب، وصاغتها فى قوالب تنبض بالوعى والفكر.. وحمل أبناؤها تلك المعانى العظيمة فى كل مكان ذهبوا إليه.
 وكان الفشل دائماً من نصيب التيارات الظلامية والعقول الجامدة التى جاءت إلينا فى فترات معينة ولم يستسلم لها هذا الوطن ولا أبناؤه ودخل فى معارك دائمة ومستمرة مع التيارات التى ارتدت عباءة دينية زائفة تستهدف النيل من سلامته وتسامحه.
  هى أول دولة على وجه الأرض تؤمن بالأديان ورسالات السماء، وعظم جوهرها الحقيقى الذى يدعوللحب والسلام، وأصبحت رسالة الإيمان هى المخزون الحقيقى الذى يواجه به المصريون أعتى الأزمات وأشد المحن.
 < < <
 نسينا فى زحمة الأحداث والتحديات كلمة السر التى كنا نواجه بها أعتى المشاكل وأصعب الأزمات وهى "روح مصر".. وربما نتذكر ذلك الآن لأننا فى حاجة للتمسك بهذه الروح التى انتصرنا بها فى كل المعارك وقهرنا الصعاب، فالمصريون يركبون الصعب بشرط أن نوقظ فيهم غريزة حب مصر.
 ولأن نصر أكتوبر الذى نحتفل بذكراه منذ أيام يذكرنا بمعانيه العظيمة وتضحياته الكبيرة.. يوم قهرنا المستحيل وركبنا الصعب.. وبينما كان العدو يراهن على أن المصريين لن يستطيعوا الحصول على قنبلة ذرية لتدمير خط بارليف الرهيب، فوجئوا بهم يدمرونه بخراطيم المياه ويصعدون عليه بسلالم من الحبال.
 فى حاجة أن نسترجع الروح التى عكست المخزون العظيم للشعب المصرى من الحضارة والوعى والانضباط وحب مصر.. حب مصر بالفعل وليس بالقول فقط، والاستعداد للتضحية من أجلها.
 آن الأوان أن نستدعى التجارب الناجحة وروح البطولة التى تعبر بالشعوب عنق الزجاجة، والمصريون بالذات يستطيعون أن يقهروا أية أزمة بشرط أن توقظ فيهم روح مصر.