نحن والعالم

نصف الطريق

ريهاب عبدالوهاب
ريهاب عبدالوهاب

لاشك ان العراق، باجتيازه الانتخابات التشريعية دون معوقات أو مشاكل أمنية أو تدخلات خارجية، قطع منتصف الطريق نحو دولته الجديدة بعد الخلاص من داعش والاحتلال الأمريكى. لكن يظل اكتمال الطريق مرهوناً بنجاحه فى تشكيل حكومة فى أقصر وقت دون السقوط مرة اخرى فى دوامة التجاذبات الطائفية والمحاصصة المرتهنة للخارج،خاصة وأن النتائج لم تفرز أغلبية كافية لتشكيل الحكومة بشكل منفرد. 


الثابت من النتائج ان رجل الدين الشيعى مقتدى الصدر هو «صانع ملوك» هذه الانتخابات. فبعد تصّدر كتلته للمشهد الانتخابى بـ73 مقعدا لم يعد ممكناً تشكيل حكومة بدونه، لكنه يظل بحاجة لتحالفات تمكنّه من تكوين الكتلة البرلمانية الأكبر، قد يكون من بينهم تحالف «تقدم» السنى الفائز ب43 مقعد اوحزب بارزانى الكردستانى الحائز على 32 مقعداً، أو حتى غريمه اللدود رئيس الوزراء الأسبق نورى المالكى الذى فاز ائتلافه «دولة القانون» بـ37 مقعدا.

وبالنظر لحقيقة ان تشكيل حكومة فى العراق قائم دائمًا على أسس عرقية وطائفية،سنجد انه ما لم يتم اعلاء «المصلحة الوطنية» ستطول المفاوضات لأشهر، يمكن خلالها لأى شىء ان يحدث سواء داخلياً أوخارجيا، ليفسد المكاسب التى حصدتها هذه الانتخابات. 


وأهم هذه المكاسب فى نظرى التصويت العقابى للأحزاب والتكتلات المحسوبة على إيران، وفى مقدمتها «الحشد الشعبى» الذى مثله تحالف «الفتح» فى الانتخابات وخسر34 مقعداً عن الانتخابات السابقة.

فالدعم السياسى والمادى الإيرانى غير المحدود الذى حظى به «الحشد الشعبى» وتياراته السياسية منذ تشكيله لمواجهة داعش فى2016، كان سبباً فى فقدانهم الدعم الشعبى لأنها عملوا على توظيف انتصاراتهم على داعش فى مواجهة الدولة، وعملوا على اعاقة الإصلاح السياسى والأمنى، رافضين تسليم سلاحهم، ولهذا فإن التخلص من نفوذهم خلال هذه الانتخابات التى تعكس الوعى الجماهيرى للعراقيين بأهمية التغيير وضرورة الخروج من العباءة الإيرانية، امر يجب استثماره والبناء عليه للمضى قدماً نحو «عراق جديد».