فرفش كده | اللعب مع الكبار | ماكـنش حلـم

اللعب مع الكبار
اللعب مع الكبار

الحادية عشرة صباحا، ربما، أو أكثر قليلا. الجو حار أو حار جدا، الساحة ممتلئة عن آخرها بخلية نحل من وكالات الأنباء والصحافيين ورجال الاعلام من كل الجنسيات، الجميع يعاين موقعه الذى سيتواجد به بعد ساعات، ويجرى تجارب نهائية لمعداته، مهندسو الصوت يختبرون المكبرات، وفنيو الاضاءة لا عمل لهم الا أن يحولوا هذه الأرض بعد ساعات مع بداية الليل الى نجم يبرق حتى يبدو من السماء تستطيع أن تراه بسهولة اذا كنت ذاهب على متن طائرة خاصة.

وخبراء الكاميرات كما لو أنهم رجال أتوا من الفضاء أو على الأقل عائدين منه، كله تمام، الجميع  أتم وصوله للتو الى الجونة، وليس الا ساعات وتتأنق المدينة على حس مهرجان الجونة السينمائى الخامس.


الكل عادة فى هذا المكان يعمل بمنتهى الضمير، هذا هو الموسم الذى ستتغذى عليه الصحافة ومقالات الكُتاب بل والسوشيال ميديا والمثقفين ومدعى الثقافة، والمشهورين ومدعى الشهرة أيضًا طوال العام، حتى تحين النسخة القادمة العام القادم بإذن الله.


هنا فقط تهفهف روائح البرفانات اللعوب، وتُرى السيارات الفخيييمة، والبذلات الأنيقة، والفساتين السيكو سيكو.

المهم.. الأجواء كلها فى انتظار أن تتأجج.

CUT


ألسنة اللهب تتصاعد من خلف البلازا الرئيسية المخصصة لإقامة مهرجان الجونة السينمائى،  تقولها المواقع الاخبارية - وبالفعل كانت النيران تشتعل- ثم تستطرد..


لا خسائر فى الأرواح إلا من 14 حالة اختناق فى السريع ، وخفوا وفاقوا وبقوا زى الفل، اطمنوا. الحريق بسبب ماس كهربائى..

تؤكد وكالات الأنباء هذا الخبر أيضًا بدون مرجع. قوات الحماية المدنية تتمكن من اطفاء الحريق وجارى الانتهاء من عمليات التبريد..

دى جملة من عندى ماحدش قالها لكن فاتتهم.


الغريب أن المشهد كان مش مفهوم شوية، كل ذلك كان يجرى بينما فى مؤخرة الصورة العمال يفرشون الأرض بالسجادة الحمراء، ويعاينون زواياها.


الله الله الله، المهندس سميح ساويرس بالشورت والقميص الكتان -اللى يرد الروح- يقف فى موقع البلازا يعلن بنفسه اطفاءه، وعدم تأثر أى حاجة بأى حاجة، كله تمام ومفيش حاجة، ايه مالكم اتخضيتوا ليه، المهرجان فى توقيته ومكانه.


هدأ الترند بعد ساعتين أو ثلاث جرى خلالها مؤتمر صحفى فى مكان بعيد، ثم عادت المواقع تبث صورة حية من موقع الحريق فيها مئات من العاملين كأنها تحولت لخلية نحل، حقيقى المشهد كان مختلفا، المهرجان هايحصل يعنى هايحصل.


فى المساء سألنى صديقى شوفت اللى حصل فى الجونة، هو مين اللى بيصلحوا دول وحضروا ازاى فجأة ومين اللى جابهم!.

فأجبته أكيد أوراسكوم. فسألني: على كده دول أقوياء جدا. فأجبته: طبعا.


فمال على وقال: على فكرة الحريق ده كان حلم.

فأجبته: ماكنش حلم. فقال: أصل مش ممكن يا صاحبى ده ولا كأن حصل حاجة. فعاد وسألني: على كده أوراسكوم دى بتعرف تحل أى حاجة فى الدنيا!،

فأجبته: على حسب.

فابتسم وقال: ده اللعب مع الكبار يا صاحبى، وسألني: م الآخر يا صاحبى أوراسكوم دى تعرف تحل لى مشاكلى!