نقطة فوق حرف ساخن

الإرادة المصرية

عمرو الخياط
عمرو الخياط

 لم يكن يوم السادس من أكتوبر يوماً للعبور من الهزيمة إلى النصر..

وإنما كان يوم التوحد المؤسسى التاريخى فى حياة الشعب المصرى..

فقد كان ولا يزال درساً فى التوحد ما بين العسكرية والدبلوماسية والاستخبارات..

مع الشعب المصرى العظيم ليحولوا شبح الهزيمة الذى امتد ست سنوات إلى نصر مبين تحت عنوان واحد هو الإرادة المصرية التى أصبحت كلمة السر التى يمتلكها أبناء هذا الوطن الغالي..

الذين طالما توحدوا وقت الخطر على بلدهم.. فأنجزوا ما كان يتصوره البعض أنه مستحيل ليصبح شعب مصر قاهراً لكل ما هو مستحيل.


ومن لا يفهم أو يدرك قيمة هذه الإرادة أو يعجز عن تخيل صلابتها وقوتها..

فهو من المؤكد حتماً أنه يعانى فهم الواقع..

وليس لديه دراية بالتاريخ..

واستيعاب معادن الرجال.

 

لم تكن ٦٧ هزيمة..

لأنها كانت وستظل فى نظر كل المصريين حادثا ظالما.. واستثناء تاريخيا فى تاريخ المؤسسة العسكرية المصرية..

وخلف هذا الاستثناء محاولات دولية لطمس العقول وترسيخ قناعة لدى البعض بأن مصر أصبحت جثة هامدة..

وغير قادرة على أى فعل والأمر أنهم حاولوا بكل السبل بصلف وغرور ووهم زائف كتابة أو إعادة كتابة تاريخ مصر بغير اللهجة المصرية وبعيدا عن قلم الإرادة المصرية التى دوماً سطرت التاريخ بمعجزاتها.


مصر شعباً وجيشاً لم ولن تكون فى يوم من الأيام جثة هامدة كما تصوروا وزيفوا للعالم حقيقة هذا الوطن العظيم فما كان منهم إلا أن سطروا الحقيقة ونسجوا الخطة المحكمة للخداع الاستراتيجى الذى انطلق من قلب الوطن برجال آمنوا بأنه ليس هناك مستحيل..

وأن الظلم الذى وقع على مصر.. لابد أن يرد بالحقيقة فتحول الظلم إلى نصر.. وبقدر ما كان العبور العظيم انتصاراً لإرادة الدولة المصرية.. بالقدر الذى كان هزيمة للصلف والاستعلاء الدولى فصنع الرجال صدمة توقف عندها الزمن.. وكانت كلمة السر التى عليها انطلقت طائرات سلاح الجو المصرى نحو أهدافه فى عمق الضفة الشرقية «صدام» هى التى هزت العالم وأكدت أن مصر لا تعرف المستحيل ، وكانت البوابة نحو العبور العظيم.


إن الإرادة المصرية تاريخ لا يفنى ولا يستحدث من عدم.. وأيضاً لاينفذ وهم لا يستوعبون ذلك.. فإذا كانت تلك الإرادة توحدت تحت رايتها جميع فئات الشعب.. فعادت من جديد فى 30 يونيو بعد أن عاودت أطراف شبكة الظلم الدولى محاولاتها بعد انتصارات أكتوبر عبر السنوات المختلفة أن تدعم وتساند وتمول تنظيم الإخوان الإرهابى لتوصله لحكم مصر بعد سنوات طويلة من نصر العبور العظيم.. متوهمين أن الدولة المصرية قد انهارت أخيراً وعادت جثة هامدة بعد أن تصورا أنهم أحكموا سيطرتهم على وطن بحجم مصر.


فلم يكونوا مدركين حدود الإرادة المصرية ووعى الشعب عندما يتعرض وطنهم للمخاطر.. نجد الجميع توحد دون إشارة أو استدعاء من أحد.. إنها فطرة هذا الشعب العظيم الذى لا يمكن الاستهانة بقدراته.. ومدى توحده عندما يشعر بالظلم أو أن هناك مؤامرة تحاك ضد وطنه فكانت 30 يونيو التى تمثل استدعاء كاملا لمخزون الإرادة والفطرة والغريزة المصرية.. فمثلما كان 6 أكتوبر 73 عبوراً نحو النصر واستعادة الأرض ، كانت 30 يونيو عملية شاملة لإنقاذ الوطن من الاحتلال الإخوانى..

ومن لم يكن يدرك ذلك فهو نفسه الذى سبق له السير فى طريق الوهم بأن الدولة المصرية عام 67 قد انهارت.. ثم عاد استدعاء وهمه بعد أن تدارك ولملم أشلاءه فى أعقاب 6 أكتوبر ليصل إلى عام 2012 حينما شعر بزهو الانتصار بعد أن نجح المعزول المتخابر ليصبح رئيساً لمصر ، ليتفاجأوا بأن معركة الشعب المصرى أصبحت وجودية بين الدولة واللا دولة.. وليست كما حاولوا تصويره بأنها قانونية بين الشرعية وعدم الشرعية.


ومن لم يدرك قيمة الدولة المصرية لن يرحمه التاريخ.. فمثلما نجحت الإرادة المصرية فى أكتوبر ويونيو.. نجحت فى تقويض الإرهاب بعد أن ظنوا أن مجموعات القتل المنظم يمكنها إعادة احتلال ما روته الدماء المصرية عام 73 فى سيناء فى ذات الوقت استكملت مصر التحرير.


وربطت بين الشرق والغرب بأنفاق عالمية احتار العالم فى سرعة ودقة تنفيذها.. وتدفقت مياه النيل العظيم عبر سحارة سرابيوم لرى الأرض السيناوية بالماء بعدما خضبتها الدماء.


وشيدت المشروعات العملاقة على الأرض الطاهرة لتعلن أن إهمال السنوات الثلاثين الماضية قد انتهى بلا رجعة.. وأن ما كان يمكن تنفيذه سابقاً فى سنوات طويلة.. تبنيه السواعد المصرية فى أيام لتلحق بركب الجمهورية الجديدة التى عنوانها: الإرادة المصرية الجبارة.


تلك هى القصة.. وهذا هو التاريخ لمن لا يقرأ أو يستوعب «فمصر» هى العنوان الرئيسى للإرادة.. وثمن تلك الإرادة رصيد ضخم من الدماء المصرية سالت فى حب هذا الوطن.. ولاتزال.. لأن مصر.. بلد لا يعرف المستحيل.