«دينية الشيوخ»: العلماء والشرطة والجيش يسعون لاستعادة مكانتنا بين الحضارات

مجلس الشيوخ
مجلس الشيوخ

أكد الدكتور يوسف عامر، رئيس لجنة الشؤون الدينية والأوقاف في مجلس الشيوخ، نائب رئيس جامعة الأزهر السابق، أن صناعة الحضارة فريضة إسلامية، ومرحلة سامية من مراحلِ التطورِ الإنساني وَمظَاهرِ الرقي العلمي والفني والأدبي والاجتماعي.

وأضاف عامر، في كلمته بالمؤتمر الدولي الثاني الذي نظمته كلية أصول الدين بالمنوفية تحت عنوان «مقاصد القرآن والسنة وأثرها في بناء الحضارة الإنسانية»، أن الحضارة ترتكز على عدة أمور أبرزها عبادة الخالق، وعمارة الأرض، وتربية النفس والوجدان، وأن الشريعة أَرستْ أُسسَ إقامة حضارة عظيمة لكل البشر، انطلاقا من مبدأ الإيمان بالله تعالى، وربطِ كل أسباب الحضارة بهذا المبدأ العظيم. 

مقاومة التطرف

وأوضح رئيس لجنة الشؤون الدينية، أن الحضارةَ نتاجُ جهودٍ جبارةٍ صاغتها عقولٌ وعلومٌ وآدابٌ وثقافات، مشدداً على ضرورة أنْ يسبقَ هذه الجهودَ سياجٍ من الفكرِ المتوازنِ الذي يهيئُ الأفرادَ لاستيعاب هذه المهمةِ الثقيلة، لذا حرص القرآنُ الكريمُ على التوازن الفكري، الذي يبدأُ من وجوبِ الإيمانِ بالله تعالى، والبعد عن كُلِّ إفراطٍ أو تفريطٍ فكريٍ أو سلوكيٍ على مستوى الفردِ أو المجتمعِ، ومقاومةِ أيِ فكرٍ متطرف. 

مناخ حضاري

وشدد عامر على أن التوازنَ الفكريِّ في المجتمع يمهدُ لوجود الاستقرارِ المجتمعي، ودليل للتماسك والقوة، خاصة أن التوازن والاستقرار، يكونان مناخًا قابلاً لقيام الحضارة، وبدون الاستقرارِ فلا يمكن ذلك، ما يؤكد الدور الكبير الذي يقوم به العلماء ورجالِ الجيشِ والشرطةِ للوصول إلى هذا الاستقرارِ المنشودِ ونتمكنَ من استعادة مكانتِنا اللائقةِ بين الحضارات. 

عمارة الأرض

وطالب عامر بتفعيل منظومة الأخلاق المنبثقة من العقيدة الراسخة، والتوسع في طلب العلم، مصداقاً لقوله تعالى: "اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ"، وقال في موضع آخر: "وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا"، موضحاً أن القرآن الكريم حثّ على طلب العلوم التجريبية والكونية، لأنها أساس منظومة عمارة الأرض، فضلاً عن التعمير في كافة المجالات، مع وضع في الاعتبار أسباب التعارف والتعايش التي تعد من السنن الإلهية العظيمة.

استفادة عصرية

ولفت نائب رئيس جامعة الأزهر السابق إلى أن القرآن الكريم راعى الانفتاح على الحضاري والاستفادة من مميزات الحضارات الأخرى، من خلال القصص القرآني للأمم السابقة التي حققت النهضة العمرانية والزراعية والعسكرية وغيرها، مناشداً إحياء مشروع القراءة الحضارية للعلوم الشرعية، وإقامة دورات تدريبية وورش عمل دائمة لأعضاء هيئة التدريس للحوار حول سُبُلِ الاستفادةِ العصرية من التراث وكيفيةِ صياغةِ وعرضِ المنهج الأزهري بشكلٍ يخدمُ ويواكبُ مستجداتِ الواقع.

ودعا عامر، إلى تبني مشروع بحثي موسع لتقريب البحوث المؤصلة لطبقات المثقفين، والمتمثلة في إعادةُ عرضِ مضامينِ هذه البحوثِ بصورةٍ مبسطةٍ، مع الحفاظ على عمق الفكرةِ وأصالتِها بالوسائل المكتوبةِ والمرئية، على غرار ما قامَ به أشقاؤُنا المغاربة، الذين أبدعوا في كتاباتٍ مُتميزةٍ لتقريب العقيدةِ الأشعريةِ والمذهبِ المالكي والتصوفِ السني لِتُنَاسبَ مختلف طبقاتِ المجتمع.