الطاووس.. من منا لا يستمتع بالنظر إليه والإعجاب به خاصة عندما يبدأ بعرض نفسه نافشا ريشه بألوانها المبهرة والمتناسقة، ولكن إذا اختفى هذا الريش الملون فتجد نفسك أمام طائر أقل من العادي فهو حتى لا يمكنه الطيران.
وتعد هذه هي نقطة التلاقي بين الشخص النرجسي والطاووس.. فالنرجسي كما عرفه العلماء بأنه اهتمام استثنائي بالذات أو الإعجاب بها خاصة المظهر الجسدي للذات، ليأتي السؤال الأكثر أهمية هل كل شخص مهتم بنفسه ويقدر ذاته يعد شخص نرجسي!؟.
بالتأكيد لا.. فالعلماء يروا أنه من الطبيعي أن يهتم الإنسان بنفسه ورغباته ولكنه يتحول إلى مرض يتم تشخيصه في ضمن أمراض الصحة النفسية والتي تحتاج إلى علاج ضروري إذا وصل إلى حد الإفراط في حب الذات والاهتمام بالمظهر الخارجي وراحة الذات وتضخيم الفرد من أهميته وقدراته وهو ما يطلق عليه " اضطراب الشخصية النرجسية".
وبحسب موقع " BBC" فإن خبراء الصحة العقلية حددوا 9 معايير تشخيصية لمرضى اضطراب الشخصية النرجسية وحتى يتم تصنيف الشخص على أنه نرجسي يجب أن يحقق 5 معايير على الأقل من هذه المعايير وهي أن يكون لديه شعور مبالغ فيه بأهمية الذات وأن يمتلك أوهام النجاح والقوة والإعجاب المفرط بنفسه الذي يجعله يؤمن بأن شخص فريد من نوعه وشعوره دائما بأنه يستحق الأفضل وأن يصل معه الأمر أن يكون استغلالي ويحسد الاخرين ولا يتعاطف معهم وفي نهاية هذه المعايير أن تدل مواقفه على التكبر والعجرفة.
وعلى الرغم من أن الشخص النرجسي يسبب نوع من المعاناة أو المصاعب للمحيطين به إلا انه يعتبر الأكثر سعادة مقارنة بمعظم الناس حيث كشفت دراسة حديثة قام بها عدد من الباحثين من جامعة "كوينز بلفاست" أن هؤلاء الأشخاص قد يثيرون غضب الآخرين لكنهم أقل عرضة للتوتر أو الاكتئاب فهم يعيشون مستويات منخفضة من التوتر وأقل عرضة للنظر إلى الحياة على أنها مرهقة فثقتهم بأنفسهم وشعورهم المتزايد بأهميتهم تبدو وكأنها صفات وقائية ضد التوتر.
كما أن حبه لذاته المبالغ فيه قد تفيده على المستوى الوظيفي ولكنها قد تضر بقدرة المؤسسة على الاستمرار طويلا فمن خلال رؤيته لذاته متضخمة جدا وإلحاحه الدائم على جذب الانتباه إليه يدفعه ذلك أن يكون في حالة عرض مسرحي دائم لنفسه فيبالغ بشكل تلقائي في تصوير خططه وأفكاره الخاصة بالعمل وهو ما قد يغري رؤساءه بقبول تلك الخطط والأفكار حتى لو لم تكن تستحق مما ينتج عنها قرارات سريعة ومغامرة غير محسوبة والتي تؤثر على المؤسسة على المدى الطويل.
ومن خلال مسح تم إجرائه على عينة مكونة من 200 مدير تنفيذي في إيطاليا اكتشف الباحثون أن الأشخاص الحاصلين على درجات عالية من النرجسية في الاستبيان قد حصلوا على ترقيات في مؤسساتهم بوتيرة أسرع من غيرهم بنسبة 29% فتوصل الباحثون إلى نتيجة مفادها أن إلحاح النرجسيين في الترويج لأعمالهم تؤتي ثمارا على صعيد الترقي الوظيفي أكثر مما يؤتي العمل الجاد مع الأشخاص المتواضعين.
وفي كافة الأحوال لا يدرك النرجسيين أنهم على خطأ لأنهم يرون أنفسهم الأفضل دائما لهذا غالبا ما يرفضون العلاج والذي يعد شكل من أشكال العلاج النفسي الصعب لأن إقناع المريض بوجود مشكلة لديه أمر صعب جدا فهم يعتقدون أن الآخرين يتحملون المسؤولية وليس هم كما أنهم يصلوا إلى حد التشكيك في أهمية الشخص الذي يعالجهم.
