التكنولوجيا صناعة «النفس الطويل».. والبنك المركزى و«الجهاز القومى» يقودان الشمول المالي

اتصالات مصر: فرص الاستثمار فى مصر «لا نهائية».. وضخ 5 مليارات جنيه هذا العام

المهندس حازم متولي رئيس شركة اتصالات مصر
المهندس حازم متولي رئيس شركة اتصالات مصر

لأوقات طويلة سبقت ذلك الوقت الذى نحياه، كانت موجات متكررة من انحسار كبير تحدث مابين فترة وأخرى فى سريان المعلومات أو توافرها، وحتى اذا توافرت المعلومة وباتت مشاعًا على مسامع ومرأى جميع المتابعين والمهتمين لشأن قطاع معين فى مصر، كان من الصعب إيجاد من يبوح بها برصانة ومن دون استهداف لمنافس بعينه أو لقرار من قرارات الدولة فى لحظة ما، والصعب دائما كان ايجاد «مَن يقول ماذا وكيف يقوله ومتى».. وهذا شأن يبدو من طبائع رؤوس الأموال، وذلك خشية أن تُمس هذه الاستثمارات بشكل ما، ولا يهم جنسية هذا الاستثمار سواء محليا أو عربيا أو أجنبيا أو حتى متعدد الجنسيات، المهم أن القائمين عليه فى مناصب قيادية لا يجسرون مهما علا شأنهم على الاقتراب من موضوعات تبدو شائكة ولا يستطيع أحد الاجتراء عليها ولا حتى التلميح بها ولو من بعيد.. ولما بدت الصورة بهذا التلكؤ فى التصريحات والمعلومات، كان المهندس حازم متولى الرئيس التنفيذى لشركة اتصالات مصر، لا يخجل فى القول بينما لا يميل للاصطدام، يعرف قيمة العلامة التى يعمل لها جيدا ولا يزج باسمها فى أية صغائر.

كان حازم متولى أول رئيس تنفيذى مصرى يتقلد المنصب بنفسه، وكان يرى دائمًا أن الوضوح يسرع وتيرة حل الأزمات قبل تفاقمها، أو على الأقل يزيد الأمر سهولة ويسرا. بنفس المنطق يتعامل المهندس حازم متولى مع عملاء الشبكة الخضراء فى مصر. ستة أعوام قضاها حازم متولى فى موقعه ليس أكثر أو أقل، كانت كفيلة بأن تتغير خلالها آليات السوق ومعطياته، وتفرض نوعا جديدا من التكنولوجيا، وتكشف احتياجات مختلفة للعملاء، وترصد أنماطا متعددة للمستهلكين، وترفع شأن شركات وتُحسن سُمعتها، وتُهلك سمعة شركات أخرى مهما كانت جنسية استثمارها.

المهندس حازم متولى الرئيس التنفيذى لشركة اتصالات مصر اختص «الأخبار» بحوار صحفى، حكى خلاله عن كل ما يخص شأن هذه الصناعة فى مصر.

أسعار الاتصالات على منحنى الهبوط عالميًا .. ومرحلة كورونا «صعبة»

3 مشغلين يتنافسون على 20% فى سوق الانترنت الثابت .. ولا «حرق» للأسعار

85% من العملاء «كارت».. وسعر الخط عادل .. وأكره «لخبطة» العميل

لدينا شهية لترددات جديدة ونسدد حقوق تشغيلها بقروض دولارية من بنوك أجنبية

نحو 15 عاما مضت على دخول واحد من أكبر مشغلى المحمول والاتصالات محليا وعربيا.. كيف ترى هذه السوق؟
 الحديث عن هذه السوق الآن من أسهل ما يكون، كذلك اذا أردت الحديث عنها مع دخول اتصالات مصر السوق، لكن الأصعب دائما هو الحديث عن المشوار خلال هذه الفترة، فمؤسسة اتصالات لما قررت دخول مصر كانت ترى فرصا لا نهائية وفرصا عظمى للتوسع والانتشار، ولذلك اتخذت المجموعة قرار دخول مصر، ربما فى ذلك التوقيت كان القرار صعبا، وخاصة مع ضخامة الاستثمار الذى التزمت المجموعة بضخه فى رخصة تشغيل الخدمة فى مصر، إلا أن الرؤية كانت واضحة، وهى نفس الحالة الموجودة الآن، ذلك بالطبع دون إغفال تطور التكنولوجيا وتوسع الاحتياج إليها، والحركة السوقية نفسها.

والحقيقة أن صناعة الاتصالات بصورة عامة تستطيع أن تصفها بصناعة النفس الطويل، بمعنى أنك فى حاجة دائمة لضخ استثمار جديد لمواكبة الاحتياج وتطوير التكنولوجيا، لكن على أية حال هى صناعة لها آليات تستطيع القياس عليها، مثلا قدرتك على التنبؤ بمسار واحتياج العملاء وقدرتك الدائمة على التواؤم مع هذه الاحتياجات وتوفيرها بأعلى جودة ممكنة، وفى كل الأحوال أعود للإجابة عن سؤالك وبعد مشوار طويل خاضته شركة اتصالات فى مصر أستطيع أن أؤكد لك أن السوق المصرية صاحبة فرص لانهائية.

وكيف تستطيع تقييم حجم الفرص فى مصر؟
- بحسبة بسيطة، راقب دائما مؤشر الناتج المحلى الإجمالي، إذا وجدته فى ارتفاع ونشاط فهذا يعنى نشاطا فى قطاعات عديدة، جميعها يحتاج خدمات الاتصالات والتكنولوجيا، مثل قطاع الإسكان والتوسع العمرانى فى مصر، ولا تنس دور السياحة فكلما زادت حركة السياحة ارتفعت العائدات الدولارية للدولة ومشغلى الاتصالات أيضًا، ونحن نلمس الآن معدلات ممتازة فى حركة السياحة الوافدة إلى مصر.

وكيف كانت فترة كورونا؟
- صعبة.

وبذكر قدرتكم على فهم وتلبية حاجة العملاء، ما تقديرك لقدرة اتصالات مصر على التواؤم مع احتياج وسلوك عملائها؟
- هذا سؤال أنتظره، نحن وبكل ثقة أول شبكة فى مصر قدمت خدمة معرفة الرصيد للعميل مجانا عقب كل مكالمة، هكذا بدأنا مشوار بناء الثقة مع العميل، وأنا أكره «لخبطة» العميل أو التسبب فى أى التباس عليه فيما يتعلق بفواتيره أو استهلاكه.

وكم تخططون لضخ استثمار جديد هذا العام؟
- حوالى خمسة مليارات.

تعاقدتم مع الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات على حق استغلال وتشغيل ترددات جديدة العام الماضي.. هل تسلمتها الشركة؟
- لا، أعتقد قبل نهاية العام.

 هل سددتم أيا من قيمة هذا التعاقد؟
- بالقطع.. ١٦٢ مليون دولار.

هل لديكم نية للاستثمار فى مزيد من الترددات؟
- لدينا دائما شهية للتوسع.

على ذكر الدولار، كيف تؤمن الشركة احتياجاتها من العملة الأجنبية؟
- لدينا مصدران للدخل الدولارى هنا فى مصر، مثل العائد من استغلال حقوق البوابة الدولية، وكذلك الدخل من استخدام خدمات التجوال للمكالمات الدولية.

اذن.. هل تأثرت عائدات خدمات التجوال بسبب انخفاض حركة التنقل والسفر خلال جائحة كورونا؟
- لا، لم تتأثر فقط، تستطيع الجزم بأنها توقفت تمامًا، وهذه أيضًا كانت فرصة جديدة للتوسع فى خدمة العملاء بطريقة أخرى، فاستطعنا عقد شراكات جديدة مع مشغلين فى البلدان المختلفة بمنطقتنا، وبعض الدول الأخرى التى يكثر بها نسبة المصريين العاملين بالخارج، لتقديم خدمة اتصالات جيدة تليق بعميل الشركة على شبكتنا.

هل تتأثر العائدات بشكل عام نتيجة إجراء المكالمات عبر الإنترنت؟
- بالقطع تتأثر.

وما تقييمك لأسعار خدمات الاتصالات والمحمول فى مصر؟
- هذا سؤال تتسع الإجابة عنه، لكن أسعار خدمات الاتصالات فى العالم على منحنى الهبوط التدريجي، ومحددات التسعير بصفة عامة، فعملية التسعير تخضع دائما لعامل تقدير القوة الشرائية فى السوق، وذلك يقودنى لإجابة السؤال، الحقيقة أن متوسط أسعار الدقيقة والميجابايت فى مصر من أقل الأسواق عالميًا.
.. وسعر الخط؟
- عادل.

وكيف تراقب مناخ التنافسية بين المشغلين؟
- جيد جدا، شوف.. كلما ابتعدت عن حروب الأسعار، أو حرق الأسعار باللفظ الدارج، تأكد أن المنافسة ستكون صحية، وهذه أيضًا من مميزات سوق الاتصالات المصرية، فحرق الأسعار يظل يهبط بسعر الخدمة فتتأثر الشبكات نفسها، وتنعدم الملاءة المالية على تحقيق الاستدامة فى الاستثمار، فينهار السوق، أما المنافسة فواجبة بقوة لمصلحة العملاء.

أيهما أكثر حجم العملاء الفاتورة أم الكارت المدفوع مسبقا؟
- 85% من عملاء السوق زبون كارت.

وما مدى حجم الإقبال على استخدام الإنترنت المحمول؟
- أكثر من نصف عدد عملائنا يستخدمون الإنترنت يوميًا.

تحدثت عن حرية المنافسة، أين المشغل الأخضر من هذه المنافسة فى قطاع الإنترنت الثابت؟
- هذه السوق فى مصر لها طبيعة خاصة جدا، فهناك لاعب أكبر يحتل مساحة نحو 80% من السوق وبقية المشغلين الآخرين للخدمة يتقاسمون الـ 20% الباقية، لكن ومع ذلك فنحن موجودون فى هذه المساحة بحصة جيدة، بعد أن حصلت الشركة على رخصة تشغيل الاتصالات فى المجتمعات العمرانية المغلقة منذ قرابة عامين، أما عن الهاتف الثابت فالشركة تقدم هذه الخدمة كمنتج تكميلي.

هل تواجه اتصالات مصر أية مشكلات فى «تخريج» مستحقاتها الدولارية؟
- لا إطلاقا، لكن نحن نعيد استثماره فى مصر للوفاء باحتياجات العملاء المتجددة.

إذن هل تقترض لسداد قيمة حصص الترددات الجديدة؟
- لدينا قروض دولارية من بنوك غير مصرية.

وكيف ترى التوسع فى سوق الهاتف المحمول؟
- شوف.. السوق متشبعة بنسبة تقترب من 98% ومع ذلك حققنا نسبة نمو فى حجم العملاء يقترب من 3% وهذه نسبة غير هينة، واستطعنا تحقيق 18% ارتفاعا فى حجم الإيرادات وذلك حتى الربع الأول من العام الماضي، قبل جائحة كورونا.

دعنى أشر هنا أيضا إلى مسألة مهمة جدا فيما يتعلق بفترة الجائحة، نحن فى اتصالات مصر أدركنا قيمة هذه الفرصة مبكرا جدا، واستثمرناها فى صيانة وتحسين الشبكة نفسها، وأستطيع الجزم بكفاءة وقدرة 8000 برج وموقع ومحطة تشغلها الشبكة على مدار اللحظة.

هل السماح للعملاء بالانتقال بين المشغلين كان فى صالح اتصالات مصر؟
- العميل المصرى حر تمامًا الآن يملك قرار مغادرته لمشغل ما أو البقاء معه، وهذه من السنن الحسنة التى فرضها الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات على جميع المشغلين، وبالطبع فى صالحنا، فنحن نستهدف خدمة جميع فئات العملاء بلا تفرقة فى جودة الخدمة التى ينتظرونها.

وكيف ترى لائحة الجزاءات المقررة على مشغلى المحمول من جانب الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات؟
- بداية لا يجب لمشغل ما التحفظ أو الاعتراض على ماتقرره الدولة فى تنظيم سوق معينة، والدولة هنا يمثلها الجهاز القومى، ونحن نتعاون بشكل دائم ونقدر التزام الجهاز بضبط الأداء العام للشركات لمصلحة المواطن المستهلك. لكن صدقنى.. ما يدفع اتصالات مصر وأى مشغل يقدر عملاءه يجتهد لتقديم خدمة جيدة ليس خوفا من الجزاءات ولكن احترام العميل.

تتحدث دائما عن قدرتكم على كسب ولاء العملاء والدور الذى يتوجب على المشغلين تأديته، ما هو معيار قياس نجاح الشركة فى هذه المنطقة؟
- إذن لنتحدث بشكل أكثر تحديدا، فاذا اخترنا خدمة مثل خدمات تطبيق «كاش»، أو تحويل الأموال عبر المحمول، اتصالات مصر رقم 2 فى السوق المصرى من حيث تداول الأموال عبر المحفظة، والحقيقة أن هذه الخدمة أحدثت طفرة فى الزمن المستهدف لنموها، فالنمو المتوقع فى حجم العملاء خلال عام كامل تحقق فى 6 أشهر، بفضل شراكة قوية مع بنك القاهرة، وهذا يؤكد لك قوة الخدمات التى تقدمها الشركة، ودعنى أشر هنا الى مسألة مهمة جدا، هى صلابة وقوة البنك المركزى وعزمه الحقيقى على تسهيل كل مايؤدى إلى اتمام عملية الشمول المالي، وكذلك إلى قوة الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات وجدارته فى تنظيم هذه العملية.

وهل يمكن الأخذ بالقياس على تطبيق واحد؟
- ننتقل مثلا للحديث عن تطبيق «ماى اتصالات»، والهدف من اطلاق هذا التطبيق بالتحديد هو ما سلف وتحدثنا عنه وهى الشفافية مع العميل، ومصارحته باستهلاكه ومستحقاته، فلدينا يوميا نشاط على هذا التطبيق يصل الى حوالى 2 مليون عميل وهذا الحجم من الحركة يؤكد ثقة العميل فى منتجات المشغل الذى ينتمى له.

وهل حققت التطبيقات الأخرى التى أتاحتها الشركة لعميلها نفس النجاح، بالتحديد فيما يخص الألعاب والموسيقى والرياضة والخدمات الاخبارية؟
- شوف.. هذا سؤال جيد، لكن نمو حجم الاقبال على تطبيق ما لا يحدث صدفة أو فجأة أو بصورة لحظية، هذه مسألة تستغرق عملا دؤوبا لكسب الثقة، وتأكيدها، أما عن تلك التطبيقات فالحقيقة أنها جيدة جدا وفى طريقها لتحقيق نجاح أكبر، فاحتياج العميل ينمو يوميًا.

 قبل أن ننتهي.. دعنى أسألك عن سير استثمار اتصالات مصر فى العاصمة الادارية الجديدة، وما هو نوعه؟
- الاستثمار فى المشروعات القومية للدولة هو توجه رئيس لدى مجموعة اتصالات، والتزام واضح من اتصالات مصر تجاه خطة الدولة، والاستثمار فى العاصمة بالنسبة لنا يعتبر أحد أهم المشروعات التى نود تقديمها على أكمل وجه وجودة، فمصر و للمرة الأولى تنشئ مدينة ذكية بالكامل، ومشروعنا هناك يسير وفق جدول زمنى صارم ونحن ملتزمون به.

أما عن نوعه فبعد فوز اتصالات مصر فى مناقصة أعلنتها شركة العاصمة الادارية الجديدة، بات علينا تأسيس المنصة الالكترونية التى سيتم عبرها دفع وتحصيل قيمة مقابل الخدمات التى سيحصل عليها قاطنو العاصمة، سواء خدمات الكهرباء والغاز والمياه وكذلك تقديم خدمة عملاء تتناسب مع هذا المشروع القومي، وذلك لمدة خمس سنوات قادمة، وننفذ الجداول الزمنية لهذا المشروع بمنتهى الدقة.