طبيب نفسي: ليس بالضرورة أن تكون دوافع الإلحاد دينية.. والأسرة «طوق النجاة»

د.محمد المهدى
د.محمد المهدى

أطلق مؤخراً مجمع البحوث الإسلامية مسابقة علمية لمواجهة الإلحاد بين الشباب، فهل أصبح ظاهرة أم رد فعل أم مجرد موجة عابرة؟ وكيف تتصرف الأسرة فى حالة اكتشاف إلحاد أحد أفرادها؟..

فى السطور القادمة يوضح لنا الدكتور محمد المهدى أستاذ الطب النفسى ذلك. 

يقول المهدى: الإلحاد هو إنكار وجود الخالق، وميل عن الطريق والفطرة السليمة، التى فطر الله الناس عليها وقد كان جرس الإنذار عام ٢٠١٣ فى مقال لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية تتحدث عن زيادة الملحدين فى بعض الدول العربية، بالإضافة إلى ظهور بعض الملحدين على مواقع التواصل الاجتماعى يجاهرون به ويكتبون تدوينات تحكى تجاربهم الشخصية للشباب. 


لماذا يلحدون 


ويضيف: الإلحاد ظاهرة متواترة فى كل العصور والمجتمعات البشرية حتى فى وجود الأنبياء والرسل، فالله سبحانه وتعالى فتح الاختيار للإنسان فى معتقداته الدينية، والإلحاد مستويات متعددة منه المطلق وهو إنكار الألوهية والربوبية وما يتفرع منها من رسل ورسالات وإلحاد جزئى، وهو الاعتراف بوجود الله مع إنكار تصرفه سبحانه فى شئون البشر أى إنكار الربوبية، وإلحاد عابر فى مرحلة من مراحل العمر، خاصة لدى المراهقين والشباب، وأخيراً ابتزازى لجذب الانتباه. 


ويؤكد: ليس بالضرورة أن تكون دوافع الإلحاد دينية، بل أحياناً تكون بسبب دوافع نفسية أو عائلية أو اجتماعية وغيرها، رغم أنه دائماً ما يبدو أنها مسألة دينية عقيدية، فلابد أن تدرس كل حالة بمفردها، لأنه قد وجد من متابعة حالات الملحدين أنه لا تجدى معهم الحوارات الدينية رغم تقديم الأدلة والبراهين من كبار العلماء والوعاظ لعدم فهم سبب كل حالة وهذا يغرى الملحد على الجدال الذى يتقنه لإثبات قدرته على الانتصار على محدثه وإفحامه. 


وينبه: أهم أسباب الإلحاد هو محاولة التخلص من القيود، التى تفرضها الأديان على الناس خاصة الأشخاص الذين يكرهون القيود، هذا بالإضافة إلى الهوة العميقة بين القيم المعلنة والقيم السائدة فى المجتمع، فيشعر الشاب بأنه يعيش فى مجتمع منافق يقول شيئاً ويفعل شيئاً، وقبل إن يصل الشاب إلى هذه المرحلة يعانى فترة طويلة من الغضب وفقدان المعانى فى كل ما يعيشه، فهو فى صراع بين المتناقضات فى حياته لا يجد لها مخرجاً إلا إنكار كل الثوابت وعلى رأسها الدين وأيضاً هناك أنواع من الخطاب الدينى تسهم فى الإلحاد، فالخلط بين الأصول والفروع والثوابت يجعل بعض الفروع تبدو كأصول وثوابت يصعب قبولها عند بعض الناس. 


 ويؤكد: لابد لنا أن نفرق بين الخارج من الدين والخارج على الدين، فالأول لديه مشكلات فى قناعاته الدينية أدت إلى انسحابه من الدين بشكل فردى فى هدوء وربما مع الوقت وتغيير الأحوال تتغير قناعاته، ولكنه فى النهاية لا يحاول زعزعة عقيدة الآخرين والترويج لأفكاره، أما الثانى فو لا يكتفى لنفسه إنما يدعو غيره إلى الإلحاد بهمة ونشاط، وأخيرا أنصح أى أسرة إذا اكتشفت أن لديها ملحداً أن تتحلى بالصبر وطول البال وأن تحتويه رغم تمرده العقدى وتستبقى حبال الود والتراحم معه، لأن ذلك حبل الإنقاذ ولا تطرده وتتبرأ منه، لأنه يزداد عناداً، ثم يأتى دور الوعاظ والعلماء، ويجب إجراء دراسات علمية متخصصة لبحث دوافعه وتدريب الشباب على فهم الظاهرة وكيفية التعامل مع الملحدين مع معالجة قضية اغتراب الشباب، التى ترتكز على مشكلات سياسية ودينية تجعلهم فى حالة انفصال عن مجتمعاتهم.