شمس مصر تشرق على القارة السمراء

حدث عندما ترأست مصر الاتحاد الأفريقى.. السيسى يقود القارة على طريق التنمية والاستثمار

الرئيس السيسى خلال إحدى القمم الأفريقية
الرئيس السيسى خلال إحدى القمم الأفريقية

 

بعد انقطاع دام ربع قرن تقريبا عن رئاسة الاتحاد الأفريقى، عادت مصر لتتولى دورها الريادى من جديد داخل القارة السمراء، وجاء انتخابها لتولى رئاسة الاتحاد الأفريقى عام 2019 ليؤكد هذا التوجه، ويدعم المجهودات التى يقوم بها الرئيس عبد الفتاح السيسى من أجل تعزيز العلاقات وسبل التعاون مع دول القارة، استعادت مصر هذا المنصب بعد غياب لسنوات كثيرة منذ عام 1993، مما جعل الأمر يحمل دلالات عديدة، ومنح عام الرئاسة المصرية العلاقات مع بقية الدول زخما خاصا، حيث تبنّت مصر رؤية شاملة للتعامل مع قضايا القارة ومواجهة تحدياتها، وهكذا مضت السياسة المصرية فى اتجاهين متوازيين، يعتمد الأول على تعزيز العلاقات الثنائية، ويركز الثانى على هموم القارة والسير على طريق تنميتها.

وبمجرد توليه رئاسة الاتحاد قام الرئيس عبد الفتاح السيسى بالعديد من الزيارات، كما أجرى العديد من اللقاءات الثنائية، لدفع العمل الأفريقى المشترك، وبحث سبل مواجهة تحديات القارة،  فقد قام  بست زيارات لدول أفريقية، تنوعت أهدافها لتشمل التعاون الثنائي، ومناقشة القضايا والتحديات التى تواجه القارة، فضلا عن حضور قمم أفريقية. حيث توجه الرئيس إلى اثيوبيا فى 9 فبراير 2019 لتسلم رئاسة الاتحاد وحضور القمة الأفريقية بأديس أبابا، كما قام بزيارة تونس فى 31 مارس من نفس العام للمشاركة فى أعمال الدورة العادية الثلاثين  للقمة العربية، وزار النيجر فى 8 يوليو ليترأس القمة الاستثنائية للاتحاد الأفريقي.

غينيا وكوت ديفوار
وعلى مستوى العلاقات الثنائية زار الرئيس غينيا وكوت ديفوار والسنغال فى إبريل 2019، وأجرى لقاءات مهمة مع رؤسائها، لبحث سبل وآليات التعاون الثنائي، فضلا عن مناقشة الرؤية المصرية للارتقاء بدور وفعالية الاتحاد الأفريقي.

كما التقى الرئيس مع عدد من نظرائه الأفارقة خلال زياراته الخارجية أو قام باستقبالهم فى مصر، وشملت اللقاءات رؤساء دول وحكومات كل من جنوب أفريقيا، وموزمبيق، وغينيا كوناكري، وكوت ديفوار، والسنغال، والصومال، وتشاد، وجيبوتي، وإريتريا، والنيجر، وبوركينا فاسو، وكينيا، وسيراليون، وإثيوبيا، وغانا، ونيجيريا، ورواندا، وجزر القمر، وركزت المباحثات فى كل منها على تعزيز العلاقات الثنائية، جنبا إلى جنب مع دفع العمل الأفريقى المشترك، وتنسيق المواقف حول القضايا القارية ذات الاهتمام المشترك وجهود مكافحة الإرهاب.

وجاء المنتدى الأفريقى الأول لمكافحة الفساد الذى عقد فى يونيو، بناء على مبادرة أطلقها الرئيس السيسي، وشارك فيه 55 دولة عربية وأفريقية و200 مسئول رفيع المستوى، ناقشوا جهود عدد من الدول فى مكافحة الفساد، وآليات تنفيذ ذلك على مستوى القارة، وفى سبتمبر استضافت القاهرة اجتماعات المنتدى الأفريقى الخامس للهجرة على المستوى الوزاري، الذى استعرض إحصاءات الهجرة على ضوء الأهمية التى توليها مصر لتطبيق أهداف العهد الدولى للهجرة، الذى أقرته الدول الأعضاء بالأمم المتحدة فى ديسمبر 2018، واستضافت خلال نفس الشهر الاجتماع الموضوعى لعملية الخرطوم، الذى ركز على تقنين هجرة العمالة بالتنسيق مع كل من الاتحاد الأفريقى والاتحاد الأوروبي.

ونظمت وزارة الاستثمار بالتعاون مع وزارتى الخارجية والتجارة والصناعة مؤتمر «أفريقيا 2019 » فى نوفمبر، وحمل شعار «استثمر فى أفريقيا» وشهد عرض الأفكار والتجارب الخاصة برواد الأعمال، وتوضيح كيفية احتضانها وتنفيذها على أرض الواقع لرفع شعار «صنع فى أفريقيا »، وفى نفس الشهر تمت استضافة المؤتمر الثانى عشر لشبكة المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان الأفريقية والدورة العادية 34 للجنة الخبراء الأفريقية لحقوق الطفل ورفاهيته. وجاء منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة الذى تم إطلاق نسخته الأولى فى ديسمبر، ليبحث كيفية استثمار موارد القارة وتحويلها إلى قيمة مضافة، وقد شارك فى المنتدى الذى تقرر عقده سنويا رؤساء دول وحكومات ومسئولون رفيعو المستوى من الحكومات والمنظمات الدولية والإقليمية، والمؤسسات المالية والقطاع الخاص والمجتمع المدنى والخبراء، للتباحث بشأن التحديات والفرص التى تواجهها القارة، ووضع التوصيات الكفيلة بالتعامل معها.

إنهاء الصراعات
لم تقتصر الملتقيات على دفع التنمية بالقارة، بل امتدت لتتعامل مع قضاياها الساخنة، حيث استضافت مصر العديد من القمم التى ناقشت هذه القضايا، ومن أهمها القمة والاجتماع رفيع المستوى لـ «الترويكا» الأفريقية ولجنة ليبيا فى إبريل 2019.. لمناقشة آخر التطورات على الساحة الليبية، وسبل احتواء الأزمة وإحياء العملية السياسية والقضاء على الإرهاب. وقد ترأس الرئيس السيسى  الاجتماع الذى شارك فيه رؤساء رواندا وجنوب أفريقيا عضوى الترويكا، ورئيس الكونغو بصفته رئيسًا للجنة المعنية بليبيا فى الاتحاد، بجانب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي. وأكد السيسى خلاله على ضرورة القضاء على كافة أشكال الإرهاب والميليشيات المسلحة فى ليبيا، وطالب المجتمع الدولى بتحمل مسئوليته تجاه وقف التدخلات الخارجية المتكررة فى ليبيا.

كما استضافت القاهرة القمة التشاورية للشركاء الإقليميين للسودان، التى عقدت أيضا بمبادرة من الرئيس السيسي، وأكد رؤساء الدول والممثلون المشاركون بها على مبادئ وأهداف الاتحاد الأفريقى نحو تعزيز السلم والأمن والاستقرار فى القارة، وأكدوا التزامهم بوحدة وسيادة وتماسك السودان وسلامة أراضيه، وأعربوا عن دعمهم الكامل لدور الاتحاد الأفريقى و«إيجاد» ودول الجوار، فى مساندة جهود الخرطوم لتجاوز التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية التى تواجهها البلاد.

كما كان لمصر دور محورى خلال هذا العام فى حل أزمات القارة وإسكات البنادق فى بعض دولها، حيث ساهمت فى التوصل لاتفاق تاريخى بين المجلس العسكرى الانتقالى السودانى وقوى المعارضة السودانية لتقاسم السلطة ووقف إطلاق النار. كما جاء التدخل المصرى ليحسم نسبيا أزمة عمرها سنوات حول الحدود البحرية بين كينيا والصومال، بعد أن استجاب الرئيس السيسى لطلب البلدين باعتباره رئيسا للاتحاد الأفريقي.

تعزيز الاستثمار
وخلال عام رئاسة الاتحاد كان للرئيس السيسى حضور دولى قوي، حيث قام  بتمثيل القارة السمراء فى العديد من القمم الدولية، وحمل على عاتقه مهمة استعراض مختلف التحديات التى تواجهها القارة، ودعا لتعزيز التنمية فى دولها كى تنطلق نحو مستقبل أفضل. ومن  أبرز هذه الفعاليات قمة مجموعة العشرين فى اليابان فى يونيو، قمة مجموعة الدول السبع الكبار G7 الذى عقد فى فرنسا فى أغسطس، وخلال هذه القمة عقد الرئيس جلسات ثنائية مع الرئيس الأمريكي، ورئيس الوزراء البريطاني، والمستشارة الألمانية، وعدد من قادة العالم والزعماء الأفارقة.

وعلى الجانب الاقتصادي، اعتبر الرئيس السيسى الاستثمار فى القارة هدفّا أساسيًا، سعى إلى تحقيقه بطرق عدة، حيث اهتم بمجموعة من الأولويات خلال فترة رئاسته الاتحاد، أهمها تنفيذ مشروعات البنية التحتية فى أفريقيا للمساهمة فى تحقيق التكامل الاقتصادى والاندماج الإقليمى وتعزيز التجارة البينية. وفى سبيل ذلك، أعلن الرئيس عن تنفيذ عدد من المشروعات الكبرى لربط  دول القارة ببعضها، ومنها ربط القاهرة بكيب تاون، لتعزيز التبادل التجارى بين مصر والسودان وإثيوبيا وكينيا وتنزانيا وزامبيا وزيمبابوى والجابون وجنوب أفريقيا، وهو أطول طريق برى يربط شمال أفريقيا وجنوبها بطول 9700 كيلو متر. كما يعد ربط البحر المتوسط ببحيرة فيكتوريا أحد أهم مشروعات البنية التحتية فى القارة السمراء، لأنه سيسهم فى توطيد العلاقات بين مصر وأفريقيا، خاصة فى مجالى تنشيط السياحة والتجارة البينية، إضافة إلى فتح أسواق للتصدير إلى دول أوروبا عن طريق مصر.

ويأتى مشروع الربط الكهربائى بين الشمال والجنوب كأهم مشروعات الربط الكهربائى فى العالم. ولم يكن الاهتمام بالاستثمار تحت مظلة الاتحاد الأفريقى فقط، بل تم فى إطار العلاقات الثنائية أيضا، حيث واصلت الشركات المصرية مشروعاتها العملاقة فى القارة، ومنها مشروع إنشاء سد «ستيغلر جورج» فى تنزانيا.. كما وضعت مصر بصمتها فى مشروعات المياه أيضا، حيث اتفقت وزارة الرى مع أوغندا على تنفيذ 3 مشروعات تنموية، منها مشروعان للتعاون مع وزارة الزراعة والثروة الحيوانية والأسماك، هما المشروع المصرى الأوغندى لمقاومة الحشائش المائية، ومشروع إدارة الحشائش المائية ببحيرتى «كيوجا وألبرت»، أما المشروع الثالث فيتم بالتعاون مع وزارة المياه والبيئة الأوغندية، ويشمل إنشاء 5 خزانات لحصاد مياه الأمطار، وحفر عدد من الآبار الجوفية للشرب والتدريب وبناء قدرات الأوغنديين العاملين فى مجالات الموارد المائية والري.

إعادة الإعمار
وحقق الرئيس السيسى خلال فترة رئاسته للاتحاد الأفريقى العديد من الانجازات على مستوى القارة، من أبرزها توقيع مصر اتفاقية استضافة مركز الاتحاد الإفريقى لإعادة الإعمار والتنمية بعد النزاعات، وتوقيع اتفاق استضافة الجزائر لمقر اللجنة الإفريقية للطاقة، والمشاركة فى تعديل قواعد المركز الدولى لتسوية نزاعات الاستثمار التابع للبنك الدولى بمقر البنك فى واشنطن. بالإضافة لتعاون الاتحاد الإفريقى مع الصين لتوصيل الكهرباء لنحو 600 مليون مواطن بالقارة.. وتعد أهم هذه الانجازات دخول اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية حيز التنفيذ بعد تصديق 24 دولة من بينها مصر.