«الإفطار الأخير» | سهرة تليفزيونية ضلت الطريق إلى المهرجان!

لقطة من «الإفطار الأخير»
لقطة من «الإفطار الأخير»

«الإفطار الأخير» أحدث أفلام المخرج السورى الكبير عبد اللطيف عبد الحميد الذى يعرضه مهرجان الإسكندرية السابع والثلاثون لسينما دول البحر المتوسط ضمن مسابقة الأفلام الطويلة، ومن خمسة أفلام يحتفى بالسينما السورية من خلالها، كان بلا شك أكثر الأفلام التى انتظرتها اشتياقا لإبداع مخرج عربى مهم، طال غيابه عن المهرجانات المصرية بعدما قاطعها ثمانى سنوات اعتراضا على موقف مهرجان القاهرة السينمائى عام ٢٠١٣ من فيلمه «العاشق» حيث رفضت إدارة المهرجان عرضه تضامنا مع المعارضة السورية.

يسبق العرض شوق كبير وتوقع أكبر بمفاجأة فنية مؤثرة، فالفيلم كتبه المخرج بعد رحيل زوجته ومصممة أزياء أفلامه منذ بدايته الفنية ومنها «ليالى بن آوى» و«رسائل شفهية» و«صعود المطر»، وحتى «الإفطار الأخير» الذى كان رسالة حب لزوجته الراحلة، ويبدو أن حالة الحزن أربكته فقدم أقل أفلامه فنيا.

يبدأ الفيلم بحالة رومانسية لأسرة تعيش حياة مهددة كحال أهل سوريا، صوت الانفجارات هو الأعلى، يبث الفزع والخوف فى قلب الزوجة العاشقة «كندة حنا» والتى تشعر بقرب رحيلها فتدعو زوجها «عبدالمنعم عمايرى» لإفطار أعدته وتخشى أن يكون الإفطار الأخير، وتسأله ماذا سيفعل لو ماتت اليوم؟ أيتزوج غيرها؟ وتوصيه لو حدث أن يتزوج چومانة!..

كل هذا والزوج لا يأخد كلامها مأخذ الجد ويضيق صدره بما تقول، حتى تحدث الفاجعة ويعود إلى بيته بعد يوم عمل مرهق فيجدها قد ماتت إثر انفجار، تنقلب حياته رأسا على عقب، وتطارده روح زوجته فى كل مكان حتي يقترب من الجنون، ويقرر لينهى تلك الحالة أن ينفذ وصيتها ويتزوج چومانة، ليبدأ حياة جديدة مع أنثى تحبه، ليصالح الحياة من جديد، لكن أعداء الحياة يفجرون سيارته لتحترق ويلحق بزوجته الحبيبة.

يترنح الفيلم بين الواقع والخيال بإيقاع رتيب لم يفلت منه كل عناصر الفيلم إلا الزوجة راندة التى كانت أفضلهم أداء، ويعود بنا المخرج لأجواء الخمسينات، مؤثرات بصرية عفا عليها الدهر وتكنيك قديم لتصوير السيارات والشوارع، الحوار مباشر وساذج والممثلون افتقدوا البوصلة فلم يعرفوا طبيعة الفيلم والدور فتاهوا بين الكوميديا والميلودراما.. 

الارتباك كان سيد الموقف فى هذا الفيلم الذى حاول المخرج من خلاله أن ينفث عن حالة الحزن على رحيل زوجته فحرص على ترديد جمل وشعارات مؤثرة لكنها زادت الإحساس بالمباشرة وكأنه يقرأ من كتاب أو أوتوجراف: «أسوأ أنواع الرحيل أن يرحل عنك من لم يرحل منك» ثم أراد أن يسبغ عليه حال الحياة فى سوريا ليكسبه عمقا فخاصم المنطق وأصبح ساذجا.

الفيلم مفاجأة غير متوقعة ولا يرقى لأفلام عبد اللطيف عبد الحميد السابقة أبدا، ولا يتجاوز سهرة تليفزيونية متواضعة مضمونا وإخراجا مهما حاول أن يغلفها بأى بعد سياسى.