الحصار والمجاعة فى حرب الحكومة الإثيوبية ضد التيجراي

الاطفال ضحايا سياسة المجاعة والحصار فى تيجراى
الاطفال ضحايا سياسة المجاعة والحصار فى تيجراى

كتبت: مروى حسن حسين

لا تزال أزمة إقليم تيجراى فى إثيوبيا تحظى باهتمام دولى وأممي، فى ظل جرائم الحرب التى يرتكبها آبى أحمد رئيس وزراء إثيوبيا ضد جبهة تحرير تيجراي.

حذرت الأمم المتحدة على مدار أشهر من المجاعة فى هذا الجانب المحاصر فى شمال إثيوبيا، ووصفتها بأنها أسوأ أزمة جوع فى العالم منذ عقد، والآن تكشف وثائق داخلية وشهادات شهود عن أول وفيات من الجوع فى اقليم تيجراي منذ فرض حكومة إثيوبيا ما وصفته الأمم المتحدة بأنه حصار فعلى للمساعدة الإنسانية.

فبعد أشهر من إحراق المحاصيل وتجريد المجتمعات فى العراء، بدأ نوع جديد من الموت بدون بارود، وأصبحت المجاعة القسرية هى الفصل الأحدث فى صراع يتعرض فيه أبناء تيجراى للقتل والاغتصاب الجماعى والطرد.

وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية سلطت الضوء على الأوضاع المتدهورة فى إقليم تيجراي، وكيف أصبح سكان المنطقة يموتون جوعاً فى ظل الحصار الذى تفرضه حكومة إثيوبيا عليهم.

وقالت الوكالة إنه فى بعض مناطق تيجراي، لا يأكل الناس سوى أوراق الشجر الخضراء على مدار أيام، وفى كل مقاطعة من أكثر من 20 مقاطعة تعمل فيها إحدى منظمات الإغاثة، يموت السكان جوعاً.

وقال هايلوم كيبيد، المدير العام لأحد مستشفيات تيجراى، إنهم يقتلون الناس، وروى كيف أخبر وزارة الصحة فى إثيوبيا بذلك فى هذا الشهر.

وقدم هايلوم للوكالة صور لنحو 50 طفلاً يتلقون عناية شديدة للغاية بسبب معاناتهم من سوء التغذية، وهى أول صور تظهر من تيجراى منذ أشهر. .

أصدرت الولايات المتحدة إنذارًا نهائيًا بضرورة اتخاذ خطوات لوقف القتال والسماح بتدفق المساعدات بحرية، أو فرض موجة جديدة من العقوبات فى غضون أسابيع.

وشهدت الأيام القليلة الماضية وقوع صدام حاد بين الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس جو بايدن، والحكومة الفيدرالية الإثيوبية بقيادة آبى أحمد، على خلفية استمرار الأخير فى جرائمه بحق عرقية «التيجراي»، وتعرض مئات الآلاف من السكان لخطر الموت جوعاً.

آبى أحمد الذى شن حملة عسكرية على إقليم تيجراى فى نوفمبر من العام الماضي، أصبح فى موقف صعب، بعدما طالته الاتهامات الدولية وكشفت عدة منظمات عن الجرائم التى تمارسها قواته بحق ملايين من التيجراي، وفى مقدمتها استخدامه لسلاح «التجويع» من أجل كسب الحرب ضد جبهة تحرير تيجراي، خاصة مع تقدم الأخيرة خلال الأيام الماضية وتحقيقها لانتصارات كبيرة. من جانبها، فتحت الأمم المتحدة تحقيقا قد يقود الحكومة الإثيوبية إلى محكمة حقوق الإنسان فى لاهاي. وبحسب ميشيل باشيليت، المفوض السامى للأمم المتحدة بشأن هذه المسألة، فإن هناك أدلة كافية بالفعل لتحديد وقوع حالات هجمات عشوائية ضد السكان المدنيين.

بدأت الحرب كنزاع سياسى بين رئيس الوزراء، آبى أحمد، والتيجراى الذين سيطروا لفترة طويلة على الحكومة الوطنية فى إثيوبيا. وقال شهود عيان إن القوات الإثيوبية والقوات من إريتريا المجاورة نهبوا مصادر الغذاء ودمروا المراكز الصحية منذ نوفمبر 2020.

فى يونيو الماضي، استعاد مقاتلو تيجراى السيطرة على معظم وأكثر المناطق استراتيجية فى تيجراي. وأعلنت الحكومة الإثيوبية وقف إطلاق النار، بحجة أسباب إنسانية، إلا أنها أغلقت المنطقة أكثر من أى وقت مضى، خشية أن تصل المساعدات إلى قوات تحرير تيجراي.

فى المقابل، نفى رئيس الوزراء الإثيوبى ومسئولون كبار آخرون وجود مجاعة فى تيجراي. وألقت الحكومة باللوم على قوات تيجراى وانعدام الأمن فى مشاكل توصيل المساعدات.
تشير أسوشيتيد برس، إلى تقارير حصلت عليها من منظمات إغاثية، أن رسالة أحد المانحين والتى حصلت عليها الوكالة الأمريكية، أن التقارير عن عدة مناطق فى تيجراى «مروعة»، وإذا لم يتم ايجاد حل بشكل عاجل «سيموت العديد من الناس بسبب الجوع».

فى أبريل، حتى قبل فرض الحصار الحالي، كتبت مجموعة مانحة تقرير يفيد بأن «تقارير سوء التغذية متفشية، وأن 22 شخصًا فى منطقة فرعية واحدة قد ماتوا جوعاً.. وبدأ لون بشرة الناس يتغير بسبب الجوع. لقد بدوا هزالين مع بروز عظام الهيكل العظمي».

وأكد مكتب الشؤون الخارجية فى تيجراى أن 150 شخصًا على الأقل ماتوا جوعاً فى أغسطس، بما فى ذلك فى مخيمات النازحين.

قدر خبراء الأمن الغذائى قبل أشهر أن 400 ألف شخص فى تيجراى يواجهون المجاعة، أى أكثر من بقية العالم مجتمعًا، لكن الحصار يعنى أن الخبراء لا يمكنهم جمع البيانات اللازمة لإصدار إعلان رسمى عن المجاعة..سيكون مثل هذا الإعلان محرجًا للغاية لإثيوبيا، التى استحوذت فى الثمانينيات على اهتمام العالم بمجاعة شديدة، مدفوعة أيضًا بالصراع وإهمال الحكومة، مما أدى إلى مقتل حوالى مليون شخص. منذ ذلك الحين، أصبح ثانى أكبر بلد فى إفريقيا من حيث عدد السكان قصة نجاح من خلال انتشال الملايين من الفقر المدقع وتطوير أحد الاقتصادات الأسرع نموًا فى العالم. الآن أصبحت الحرب ضارة بالاقتصاد وقال برنامج الأغذية العالمى التابع للأمم المتحدة الأربعاء الماضي إن معدلات سوء التغذية تقترب من 30٪ للأطفال دون سن الخامسة وتقترب من 80٪ للنساء الحوامل والمرضعات.

يقول مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إن الانتهاكات ارتُكبت من قبل جميع الأطراف، على الرغم من أن روايات الشهود حتى الآن تشير إلى أن الفظائع الأكثر انتشارًا كانت ضد المدنيين فى تيجراى.

وتقول الأمم المتحدة إن ما لا يقل عن 100 شاحنة محملة بالطعام والإمدادات الأخرى يجب أن تصل إلى تيجراى كل يوم لتلبية احتياجات الناس، ولكن اعتبارًا من 8 سبتمبر الجاري وصل أقل من 500 شاحنة على الطريق الوحيد الذى يمكن الوصول إليه فى المنطقة.