أمنية

حكاية الوعد

محمد سعد
محمد سعد

لم تكن الفكرة وليدة اللحظة، لكنها كانت نتاج عمل مائة وأربعين يوما متواصلة، نعم كل هذا الوقت استغرقناه كى يخرج إلى النور العدد التاريخى لجريدة الأخبار صباح الإثنين الماضى فى 76 صفحة وهى المرة الأولى التى تخرج فيها الجريدة لقرائها فى هذا العدد من الصفحات، وهذا الكم الهائل من الموضوعات والحوارات.
اليوم الثالث من شهر مايو أول أيام عيد الفطر المبارك وكان للمفارقة أيضا يوافق الإثنين اقترحت فكرة العدد على أستاذ الأساتذة وشيخهم الكاتب الصحفى خالد ميرى رئيس التحرير، الذى تحمس للفكرة أن تصدر الأخبار عددًا تاريخيًا بمناسبة قرب إعلان الرئيس عن تدشين الجمهورية الجديدة وكذلك قرب انتقال الحكومة وأجهزة الدولة إلى مقرها الجديد فى العاصمة الإدارية.
أتذكر حينها أن رئيس التحرير قال: إن جريدة الأخبار كانت ولاتزال حاضرة فى كل الأحداث التى مرت بها مصر طوال الـ69 عاما الماضية، ولابد أن تشارك فى هذا الإنجاز بعدد يليق بمكانة هذا الإنجاز، واقترحنا موعدا مبدئيا أن يظهر العدد فى منتصف أغسطس الماضى إذا ما استقبلت العاصمة الإدارية الحكومة خلال هذا التوقيت أو تأجيله إلى سبتمبر إذا تأخرت عملية الانتقال، ويمكن أن نصدر قبل هذا الانتقال لتكون الأخبار أول من شارك فى صنع الحدث كعادتها دائما وأبدا.
أيضا فى هذا اللقاء كلفنى شيخى ومعلمى أن أختار مجموعة عمل مصغرة تكون نواة لتطوير الفكرة ووضع تصور نهائى لها تحوى الموضوعات المطلوبة، والشخصيات المراد استضافتها على صفحات الجريدة، وشكل الصفحات، على أن تكون المادة المقدمة جديدة على القارئ من حيث المضمون والشكل، وكعادته عرض المساعدة والعمل بنفسه فى أى موضوع أو حوار يتطلب وجوده.
لم يكن فى مقدورى أن أختار إلا زملائى الأفذاذ مصطفى على والسيد شكرى أمهر من عرفت فى مجال الكتابة وإعادة صياغة المادة الصحفية بين أبناء جيلنا، والمخرج الصحفى المبدع أحمد كمال صاحب مدرسة التجديد والإبداع فى الإخراج، وعقب إجازة عيد الفطر اجتمعنا أول اجتماع وعرضت عليهم الفكرة وموافقة رئيس التحرير، وكما توقعت أخذهم الحماس إلى عنان السماء، وتبارى الجميع فى طرح الأفكار والتصورات.
افترقنا بعد اللقاء الأول على وعد بعقد اجتماع آخر بعد عدة أيام، حتى يتسنى للجميع أن يأخذوا قسطا من التفكير وأن يرتبوا تصورا كاملا فى عقولهم، وبعد عدة أيام وكانت فى أواخر شهر مايو اجتمعنا للمرة الثانية، وأخذ كل منهم يطرح رؤيته على الجميع ويناقشهم فيها، وفى النهاية توقفنا على أن نأخذ كل الأفكار التى طرحت وتكليف الزملاء بها للعمل عليها مباشرة، وللحق أن جميعها كانت متميزة وجديدة ، وربما وجد القارئ نفسه أمام لون جديد فى الصحافة، فهو لم يعهد من قبل أن يكتب له وزراء الحكومة، ولا تبحث الجريدة فى طول مصر وعرضها أن سيدات صنعن المجد ليصلن إلى العالمية، ولا أن يعرض عليه معايشة حية من أرض المشروعات التنموية، والأمثلة كثيرة للغاية.
اتفقنا أن تخرج الجريدة فى أربعة ملاحق بالإضافة إلى عدد الجريدة واخترنا اسم «الوعد» ليكون عنوان الملحق الرئيسى والثانى يحكى قصة العاصمة الإدارية نواة الجمهورية الجديدة والثالث عن أهم إنجاز تمر به الدولة خلال صدور الملحق وكان أفضل الاختيارات أن يكون عن إنجازات الشباب والرياضة نظرا لعدة أسباب منها مشاركة مصر فى دورة الألعاب الأولمبية والبارالمبية بالإضافة للدعم المستمر الذى يوليه الرئيس شخصيا لملف الشباب، ووقع الاختيار على الزميل العزيز ياسر عبد العزيز ليتولى هذه المهمة، والملحق الرابع عن ملف التمويل العقارى الذى أحدث طفرة حقيقية فى ملف الإسكان.
ومنذ ذلك اليوم انطلق العمل لأيام متواصلة من التاسعة صباحا وحتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالى لتنفيذ وتجهيز الصفحات وكان الجميع ينتظر بفارغ الصبر «يوم العشرين من سبتمبر» كى يسمع هدير ماكينات الطباعة العملاقة داخل مجمع أخبار اليوم الطباعى لتعلن عن مولد الوعد، وللحق كانت ردود الأفعال غير متوقعة والإشادات من كل حدب وصوب، والثناء لا مثيل له وكل ذلك كان بفضل الله وتوفيقه.
شكرا لكل زملائي الذين شاركوا فى هذا العمل الذي سيبقى حاضرا فى جميع الأذهان فلولاهم ما كان هذا الإنجاز قد تحقق.