فى الصميم

ملفات «القوة الناعمة» المصرية على «أجندة» الدولة

جـلال عـارف
جـلال عـارف

جميل أن تمتد مظلة التأمينات والرعاية ضد المخاطر إلى الفنانين والمبدعين، وأن يكون ذلك ضمن اهتمامات الرئيس، وأن تصدر تكليفات واضحة بإزالة كل المصاعب بالتعاون بين مؤسسات الدولة والنقابات المختصة.
الكثيرون قد لا يدركون أهمية مثل هذه الخطوة. يقرأون عن الملايين التى يتقاضاها النجوم، ويتابعون أحيانا تصرفات سفيهة من بعض من جاءت بهم الظروف السيئة لينالوا الشهرة والثراء على حساب الفن، ثم يتصور الكثيرون أن هذا هو حال كل من ينتسب إلى عالم الإبداع أو يشارك فى صناعة الفن والانتاج الإبداعى.. وهو وهم كبير!
الأوضاع ليست على ما يرام بالنسبة لمعظم المبدعين وأيضا لآلاف الفنيين الذين يمثلون جزءاً مهما من ثروتنا الفنية وضلعاً أساسياً فى صناعة السينما والدراما والغناء الأمر كان ذلك من سنوات وازدادت وطأته مع «كورونا» وتبعاتها. والأسباب عديدة والنتيجة هذا التراجع الكبير فى الإنتاج السينمائى والدرامي، وإذا كانت الأوضاع قد بدأت تتحرك أخيراً إلا أن إنتاج عشرة أفلام سينمائية وثلاثين مسلسلاً فى العام لا يمكن أن يكون مقبولاً فى دولة تملك هذه الثروة من الإمكانيات الإبداعية والفنية، والأمر يمتد أيضاً إلى عالم الموسيقى والغناء الذى يملؤه الضجيج بدلاً من الإبداع.
قرار مد مظلة التأمينات والرعاية الاجتماعية للفنانين والفنيين فى النقابات الفنية مهم جداً خاصة بعد السنوات العجاف فى الإنتاج الفنى لكنى أفهم الأمر على وجه آخر.. إنه يعنى أن الملفات الخاصة بالقوة الناعمة المصرية قد وضعت على طاولة البحث والقرار من جانب الدولة فى أعلى مستوياتها. والأمر هنا بالتالى لا يقف عند مد مظلة التأمينات الاجتماعية رغم أهمية ذلك وضرورته، لكنه لابد أن يمتد إلى تذليل كل المصاعب أمام الإبداع الفنى والثقافى لتنطلق قوة مصر الناعمة بكل إمكانياتها وبأقصى طاقاتها لتجعل الحياة أجمل ولتجعل مصر أقوى وأبهي.
المطلوب بعث الحياة فى كل ستوديوهات السينما والدراما والتليفزيونية. وبذل كل الجهود لكى تضىء أنوار المسارح، ولدعم الموسيقى والغناء الجميل حتى لا تترك الساحة للضجيج الجاهل. والأهم أن ننهى فترة اغتراب قصور الثقافة وحصارها من جانب أعداء الفن والحياة، وأن نعيدها مراكز للإشعاع الثقافى والفنى وقلاعا للتنوير كما كان الحال قبل أن تداهمنا عواصف الجهل والتطرف المعادية لكل ما هو جميل فى الحياة.!
أى رؤية استراتيجية صحيحة لابد أن تدرك أن دور القوة الناعمة المصرية ضرورى لنا ولكل الوطن العربى الذى يواجه تحديات كبيرة وحروبا متواصلة يتم فيها استخدام كل الأسلحة بدءاً من التآمر مع عصابات الإرهاب وحتى استخدام القوى الناعمة من جانب الأعداء.
نحن الاقوى فى هذا الصراع. وقوانا الناعمة تدعم كل ما هو جميل فى حياتنا، وكل ما يعزز القوة المصرية والعربية فى مواجهة دعوات هدم الأوطان وما يجعل الإنسان أقوى وهو يقاتل خفافيش الظلام ويتصدى لأعداء الحياة.
نحن فى حاجة لاستنهاض كل القوى الناعمة فى الفن والثقافة. وإزالة كل العقبات أمامها لتزدهر وتبدع. الظروف تحتم ذلك والوطن يحتاج، وملفات القوى الناعمة لمصر تطرح على أعلى مستوى والقادم لابد أن يكون أفضل وأجمل.