نساء مؤمنات l تميمة بنت وهب أول صحابية طلقت ثلاثا واتخذت محللا

تميمة بنت وهب
تميمة بنت وهب

علية العسقلانى

تميمة بنت وهب بن عتيك النضرية امرأة مسلمة كانت تعيش فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم مع زوجها الصحابى رفاعة القرظى رضى الله عنه وكان يعاملها معاملة حسنة فعاشت معه عيشة هانئة، فى يوم من الأيام حدث خلاف بينهما فطلقها ثلاثا فبانت منه بينونة كبرى أى لا يحل له أن يراجعها إلا إذا تزوجت غيره وعاشرها معاشرة الأزواج وطلقها أو توفاه الله، لقول الله عز وجل: «فإن طلقها فلاتحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون» (البقرة: 23)، تزوجت تميمة بعد انقضاء عدتها من الصحابى عبدالرحمن بن الزبير ولم تجد عنده ما كانت تجده من زوجها الأول من حيث متعة الفراش ومعاملة حسنة فكانت تذمه، وتطعنه فى رجولته فكان يهينها ويضربها، فالرجل لا يقبل أن تذمه زوجته أبدا بمثل تلك الأقوال والأفعال وتتهمه زورا وبهتانا بالعجز الجنسى لتعود لزوجها الأول.


>> ذهبت تميمة بنت وهب إلى السيدة عائشة بنت أبى بكر الصديق رضى الله عنها تشتكى زوجها عبدالرحمن وكانت تختمر بخمار أخضر وأرتها خضرة بجلدها من أثر ضربه لها وقالت للسيدة عائشة رضى الله عنها: إن هذا الزوج يعاملنى معاملة سيئة وأنا اغتريت بمنظره وشكله وجمال صورته وأريد الطلاق منه فلماجاء الرسول صلى الله عليه وسلم قالت أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها: يا رسول الله ما رأيت مثل ما يلقى المؤمنات - تعنى شدة الإيذاء الذى وقع على هذه المرأة من زوجها ووصفت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شدة ما رأت من أثرالضرب، فذكرت أن يدها أشد خضرة من الخمار الأخضر الذى ترتديه.


اتهام الزوج بالعجز
>> سمع عبدالرحمن بن الزبير رضى الله عنه أن زوجته تميمة ذهبت إلى النبى صلى الله عليه وسلم تشكوه فجاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم ومعه إبنان له من زوجته الأولى، فقالت تميمة للرسول صلى الله عليه وسلم: «أنا كنت عند رفاعة فبتَّ طلاقى فتزوجت عبدالرحمن بن الزبير وأنا معه مثل هدبة الثوب واتهمت زوجها بالعنة والعجز الجنسى فقال زوجها عبدالرحمن رضى الله عنه مدافعا عن نفسه: كذبت والله يا رسول الله إنى لأنفضها نفض الأديم. والأديم يطلق على الجلد والتشبيه هنا كناية عن كمال قوة الجماع، ولكنها ناشز - وهو امتناع المرأة عن معاشرة زوجها - تريد رفاعة زوجها السابق فبين لها صلى الله عليه وسلم إن كان الأمر كما يقول زوجها عبدالرحمن فإنها لاتحل لرفاعة زوجها السابق، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتريدين أن ترجعى إلى رفاعة لا حتى تذوقى عسيلته ويذوق عسيلتك»، وسأل الرسول صلى الله عليه وسلم عبدالرحمن: بنوك هؤلاء؟ فأجابه: نعم، فقال صلى الله عليه وسلم: هذا الذى تزعمين ما تزعمين من عنته وعدم قدرته على الجماع؟!! فوالله لهم - أى أولاده - أشبه فى الخلق من الغراب بالغراب فاستدل صلى الله عليه وسلم على كذبها فى دعواها بشبه الولدين له.


لعن الله المحلل
>> لقد نظم الشرع الحكيم أمور الزواج والطلاق حفاظا على الأعراض وحرصا على تكوين أسر مسلمة مستقرة، فعن عبدالله بن عمر رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال فى الرجل تكون له المرأة فيطلقها - أى يطلقها ثلاثا - و تبين منه فيتزوجها رجل قبل أن يدخل بها أى يطلقها قبل أن يعاشرها معاشرة الأزواج أترجع إلى الأول؟ أى هل يجوز لها أن ترجع إلى زوجها الأول بمجرد العقد وعدم الدخول بها؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم: «لا حتى يذوق العسيلة» وفى رواية: «حتى تذوق عسيلة الآخر ويذوق عسيلتها» وعن السيدة عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم قال العسيلة هى الجماع، ولابد أن يكون نكاح الزوج الثانى نكاح رغبة فى المرأة قاصدا دوام عشرتها، أما إذا قصد الرجل الثانى أن يحلها للأول فهذا هو المحلل الذى وردت الأحاديث بلعنه فقال صلى الله عليه وسلم: «لعن الله المحلل والمحلل له».