الغاية لا تبرر الوسيلة دائمًا..

نسرين موافي
نسرين موافي

بقلم: نسرين موافي

الغاية تبرر الوسيلة.. مقولة مشهورة لمكيافيلي، قصد بها في كتابه "الأمير" وضع فلسفة للحكم حسب رؤيته الفلسفية كسياسي و مفكر.

قصد بها أن مصلحة الدولة و مقتضيات استقرارها واستقرار الحكم تبرر اللجوء لأي عمل حتي لو كان لا أخلاقياً ، مقولة كُتبت في الأساس لتمثل فلسفته في الحكم  لكنها انسحبت علي حياة الكثيرين و أصبحت دستورا يبرر جميع الأعمال اللاأخلاقية و في بعض الأحيان يبرر بها البعض الموبقات و الكبائر حتي .

وغالباً ما تكون هذه الوسيلة هي الكذب ، أسهل و اسرع وسيلة ، بل إنه لولا أني أعلم أنها نقيصة لقلت أننا فُطرنا عليها ، منذ نعومة أظافرنا.

فمن منا لم يكذب ؟! 

الكذب هو أول وأسهل طريق يأتي في عقل المتهم حتي و لو كان طفلاً صغيراً متهماً بفعل ساذج ، خوفاً دائما من العقاب أو الحرمان من ما يملك حتي الخوف دائماً أول طريق الكذب الطويل و المثير الذي دائما ما تكون نهايته سلسلة من المآسي مهما طال  هذا الطريق . ‏

الكذب خطيئة لا تملأ قلب مؤمن ابداً، فلا يدمنها قلب مؤمن، فالإيمان والكذب لا يجتمعان ولا يتفقان، لأن الإيمان أساسه الصدق، والنفاق أساسه الكذب، فلا يجتمع كذب وإيمان إلا ويطارد أحدهما الآخر.

الكذب نقيصة مقيته ، يراها البعض أهون من كثير من المعاصي و الخطايا ، إلا أنها في نظري هي أول الخيط و الملازم لكل الموبقات و الكبائر.

هو صفة ملازمة لضعاف الشخصية و الشخصيات المهزوزة التي تتخذ منه ستار لنفوسها الخبيثة و تري فيه وسيلة سهلة لغاية خبيثة دائماً .

مهما اختلفت الدوافع له أو الأهداف من وراءه يبقي الكذب أقدم طريقه يأخذ بها من لا يستحق حق غيره سواء كان حق مادي أو معنوي .

هناك فرق بين ان يكون الكذب معصية قد نأتيها في لحظة ضعف و ان تكون أسلوب حياة و صفة ملازمة بل ان البعض يحترفها لتصبح مهنة يحترف معها النصب والاحتيال فتتحول من مجرد معصية الي وسيلة لكسب العيش و قد تتطور لان يصبح الكذب هو الغاية الذي من اجلها يدبر و يخطط المرء ليسعد برؤية نتائج كذبه و تحايله علي البشر يسعد حتي بشقائهم .

الكذب و إن هان تأثيره ظاهرياً الا أنه فعلياً بداية لأفعال مدمرة، الكذب يبدا تأثيره بأكل حقوق الغير، و يمتد احيانا للقتل فقد تخرج كذبة لتخرج انسان عن شعوره فيقتل تحت تاثير الحالة التي وصل لها فقط بكذبة .

حقيقة أنه لا غاية في الحياة تأتي بالكذب ، حتي و إن بدا هذا ظاهريا ممكنا ، حتي و إن اقتربت كثيراً من امتلاك غايتك بهذه الوسيلة الا ان الحقيقة أن ما بني علي باطل دائما باطل إلي زوال .

ليس من حق أي مخلوق أن يأخذ حق غيره بالكذب و الزيف ، بل أنك ليس من حقك أن تستحل مشاعر غيرك بالكذب ، أن تبتزه عاطفيا بالكذب حتي و إن كان هذا الكذب و الابتزاز في علاقة أسرية تحت مسمي فرط الحب، فأنت لا  تأذيه فقط في مشاعره بل تؤذي كل من يتعامل معه بعدك عندما يكتشف الحقيقة و المؤكد أنه سيكتشفها مهما طال الزمن ، أنت تجعله يفقد ثقته في كل ما حوله ، في أي مشاعر ، تنزع منه إحساس الأمان و الطمأنينة فيصبح رافضًا ان يطمئن لمخلوق و تؤذي من هم فعلا يهتمون لأمره لأنه رافض لوجودهم لعدم قدرته علي منح الثقة و الاطمئنان .

تجنبوه بل و فروا منه فالكذب يجني صاحبه الا الشقاء و للأسف ينسحب تأثيره علي من حوله و كل من يتعامل معه ، لا تجبروا أحدا علي الكذب لا تضطروه له ، لا تسألوا و تستفسروا عن أشياء تسيئ الي غيركم و لا تضغطوا عليهم ليكون الحل الوحيد أمامهم هو الكذب ، ولا تستبيحوا أو تستسهلوا الكذب فيراه ابنائكم و يتخذونكم للأسف قدوة .

ذكروهم أنكم بشراً قد تخطئوا لكن يظل الحق حق و الباطل باطل و الخطيئة أبداً لن تصبح هي الطريق الصحيح ليصبحوا بشراً أفضل بمستقبل واعد، ذكروهم بأن ( الغاية لا تبرر الوسيلة  ) خاصة فيما يتعلق بأخلاقهم ومعاملاتهم.