يحدث فى مصر الآن

ذكرى الأستاذ هيكل

يوسف القعيد
يوسف القعيد

بالأمس الخميس الثالث والعشرين من هذا الشهر كانت ذكرى ميلاد المرحوم الأستاذ محمد حسنين هيكل، وأنا أقرأ الآن الكتاب الضخم للدكتور محمد الباز: هيكل المذكرات المخفية. وله عنوان آخر: السيرة الذاتية لساحر الصحافة العربية. الكتاب يقع فى حوالى ستمائة صفحة من القطع الكبير. ولذلك أنا لا أعرضه. ولكنى أكتب عنه تحية لذكرى أستاذنا.
والكتب التى صدرت عنه فى حياته كانت كثيرة جداً من الصعب إحصاؤها. منها كتاب كتبته عنه: محمد حسنين هيكل يتذكر: عبد الناصر والمثقفون والثقافة. وهناك كتاب للصديق الأردنى خالد عبد الهادى. وكتاب لعبد الله السناوى. وكتب أخرى كثيرة من الصعب إحصاؤها. لكن كتاب محمد الباز فيه الجديد.
رغم كثرة الكتب التى صدرت عن هيكل سواء فى حياته أو بعد رحيله فى 17 فبراير 2016، أى منذ خمس سنوات مضت. وكتاب الباز خرج من رحم ما حكاه الأستاذ هيكل للمؤلف. يكتب: قلت للأستاذ هيكل أريد أن أسمع منك تاريخك الشخصى مع رؤساء مصر. سألنى: ولماذا أخصك أنت بهذه القصة الشخصية جداً. قلت: لأننى سأكون قادراً على الكتابة إذا سمحت الأقدار بذلك لخمسة أجيال قادمة. وأنت تطمح لأن تعيش عبر الأجيال القادمة.
ابتسم نصف ابتسامة وقال: اتفقنا. الكتاب إذن عبارة عن حوار طويل مع الأستاذ هيكل. لا أعرف لماذا لم ينشره المؤلف فى حياة الأستاذ؟ ونشره الآن فقط فى كتاب صدرت طبعته الأولى مؤخراً. لكنى أعتقد رغم كل هذا أنه كتاب مهم يُعتبر مرجعاً يمكن الوثوق به عند الرغبة فى القراءة عن هيكل. وهذه الرغبة عندى لم تتوقف أبداً. ولا أعتقد بالنسبة لى أنها قد تتوقف ليوم من الأيام. فقد عرفت هيكل - والرجل أكبر من كل الألقاب - عن قرب.
وعندما طرحت عليه فكرة إجراء حوار معه عن علاقات المثقفين بعبد الناصر الذى تمت من خلاله رحَّب فوراً. أما محمد الباز فيعترف أن مقابلته الأولى بالأستاذ هيكل كان مقررا لها 20 دقيقة فقط. لكنها استمرت لأكثر من 70 دقيقة. وهكذا كانت البداية.
يكتب محمد الباز:
- لقد ظل هيكل محتفظاً بحيويته حتى الأيام الأخيرة من حياته. التى ختمها وهو يحمل على كتفيه ثلاثة وتسعين عاماً. فما بالكم بحيويته عندما كان لا يزال فى الثانية والسبعين؟.
سأله: ماذا كان سيحدث لو ظل رئيساً لتحرير الأهرام طوال حياته؟ قال له هيكل: أعوذ بالله. لماذا خطر على بالك هذا الخاطر الشرير؟ أى شيطان ألقى فى خاطرك بهذه الفكرة؟ ثم قال له: إن الأقدار كانت رحيمة بى جداً عندما اصطدمت بالرئيس السادات كان يمكن بالفعل أن يمتد بى العمر فى الأهرام رئيساً لتحريره أو كاتباً به.
ووقتها كانت الأهرام ستحرمنى من كثير مما قمت به بعد تركى الأهرام. ثم نظر الأستاذ إلى كتبه التى كتبها باللغة الإنجليزية وقال: أنا أعتز بهذه الكتب جداً ولو أدرى لو كان العمر امتد بى فى الأهرام هل كنت سأتمكن من إنجازها أم لا؟ إنها ذكرى هيكل التى يمكن القول أنه من أصحاب الأعمار الطويلة. وتلك إرادة الله.