فرفش كده | شفطة شاى

 شفطة شاى
شفطة شاى

سمير المنزلاوى

كانت الستينات عصر البكاكين بلا منازع، وهى التى يسميها أهل البندر بالقرص، نفطر بها مع الشاى لا غير، ولأكلها طريقتان : 


نأكل قطمة ثم نتبعها بشفطة شاى طويلة، ونتلذذ بهذا المزيج الطرى أطول مدة ممكنة، قبل البلع.


أو نفتت البكونة فى الشاى حتى تصير مثل اللبن المسكر، فنلهطها بالملعقة حتى التفل.


لم يكن البسكويت المعلب قد ظهر بعد، ولكن بسكوتنا السنوى الذى يظهر فى العيد، ظل صناعة محلية يتجمع النساء لتجهيزه، فيضعن العجين المخلوط بالسمن والقرفة، فى المفرمة المعدنية التى تثبت بقاعدة متحركة على طرف الطبلية، وينفض المولد ويختفى بعد أيام.


تأخرنا طويلا فى معرفة بسكو مصر الملفوف فى ورق ملون، وقد أرشدتنا إليه أبلوات المدرسة، وبدأت الدكاكين تعرضه من أجلهن.


رأيته لأول مرة فى دكان أبى، مكببا مهيبا، فانتهزت فرصة وجودى بمفردى، وفضضت الغلاف بيد مرتعشة، فقابلتنى رائحة الفانيليا المنعشة، وبدأت أتناول القطع المرصوصة فوق بعضها، لكننى كدت أختنق، حيث تعجنت والتصقت بسقف حنكى، فهرعت إلى الزير أكرع الماء ليدفع تلك البلوى الى جوفى.
بعدها حدثت جفوة بيننا، وكنت أتعجب عندما أرى الأبله عطيات تجلس تحت شجرة كافور فى الحوش، وتفض الباكو، ثم تتناوله واحدة فأخرى بكل رشاقة، وبدون أن تجرى لتشرب.


هكذا ظهر غذاء الرفاهية فى القرية، وبدأت تهل أنواع أكثر جودة، تذوب فى الفم بلا منغصات، وتراجعت البكاكين الى الخلف حزينة مكسورة الجناح.
مضى وقت طويل حتى رأينا بسكويتا محشوا بالشيكولاته والكريمة، مكتوبا على غلافه الرقيق الذى يشبه الألومنيوم : ويفر !


واستمتعنا بإعلانات نوع فاخر منه، تسيل من التليفزيون ليلا ونهارا، وانبهر الكبار والصغار بصاحب مصانعه المتصابى، الذى كان يروج لمنتجه بصحبة زوجته الشابة الجميلة، وصار لذلك فعل السحر، حيث أصبح الجميع يطلبونه قائلين:
-هات لنا بسكوت الراجل اللى مراته حلوة