أحدب نوتردام.. تراجيديا قديمة بشكل جديد

نظرة على  مسرح الطليعة
نظرة على مسرح الطليعة

يقدم مسرح الطليعة بالعتبة التابع للبيت الفني للمسرح تحت إدارة المخرج عادل حسان مسرحيتين يمتد عرضهما طوال شهر سبتمبر، كما أن بداية الموسم في المسرح كانت بعد عيد الأضحى مع مسرحية “سيدة الفجر” في بدايات أغسطس وتم مد عرضها حتى الثالث والعشرين من نفس الشهر. 


الجدير بالذكر أن المسرح يحاول تقديم أعمال قوية تساعد على إنعاش حركة المسرح المصري بالأخص بعد أزمة كورونا التي سببت له أضرار كثيرة العام الماضي، فيقدم هذا الشهر تجربتين مسرحيتين مختلفتين من حيث الشكل والمضمون بين المسرح التجريبي والتقليدي، فيمكنك في يوم واحد وبتكلفة 60 جنيها تقريبا الاستمتاع بتجربة مسرحية مختلفة.

عرض طويل نسبيا مدته ساعتين من إخراج المخرج المسرحي الكبير ناصر عبد المنعم، مقتبس عن رواية تحمل نفس الاسم للفرنسي فيكتور هوجو من إعداد وترجمة للراحل أسامة نور الدين، العرض بطولة مجموعة من الشباب بين ممثلين وراقصين. تدور باختصار حول ازميرالدا الغجرية الجميلة التي يقع في حبها أربعة من المدينة وهم الشاعر جرانجور الذي يعد زوجها تقنينا، الضابط فيبوس، الأسقف كلود وأخيرا الأحدب القبيح كازيمودو، يحاول كلا منهم -ماعدا كازيمودو-  الحصول على قلبها وأحيانا جسدها مما يؤدي إلى هلاكها في النهاية. أما عن الأخير، فبالرغم من قبح وجهه إلا أنه الوحيد الذي أحبها بصدق وعَّرض حياته للخطر أكثر من مرة في سبيل إنقاذها، وفي النهاية يتم شنقها فيموت حزنا عليها في حضنها.


 بالرغم من أن الرواية الأصلي لهوجو تصنف على أنها تراجيدية رومانسية، إلا أنك تجد في العرض، وبالأخص في النص الأول أجواء بهجة عبر عنها بالغناء والأداء الحركي والألوان والبهرجة في الإضاءة مما يضعك أمام عرض استعراضي تظن أنه سيستمر بهذه السعادة للنهاية. وفجأة تتعقد الأحداث وتتشابك الخطوط الدرامية لتجد مشاهد درامية حزينة للغاية مثل مشهد جلد كازيمودو ومشهد مواجهة القس وازميرالدا، وفي النهاية يختتم بنفس كلمات أغنية المقدمة تقريبا ذات اللحن البديع أغنية حزينة مع استعراض يوحي بالكآبة والظلام. هذا التناقض بالإضافة إلى التقديم باللغة المصرية العامية جعل من الإعداد الدرامي لواحدة من أهم الروايات الرومانسية العالمية تجربة فريدة، لكن مع ذلك لا يمكن إنكار أنه بالرغم من الطول النسبي للمسرحية أن هناك قفزات وتطورات درامية في الشخصيات غير مفهومة. يرجع ذلك في الأساس لطول الرواية نفسها التي تمتد لـ 500 صفحة تقريبا بلغتها الأم وبالتأكيد محاولة إعدادها لتناسب التقديم على المسرح سيجعلها إما ستكون طويلة للغاية أو بها خلل في بناء بعض الشخصيات والأحداث.


على عكس الإعدادات المعروفة للرواية، حاول نور الدين تسليط الضوء على المربع الذي وقع في حب ازميرالدا بدلا من تناول قصتها مع الأحدب في ثنائية القبيح/ الجميل التي تشتهر بها الرواية في الأساس. فنجد مشهد درامي غنائي كامل يعبر كلا منهم عن مشاعره والطريقة التي يحب بها ازميرالدا سواء فيبوس، الذي يرى حبه لها تكرم منه عليها، والقس الذي يعاني بين حبها والفضيلة الذي من المفترض أن يدعو إليها وحتى كازيمودو الذي يعبر بكلماته عن حبه الصادق الطاهر لها وخوفه من رفضها له بسبب قبح شكله. وبنظرة أوسع يمكن أن نرى إسقاط في هذا المربع، حيث تمثل نفسها ازميرالدا الشهوة والجمال ويمثل كلا من الأربعة جانب من المجتمع، القانون والسلطة، الدين، الفن والشعب الطيب الساذج. 


اعتماد العرض على الأداء الحركي في أغلب المشاهد بسبب طبيعته المبهجة التي حاول الظهور بها جعلته أمام تحدي كبير أن يكون هذا الأداء منسجم وسلس، وهو ما لم يتحقق في بعض المشاهد حيث كان ضعيف وغير متناسق أحيانا ولكن مع خفة الممثلين وبالأخص من كانت شخصياتهم تضيف طابع الكوميديا على العرض كشخصية ميشيل وكلونان يتراجع مشكلة الأداء في الخلفية على حسب مهارة الممثلين. وبالتأكيد مع مخرج مسرحي قدير مثل ناصر عبد المنعم تأكد أنك سترى تجربة مسرحية مختلفة حتى ولو كان نص يتم تنفيذه بشكل مستمر.