أصوات من الهامش

صدام العمالقة

حسن حافظ
حسن حافظ

حسن حافظ

فى العصور الغابرة كان الصدام بين اثنين من الديناصورات كفيلا بإثارة الخراب فى مساحة واسعة من الأرض حولهما، شيء من هذا القبيل يبدو أن الأرض مقبلة عليه، فالصراع بين القوى الكبرى ينذر بانقسام العالم إلى معسكرين فى معركة لا تقبل القسمة، ولا التعادل، فأمريكا الطامحة لقرن جديد من هيمنة الكاوبوي، تعمل حاليا على عملية صف الحلفاء حولها لمواجهة اقتصادية مفتوحة ضد الصعود الصينى الذى يهدد الهيمنة الأمريكية وينذر بعالم متعدد الأقطاب.
الولايات المتحدة تحركت بشكل مفاجئ ودشنت تحالفا أنجلو سكسوني، يضم بريطانيا وأستراليا، فى خطوة تحول أستراليا القابعة غير بعيد عن بحر الصين، إلى ساحة مواجهة مع التنين الأصفر، خصوصا مع تزويد كانبرا بغواصات تعمل بالطاقة النووية، وهى الصفقة التى جاءت على حساب فرنسا التى خسرت صفقة بنحو 31 مليار يورو، فى خطوة كانت محرجة لباريس ومن خلفها برلين، إذ ظهر بوضوح أن التحرك الأمريكى يستبعد قلب أوروبا من مخططاته، بشكل سيؤدى إلى صعود اليمين الأوروبى الذى يرى ضرورة فك الارتباط الأمنى مع أمريكا والبدء فى الاعتماد على الذات عبر بناء قوة أوروبية مشتركة قد تكون بديلا فى المستقبل عن حلف الناتو.
فى المقابل لم تسكت الصين، التى ابتهجت بالخروج الأمريكى المذل من أفغانستان، إذ جمع حلفاؤها سريعا فى قمة شنغهاي، والتى تضم روسيا وعددا من دول وسط آسيا، لكن اللافت أنها ضمت رسميا خلال القمة الأخيرة دولة إيران، ليبدأ الحلف الصينى فى التشكل بعضوية موسكو وطهران وإسلام آباد. فى مواجهة الحلف الأمريكى الذى يضم لندن وكانبرا، فضلا عن الهند واليابان.
يبدو من المشهد أننا على أعتاب حرب عالمية قد تكون باردة وقد تكون ساخنة، لكنها ككل حرب ستكون لها خسائر، وأول من يدفع الخسائر الشعوب الفقيرة التى لا ناقة لها ولا جمل. الأكيد أننا جميعا سنتأثر بما هو قادم.