قطار التغيير نحو مصر الحديثة انطلق ولن ينتظر هواة النقد والثرثرة

د. شوقى علام مفتى الديار المصرية: الجمهورية الجديدة نموذج لبناء الدولة الحديثة المحققة لمقاصد الشريعة

د. شوقى علام مفتى الجمهورية خلال حواره مع «الأخبار»
د. شوقى علام مفتى الجمهورية خلال حواره مع «الأخبار»

يد بيد وكتف بكتف تواكب جهود مفتى الجمهورية الدكتور شوقى علام، ودار الإفتاء جهود الدولة فى كل المناحى، وخاصة فيما يتعلق بتجديد الخطاب الدينى وكشف زيف خطاب التطرف ودعاوى وفكر جماعات الإرهاب، وتسبق دار الإفتاء غيرها من المؤسسات الدينية فى طرق كل جديد وبذل كل جهد فى سبيل تحقيق هدفها وهدف الدولة المصرية فى محاربة التطرف والإرهاب وإرساء مبادئ الوسطية، وضبط فوضى الفتاوى وحماية فكر الشباب وبيان صحيح الدين.. هذا حوار مع الدكتور شوقى علام يأتى مواكبا مع حدث استثنائى وهو صدور القرار الجمهورى باعتبار دار الإفتاء من الجهات ذات الطبيعة الخاصة، ومد خدمة فضيلته عاما، وذلك بمثابة اعتراف بمدى ما بذله من جهد خلال السنوات السابقة ،ما جعل دار الإفتاء المصرية فى مقدمة دور الفتوى فى العالم وبمثابة القائدة لها.. ويكتسب الحوار خصوصية أيضا فى ضوء الفكرة الرئيسية له حول دور الجمهورية الجديدة فى إحداث تغيير فى الوطن وما يخطط للشباب والمرأة ومختلف الفئات تحت هذا العنوان.

محاور عمل «حياة كريمة» رحمة ونفع للبشر ومن مصارف الزكاة الشرعية

الرئيس يعمل على تحقيق وثبة حضارية شاملة ويقود مسيرة إصلاحية تجديدية

د. شوقى علام مفتى الجمهورية خلال حواره مع «الأخبار»

- فى البداية كيف ترى قرار اعتبار دار الإفتاء من الجهات ذات الطبيعة الخاصة ومد خدمة فضيلتك لمدة عام؟
فى البداية أتقدم بجزيل الشكر والتقدير إلى الرئيس عبد الفتاح السيسى على ثقته الغالية وتمديد خدمتى كما أتقدم لسيادته بالشكر على قراراعتبار دار الإفتاء المصرية من الجهات ذات الطبيعة الخاصة فهذا الدعم الكبير من سيادته يمثل حافزا كبيرًا وفرصة عظيمة لخدمة الوطن، والعمل على استكمال مسيرتنا فى تجديد الخطاب الإفتائى، وتحقيق الريادة الإفتائية ليس فى مصر فحسب بل فى العالم أجمع وهذه القرارات الحكيمة للرئيس تدل على مدى عنايته بالمؤسسات الدينية المصرية، وسعيه الدائم إلى دفع مسيرة النجاح ودعمها؛ من أجل ضبط بوصلة الإفتاء، ومحاربة الفكر المتطرف وجماعات الإرهاب. ونقول له: «سيادة الرئيس، نحن على العهد ماضون فى استكمال ما بدأناه من نجاح، وعلى أتم الاستعداد لبدء نجاحات جديدة تبرز مكانة مصر الدينية والإفتائية فى العالمين، ونعاهد الله أن نظل على هذا العهد ما دام فينا نبض حياة».

- وماذا عن قرار اعتبار دار الإفتاء هيئة ذات طبيعة خاصة؟
دار الإفتاء مؤسسة عريقة لها دور كبير متجذر فى التاريخ ليس وليد اليوم، ولذلك فهذا القرار جاء تتويجًا لمسيرتها، وارتقى هذا القرار بدار الإفتاء المصرية ارتقاء كبيرًا للغاية.
الجمهورية الجديدة

- دشن الرئيس السيسى الجمهورية المصرية الجديدة قائمة بثبات ورسوخ على الديمقراطية الحديثة التى تمتلك القدرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتسعى لتحقيق السلام والاستقرار والتنمية، ومفاهيم العدالة الاجتماعية والكرامة وبناء الإنسان المصرى صحيًا وفكريًا وثقافيًا .. كيف ترى فضيلتكم هذا السعى؟
الدولة المصرية حاليًا تعد نموذجًا مثاليًا لبناء الدولة الحديثة التى تحقق مقاصد الشريعة المطهرة التى تأخذ بأسباب القوة والتقدم والتنمية فى كل المجالات، دولة لا تهدر حق الفرد فى مسيرة بناء وتنمية المجتمع، وفقه الدولة فى الوقت الحاضر القائم على العمران والتنمية ينبغى الالتفات إليه وهو فقه مؤصل منذ عهد النبى -صلى الله عليه وسلم- فعقب إعلان وثيقة المدينة عمل على تأسيس مقومات الدولة وبناء كيانها وهيكلها الأساسى لِما للدولة من أهمية فى النهوض الحضارى، وتحقيق مصالح الفرد والمجتمع، وفى ذلك دلالة واضحة على أهمية بناء الدولة على أسس متينة من السمو الروحى والرقى الأخلاقى والتطور الحضارى.

كما أن هناك ارتباطا وثيقا بينهما؛ فالشرع الشريف وما يشمله من فقه يعمل على تربية الوازع الدينى والضمير والرقابة الذاتية لدى الإنسان والتناغم مع نفسه داخليًّا وظاهريًّا، وكل هذا مقوم أساسى للعمران والتنمية والتقدم الحضارى المنضبط، والدول التى تركز على الجانب الأخلاقى وتنمية الضمير والإيمان والرقابة الذاتية؛ تكون بذلك قد قامت بأكبر إنجاز إنسانى ممكن فى التاريخ لأن كل ذلك بواعث على الإنجاز المادى والتنموى والعمرانى.كما أننا نستطيع أن نقف على مدى اهتمام ومتابعة السيد الرئيس لكل ما يجرى على الساحة بتفاصيله الدقيقة وعنايته الخاصة بمشاريع تنمية الإنسان المصرى مثل مشروع «حياة كريمة» الذى يعتنى بالقرى الفقيرة والفقراء، وهذا الاهتمام يعطى الشعب المصرى قدرًا كبيرًا من الطمأنينة والثقة أنه فى يد أمينة وتحت عين ساهرة، وأن الرئيس يتابع بنفسه ويتدخل بشكل مباشر إذا وجد أن الأمر يستدعى ذلك.
التراحم والتكافل.

- يؤكد الرئيس دوما أن المواطن المصرى هو أيقونة انتصاره ومجده وأن الجمهورية الجديدة تليق بالمصريين وتناسب تطلعاتهم وتمثل تضحيتهم.. كيف ترى فضيلتكم هذا المشروع؟
هذا المشروع أصبح بمثابة طوق نجاة لتخفيف حدة الآثار السلبية التى نتجت عن التحولات الاقتصادية وتندرج أعمال هذه المبادرة ضمن مبدأ التكافل الإسلامى الذى دعت اليه الشريعة الإسلامية، فهناك نصوص كثيرة فى الشريعة الإسلامية تحث على التراحم والتكافل، وهى من الكثرة بحيث يصعب حصرها، حيث يصف ربنا نفسه بالرحمة ابتداءً، وعليه يبتدئ المسلم عمله صغيرًا كان أو كبيرًا بـ «بسم الله الرحمن الرحيم»، وكل عمل الإنسان يجب أن يكون مشتقًّا من الرحمة ليثمر التراحم، حيث: «الراحمون يرحمهم الرحمن»، وهذا التعبير الرائع يصلح عنوانًا لكل إنسان مسلم، بحيث يجب أن تكون حياته رحمة وتراحمًا مع غيره، ولا شك ان كل المبادرات الحكومية التى تقوم بها الحكومة المصرية برعاية السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى مثل «حياة كريمة»، أو «تكافل وكرامة»، وغيرها من المشروعات الخدمية كتبطين الترع بما يعود بالنفع والرحمة على المجتمع، فرحمة النبى صلى الله عليه وسلم لم تكن متكَلَّفة أو من قبيل التجمل أو التصنع، إنما هى رحمة حقيقية تلقائية مُشاهدة فى كل أحواله وأطوار عمره الشريف، من خلالها فاض الخيرُ وعمت البركة ووصلت المنافع للقريب والبعيد وشملت العناية والرعاية المستحقَّ وغير المستحق دون تمييز.
ومن جانبنا فقد أجزنا فى دار الإفتاء أنه يجوز توجيه أموال الزكاة للمبادرة الرئاسية «حياة كريمة»؛ لأنَّ محاور عمل المبادرة هى من مصارف الزكاة الشرعية.
تمكين المرأة

- فضيلة المفتى كيف ترى قضية تمكين المرأة فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى، هل يمكننا القول إن المرأة فى عهده استطاعت الحصول على حقوقها كامله وتم تمكينها قياديًا وسياسيًا واقتصاديًا؟ وماذا عن نظرة الإسلام لهذه المسألة؟
الرئيس دائمًا ما يدعم حقوق المرأة لتحتل مكانتها اللائقة فى المجتمع؛ اتساقًا مع موقف الشريعة الإسلامية الغراء التى تكرِّم المرأة وتمنحها كل حقوقها المشروعة، والشريعة الإسلامية تحتفى بالمرأة وتمنحها كل حقوقها المشروعة، فالمرأة كانت ولا تزال محل العناية والرعاية فى شريعة الإسلام، فقد وفر لها الإسلام أول حقوقها، وهو الحق فى الحياة بعد أن كانت تُدفن حية بعد أن تسودَّ وجوه من بُشِّروا بها.
كما سعت الدار عبر فتاواها لتمكين المرأة من حقوقها العلمية والعملية، فأصدرت فتاوى تجيز للمرأة السفر للعمل أو الدراسة فى صحبة آمنة دون محرم، وأجازت لها تولى المناصب القيادية فى الدول مثل رئاسة الدولة والقضاء وغيرهما من المناصب.
دور الشباب

- يمثل الشباب الشريحة الأكبر من حيث الفاعلية فى المجتمع، ولا غنى عن مشاركتهم فى مختلف مجالات الحياة وجميع النواحى التنموية، فماذا عن دَور الشباب فى تحقيق تنمية المجتمعات والنهوض بها وبناء الجمهورية الجديدة؟
القيادة السياسية تولى أهمية خاصة بالشباب لما لهم من قيمة وأهمية كبرى فى بناء المجتمعات وتحقيق النهوض والتنمية، وقد لاحظنا حرص الرئيس دوما على تنظيم المنتديات واللقاءات الدولية التى تجمع كل شباب العالم على أرض الكنانة مصر؛ للاستماع إلى آرائهم وأفكارهم فيما يواجهه العالم من تحديات ومشاكل وسبل حلها، والشريعة الإسلامية حرصت على رعاية الشباب وتمكينهم حتى أصبحوا أمثلة تحتذى كما حث الإسلام على ضرورة الاهتمام بالشباب ورعايتهم فكريًّا، وتحصينهم ضد الأفكار والتيارات المتطرفة، ورسالةَ الدعوة الإسلامية فى انطلاقتها الأولى ما حملها ونشرها ولا تفرغ لها إلا شباب مخلصون، فالشباب فى كل عصر وجيل، هم رصيد الأمة وأعمدتها وعنوان مستقبلها، ورأس مالها العظيم، ومَعقِد آمالها، وكَنزها الذى تنهل منه لتبنى مستقبلها.
بناء الوعى

- بناء الوعى من الأسس التى تبنى عليها الجمهورية الجديدة .. كيف ترى فضيلتكم أهمية هذا المفهوم فى الوقت الحالى فى ظل انتشار الشائعات ومحاولات الجماعات المتطرفة لنشر فكرها الضال وتشويه فكر الشباب على نحو خاص؟
مفهوم الوعى فى حقيقته يدور حولَ الإدراكِ الدقيق والحقيقي؛ إدراكِ الذات، وإدراكِ المتغيرات التى تُحيط بالإنسان، والوعى بهذا المفهوم هو صفةٌ إسلاميةٌ أصيلة وعامة؛ ذلك أن الشريعة الإسلامية قد أَسَّست للوعى بمفهومه الشامل، فبيَّنت حقيقة الذات البشرية، والكون المحيط، وعلاقة الإنسان بذلك الكون، والوعى الشامل كرَّس الإسلامُ له، فغير صناعة وعى صحيح وبناء عقول ناضجة ونفسيات متزنة لا يمكن أبدا أن تمضى مسيرة الوطن نحو التنمية الشاملة وبناء مصر الحضارة بلا معوقات، وأكبر معوق وأعظم عقبات التنمية الشاملة هو المواطن الذى سلم عقله وفكره بلا وعى لمروجى الأكاذيب والشائعات الذين لا هم لهم إلا وقف هذه المسيرة التاريخية الاستثنائية التى يقودها الرئيس السيسى مسابقا عقارب الساعة لوضع مصرنا العزيزة فى مكانتها الحضارية والعمرانية والتكنولوجية التى تليق بها، ومتى زاد وعى المصريين بخطورة ما يجرى حولهم وما يدبر لهم من مكائد بواسطة الإعلام الإخوانى الإرهابى، استطاع أن يدرك أن الدولة المصرية بقيادة الرئيس السيسى تسعى لبناء الإنسان المصرى فكرا ووعيا وسلوكا وعلما وعملا وصحة وتعليما ومعيشة بناء صحيحا على أسس علمية وإنسانية وأخلاقية ودينية صحيحة، وهذه الوثبة الحضارية الشاملة التى يعمل على تحقيقها الرئيس تحتاج إلى تفعيل كل عنصر من عناصر هذا الوطن، وتحتاج إلى الاهتمام بالعلم والعمل والاجتهاد والتعاون والتكاتف مع الدولة المصرية ومشروعها الحضارى الطموح، فالمسيرة الإصلاحية التجديدية التى يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسى تحتاج إلى كثير من الفكر والعمل، وتحتاج أيضا إلى تقليل مساحة الثرثرة والنقد الذى لا يستند على أسس علمية صحيحة، وإلى الكف عن الضجر الذى لا فائدة منه لأن قطار التغيير نحو مصر الحديثة، قد انطلق بقيادة الرئيس السيسى منذ أن تولى قيادة البلاد، ولن ينتظر القطار هواة النقد والكلام والثرثرة، ولكنه سيمضى بأصحاب العقول المبتكرة والسواعد العاملة والأفكار المجددة والقلوب المفعمة بحب هذا الوطن الذين يعشقون ترابه المتفانون فى خدمته المضحون من أجل نهضته وتقدمه بكل غال وثمين.

- إطلاق الشائعات بغرض التشكيك فى الإنجازات من قبيل الآثام التى نهى عنها الشرع الشريف؟ وماذا عن خطر الانسياق وراء الشائعات؟
مستخدم الشائعات بغرض التشكيك فى أعمال وإنجازات أصحاب السواعد المصرية يأثم لأنه يعلم أنه يكذب، والكذب جريمة، ومن أكبر الذنوب وهو يهدى للفجور، والشائعة قد تكون أخطر من القنبلة وأشد من السلاح المدمر؛ فعلى الإنسان الواعى ألا يشارك فى نشر الشائعات إلا بعد التثبت من المعلومة، وبعد توافقها مع فقه المآلات، فليس كل صحيح وثابت ينشر؛ فهناك اعتبارات تقتضيها المصلحة العامة، وحادثة الهجرة لم تكن تضييعًا للوطن أو متاركة له، إنما كانت من أجل بنائه والمحافظة عليه وعلى أهله؛ وحب الوطن شعور فطرى ظل ملازمًا للنبى -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه المهاجرين رضى الله عنهم.
والإنسان المسلم عليه أن يكون بصيرًا، لأن قبول الشائعة عدم وعى، ونقلها إثم ومشاركة فى جريمة.
أواصر المحية

- إذا طلبنا من فضيلتكم توجيه وصية إلى الأسرة المصرية التى هى عماد الجمهورية الجديدة فماذا تقول لها؟
أقول إلى كل الأسر المصرية إنه بات لزاما علينا جميعا النظر إلى ما نمر به من ظروف استثنائية بنوع من الإيجابية وأن نستغل هذه الفترة فى التقارب الأسرى وبناء أواصر المحبة، كما أتوجه إلى كل أب كادح وإلى كل أم صامدة صابرة، وإلى أبناء الأسر المصرية حماهم الله جميعًا، أننا نريد أن ننظر إلى الجوانب الإيجابية فى تلك الظروف الاستثنائية التى ألزمت أغلب الناس بالمكوث فترات فى بيوتهم، فمن الممكن أن نحولها إلى فرصة طيبة للتقارب والتراحم ولاستعادة روح الحب والمودة والسكينة والتعاون، وترميم ما يحتاج إلى ترميم من علاقات بين أفراد الأسرة الواحدة، فالبيوت تبنى على الحب وعلى المودة وعلى الرحمة، كما ينبغى أن نعلم أننا جميعًا فى سفينة واحدة، وأن بعضنا قد يعانى ضغوطًا وظروفًا نفسية غير معتادة، فيحتاج كلٌّ منا إلى دعم الآخر ومساعدته حتى تمر هذه المرحلة بأمن وسلام، فقد روى مسلم فى صحيحه عن أبى موسى، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا»، وروى أيضًا عن النعمان بن بشير، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مثل المؤمنين فى توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي