فايق: الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان خارطة طريق فى الاتجاه الصحيح | حوار

محمد فايق رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان
محمد فايق رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان

- تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية فى مصر لعام 2021.. شهادة دولية على نجاح الدولة

- اعتبار 2022 عامًا للمجتمع المدنى نقلة كبيرة للعمل الأهلى فى مصر

- «حياة كريمة» حق من حقوق الإنسان.. والمبادرة ستغير الريف المصري

اهتمام كبير توليه الدولة المصرية بملف حقوق الإنسان، ويتجسد فى أكثر من صورة، سواء من خلال المبادرات الرئاسية التى تطلقها الدولة، وتسعى لرفع الكاهل وتخفيف العبء عن المواطنين، وكذلك توفير حياة كريمة لهم، أو تشريعها للقوانين التى تسهل من عمل الجمعيات الأهلية ومنظمات حقوق الإنسان، وكللت هذه الخطوات بإطلاق الاسترتيجية الوطنية لحقوق الإنسان «2021-2026»، التى لاقت صدى ورد فعل إيجابيا سواء داخليًا أو خارجيًا.

ويعد المجلس القومى لحقوق الإنسان فى مصر شريكًا ولاعبًا رئيسياً فى كل تحركات الدولة.. «الأخبار» التقت الخبير الحقوقى والوزير الأسبق محمد فايق رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان ليوضح أهمية إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان، ويجيب عن عدد من التساؤلات حول نظر البعض لملف حقوق الإنسان فى مصر، ولماذا توضع المنظمات الحقوقية فى قفص الاتهام.. وغيرها من الاسئلة فى السطور التالية.

- ما أهمية الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التى أطلقتها مصر منذ أيام؟

الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان عبارة عن خارطة طريق لحل المشكلات المتواجدة لدينا، وقد وضع المجلس القومى لحقوق الإنسان تلك المشكلات أمام اللجنة العليا الدائمة لحقوق الانسان وهى المنوطة بوضع الاستراتيجية، وذلك فى إطار التنسيق الدائم والمستمر بين المجلس واللجنة، حيث تم وضع كل الأساسيات التى يمكن أن تنهض بحالة حقوق الإنسان فى مصر، ولكن فى الحقيقة فالأمر يتعلق بمنفذى حالة حقوق الإنسان والقانون، حيث عليهم التعامل بروح القانون والروح الحقوقية فى العديد من القضايا.

- كيف ترى حرص الرئيس على إطلاق الاستراتيجية بنفسه؟

الحقيقة حرص الرئيس عبدالفتاح السيسى على إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان بنفسه أحدث نوعًا من الوعى الكبير بحقوق الإنسان، وأهمية حقوق الإنسان، كما أنه يجسد التزام الدولة المصرية من أجل النهوض والارتقاء بحقوق المواطن المصرى، خاصة أن هذه الاستراتيجية خطوة كبيرة فى الاتجاه الصحيح لتطوير المجال الحقوقى الوطنى والدليل على ذلك الاهتمام الإعلامى الكبير بتناول حقوق الإنسان، وهذا بسبب اهتمام رئيس الجمهورية بهذا الأمر، وهذه نقطة انطلاق مهمة للغاية، يجب البناء عليها، وأتمنى أن تتناول الدراما أعمالًا حقوقية، فالولايات المتحدة الامريكية فى الخمسينيات كانت الأوضاع سيئة لذوى البشرة السمراء، ولعبت الدراما الأمريكية دورًا كبيرًا فى حل هذا الأمر.

عملية مستمرة

- هل تستطيع الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان حل أغلب القضايا المتعلقة بهذا الملف؟

حقوق الانسان هى عملية مستمرة لا تتوقف، ومن هنا فإن الاستراتيجية الوطنية تحدد معالم الطريق نحو تحقيق الغايات المرجوة فى سبيل النهوض بحقوق الانسان، خاصة أنها حددت مسائل معينة سيتم العمل عليها خلال الخمس سنوات مثل قضايا الإعدام وتقليل الجرائم التى تؤدى عقوبتها للإعدام، وكذلك حالات الحكم الغيابي، حيث لا يجب أن يحكم غيابيًا بالإعدام، بالإضافة إلى الحبس الاحتياطي، حيث يجب أن يكون له حد أقصى وبالفعل حدد بعامين، ولكن يجب أن يقل عن هذا، بالإضافة إلى السعى نحو وجود بدائل للحبس الاحتياطى مثل الكفالة، او وضع حلقة إلكترونية فى يد المتهم تتبع مكان تواجده، أو تحديد نطاق تواجده فى منطقة ما، فهناك العديد من البدائل التى يمكن الاعتماد عليها بدلا من إطالة أمد مدة الحبس الاحتياطي.

- هل تلقيت ردود فعل غربية على إطلاق مصر الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان؟

بالفعل تلقينا عددًا من ردود الفعل وجاءت إيجابية، ولكن الجميع ينتظر التنفيذ، والتطبيق العملى للاستراتيجية، كما أنه من بين ردود الفعل الايجابية للغاية اعتبار عام 2022 عامًا للمجتمع المدنى، فالخارج يهتم بعمل الجمعيات الأهلية وحرية الرأى والتعبير، ومن ثم فهذا الأمر كان له مردود فعل إيجابى للغاية لدى المهتمين بمجال العمل الأهلى وحقوق الإنسان فى الخارج.

نقلة نوعية

- البعض أطلق أن الجمعيات الأهلية تعيش عصرًا ذهبيًا عقب إطلاق عام 2022 عامًا للمجتمع الأهلى..هل تتفق مع ذلك؟

لا شك أنها خطوة إيجابية، وهناك عدد من الخطوات الإيجابية تحققت للعمل الأهلى فى الفترة الأخيرة، وما حدث بالفعل يعد نقلة كبيرة للغاية، خاصة أن قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلى رقم 149 لعام 2019، ولائحته التنفيذية أحدث نقلة كبيرة وسمح بحرية العمل وحرية التطوع، وأفضل كثيرًا من القانون السابق، الذى كان بشعًا ومقيدًا للحريات، فهناك تغير كبير فى مفهوم القانون نفسه.

- هل لدى المجلس القومى لحقوق الإنسان أجندة خاصة يسعى لتنفيذها خلال عام بالمجتمع المدني؟

المجلس لديه أجندة محددة يسعى من خلالها لنشر وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان من خلال العديد من المحاور التى يقوم بتأديتها وعملها تنتهى بإعداد التقرير السنوى الذى يقدم الإيجابيات والملاحظات خلال العام والتوصيات التى تساهم فى تعزيز حقوق الإنسان.  

اختلاف المفهوم

- هل هناك اختلاف فى مفهوم حقوق الإنسان بين الغرب والدول النامية؟

إذا نظرنا لمنظومة القانون الدولى لحقوق الإنسان فهى واحدة، ولكن هناك اختلافا فى التطبيق، فالدول الغربية متأثرة بتاريخها السابق، فالنظام الدولى انتقل من الاقطاعية إلى الرأسمالية، وصاحب رأس المال يهتم ببعض الحريات ومنهم مَنْ لا يهتم بالفقير، وإذا نظرنا للولايات المتحدة الأمريكية ستجد أنها تتحدث عن الحقوق السياسية والمدنية فقط، لانهم إلى الآن لم يصدقوا على العهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومن ثم فإنهم لا يتحدثون عن تلك الحقوق، وإنما يتم التحدث عن الحريات، ولك أن تتخيل أن أكبر انتهاكات لحقوق الإنسان كانت تحدث من قبل الدول الاستعمارية فى مستعمرات الدول المحتلة، ومصر كان لديها موقف واضح - آنذاك - حيث كانت تتحدث عن حق تقرير المصير وحق الاستقلال والتفرقة العنصرية، فبعض الدول الغربية تنهتك حقوق الإنسان ولا تنظر للحق فى الحياة، فمن الممكن ان تبيد شعبا بأكمله تارة، وتارة أخرى تتخذ موقفًا مناهضا لمجرد أنه شخص مزودج الجنسية.

- تنفذ مصر مشروعًا عملاقًا هو المبادرة الرئاسية «حياة كريمة».. كيف ترى هذه المبادرة؟

يجب أن تعلم أن الحق فى الحياة الكريمة من ضمن حقوق الإنسان، وهذا الحق تطبيق عملى لمعادلة بمعنى أن يسمح الحد الأدنى للأجر بتلبية الاحتياجات الأساسية للمواطن، وأن يكون قادرًا على العمل، لأنه فى حالة عدم تحقيقها سيلجأ للاستجداء، لذلك "حياة كريمة" تعد حقًا من حقوق الانسان، كما أن المبادرة ستغير وجه الريف المصرى للأفضل، ويمكن أن نطلق عليه مشروع القرن، خاصة أنه ينفذ حسب طبيعة كل قرية واحتياجاتها، كما أنه يشجع على الصناعات اليدوية المحلية، وهذا الأمر يرتبط بالجمعيات الأهلية، التى تلعب دورًا كبيرًا ورئيسيًا فى المبادرة.

تغيير المفاهيم
- ما المطلوب من الجمعيات الأهلية خلال الفترة المقبلة؟

المطلوب أن تغير من مفاهيم عملها، فمثلا جمعيات حقوق الإنسان يجب أن تضع الوطن نصب أعينها وانها تعمل من خلال أرضية وطنية، وإذا خرجت عن هذا الإطار أصبحت مضرة وغير جيدة، فما معنى أن أذهب للخارج وأطالب بعدم منح بلدى سلاحًا، على الرغم من إدراكى لخطورة الأمر وما يحاك فى المنطقة من مخاطر وتحديات عديدة وتصديها للإرهاب، وأطالب بعدم منحها السلاح بسبب حبس شخص، فهذا الأمر يبتعد عن الوطنية، فهناك طرق يمكن اتباعها كاللجوء للأمم المتحدة، فهناك منظومة محددة لذلك وتستطيع الدولة الرد من خلالها أيضًا، والغريب أن هناك جمعيات مصرية لديها مكاتب فى بروكسل وليس لها مكاتب فى مصر ويتم أخذ رأيها وتصدر تقارير ضد الدولة من الخارج، فهناك خلل فى بعض المنظمات غير الحكومية، وفوضى فى مصادر معلوماتها، ولك ان تتخيل أن الجماعة الإرهابية لديها منظمات لحقوق الإنسان وهى ليست لها علاقة بحقوق الإنسان، لكن لديها جمعيات فى جنيف ولندن وتركيا والتشيك، وجميعها جمعيات مصرية تعمل فى الخارج والتمويل يذهب إليها.

- لماذا البعض يرى أن كلمة منظمة حقوقية أصبحت سيئة السمعة؟

هناك بعض الجمعيات أساءت استغلال الأهداف التى قامت من أجلها مثل الاستقواء بالخارج فى مواجهة الدولة، وبعض الجمعيات اختطفت وتعمل من الغرب ويتم تمويلها بأموال خرافية، وهذه أعمال مرفوضة وهو ما جعل البعض ينظر نظرة سلبية للمنظمات فور سماع الاسم.

طفرة حقيقية
- ما تقييمك لمصر خلال السنوات الأخيرة؟

مصر تتحسن كثيرًا، خاصة أن الدولة المصرية لها وضع جغرافى  مختلف، ومثلما قال جمال حمدان «عبقرية المكان» فموقعنا متميز ويفرض علينا اتخاذ مسئوليات محددة ولدينا موارد عديدة يجب حمايتها مثل البترول، بالإضافة إلى مصالح فى القرن الأفريقى والبحر الأحمر، وحرية الملاحة فى البحر الأحمر مرتبطة بقناة السويس، فمصر فى مكان مهم للغاية ولديها أسطول بحرى قوى، وقيمة الدولة فى قوتها، كما ان العالم لم يعد فيه مكان للكيانات الصغيرة، وكلما زادت قوة مصر زادت قوة العرب؛ لأن مصر حجر الأساس للدول العربية، فمصر عقب 2011 كانت فى وضع بالغ السوء وخلال حكم الـ30 عامًا كان فى تصور او اعتقاد بأن الأمان فى الجمود والكمون أى تكمن كى تأمن، فالعالم كان يتطور كثيرًا وينتقل للعولمة ونحن محلك سر، أما الآن فالوضع تغير تمامًا، ونعيش طفرة حقيقية لم تشهدها البلاد من قبل، وأصبحت الدولة نموذجًا يجذب الدول الأفريقية والدول الأخرى تفتح أبوابها للشركات المصرية للانطلاق، كما ان النظام الحالى وضع على نفسه عاتق إزالة تراكمات الماضى كالعشوائيات وصرف تعويضات اهل النوبة وغيرها وغيرها من الأمور، فالدولة باتت تسدد فواتير السابق.

4 تحديات
- وما التحديات، التى تنتظر الدولة؟

مازال الإرهاب يمثل تحديًا وإن كانت شراسته قلت ولكن مازال خطرًا تواجهه الدولة، بالإضافة إلى خطر كورونا، وكيف تحقق توازنًا بين الانغلاق والانفتاح لحماية المواطنين، وتستطيع الموازنة بين الانفتاح ومواجهة الاعباء، وكذلك تحدى التغير المناخى وهو تحدى بالغ الأهمية ومازال الوعى به غير كاف، بالإضافة إلى أهم التحديات التى تواجه الدولة، والمتمثل فى قضية الانفجار السكانى الذى يلتهم أى تنمية تنفذها الدولة، لذلك يجب مواجهة هذه التحديات الأربعة.

- أخيرًا.. ما تعليقك على اطلاق تقرير الامم المتحدة للتنمية البشرية فى مصر للعام الحالى 2021؟

إطلاق  تقرير الامم المتحدة للتنمية البشرية فى مصر للعام الحالى 2021.. شهادة دولية ومهمة جدا، حيث تعد اعترافَا من الامم المتحدة ويعتمد على أمور علمية دقيقة جدًا وشهادة على نمو الاقتصاد المصرى وعبوره أزمة كورونا متقدمًا على عدد من الدول، فهذا تقرير جيد للغاية ويبرز مدى مجهودات الدولة.

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي