رئيس «دينية الشيوخ»: الإسلام أرسى قواعد لتعزيز مبدأ التعايش المشترك‎‎

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

قال الدكتور يوسف عامر رئيس لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس الشيوخ، إن الدين له دور أساسي في ترسيخ مبدأ العيش المشترك، وأرسى الإسلامُ مجموعةً من الثوابت التي عزَّزت مبدأَ التعايشِ المشتركِ بين الناس على اختلاف مذاهبهم ومعتقداتهم، ابتداء من الدعوة إلى وجوب تَقَبُّلِ وجود الاختلاف.

وأضاف عامر خلال محاضرة بعنوان "بناء الوعي الرشيد"، بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة، ضمن البرنامج التثقيفي "استعادة الوعي" أن الدينُ اعتنى بالتذكير بالمشتركات الإنسانية العليا، وما يترتب عليها من التواصل والتعارف والإحسان مع من نختلف معه، مما يُنْتِجُ تَفَاهُمًا وسِلْمًا مُجْتَمَعِيًّا، فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}، وقال تعالى أيضا: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }.

ولفت رئيس اللجنة الدينية بمجليس الشيوخ، إلى أن صناعةِ الحضارة من أكثر القضايا التي يهتم بها الإنسانُ المتصفُ بالوعي، وآليةٌ من آلياتِ البناء الرشيد، وعلامةٌ تدل على سلامة فكر الإنسان ورُقِيِّه، ولذا نجد أن من الأهداف العليا للإسلام والمقاصد الجليلة التي عمل على نشرها "صناعة الحضارة" المتزنة، والتي تعدُّ فريضةٌ إسلاميةٌ ومرحلةٌ ساميةٌ من مراحل التطور الإنساني وَمظَاهرَ الرقي في الجوانب العلمية والفنية والأدبية والاجتماعية، والذوق والجمال، بعيدا عن الترف والتعالي والاستطالة على الآخرين.

وأكد عامر، أن الحضارة لا بد أن ترتكز على عدد من الأسس، أهمها: عبادة الخالق، وتربية النفس والوجدان، ويجب مع ذلك الاعتناء بمبدأ عمارة الأرض، قال تعالى: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا }، فالاجتهادُ في عمارة الأرض وفقَ القيمِ هو مفتاحُ صناعةِ الحضارة الإنسانية الراشدة.

وشدد رئيس اللجنة الدينية بمجلس الشيوخ، على أنه يجب على كل المعنيين والمثقفين في بلادنا العربية وغيرها الانتباه إلى موجات الغزو الفكري الخطير الذي يُبدّل ملابسَه في كُل حينٍ وبوسائلَ مختلفة.

وقال عامر، إن التجديدَ الذي ننشدُه ونتبناهُ هو الذي يقومُ على هَضمِ التراثِ واستيعابِه والاستفادةِ من مناهجِهِ والوقوفِ على نماذجِه المعرفيةِ، ويُراعي فِقهَ النصِّ وإدراكَه إدراكًا صحيحًا وفقَ مُرادِ اللهِ ورسولِهِ بقدرِ الطاقةِ والوسع، وسبيلُهُ المعرفةُ التامةُ بِلُغةِ العربِ، وطَرائقُ اللسانِ العربي في التعبيرِ، وغير ذلك من الآلياتِ والوسائلِ والضوابط المَرْعِيَّةِ، وإدراكَ الواقعِ المعيشِ بمستجداتِهِ ونوازِلِهِ وأحداثِه، ثم إدراكَ كيفيةِ تنزيلِ النصِّ على الواقعِ وربطِهِ به ربطًا صحيحًا من غير إفراطٍ أو تفريطٍ.

ولفت إلى أن التجديد يحتاج علماءَ أُمناءَ راسخين في العلم، قائمين على شرع الله متجردين من نَزَعاتِهم وميولاتِهم وتحيزاتِهم الخفيةِ والجلية، وليس البابُ مفتوحًا لِكلِّ أحدٍ يهرِفُ بما لا يعرفُ، ويعْبثُ بِنصوصِ الشريعةِ فتارةً يُوجهها على مراده، وتارةً يختطفُها، وثالثةً يلوي عُنُقها ويحمِّلُها ما لا تحتمل، وقديما قال الحافظ ابن حجر: مَنْ تكلَّم في غيرِ فنهِ أتى بالعجائِبِ.


وثمن الدكتور يوسف عامر رئيس لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس الشيوخ، الجهود التي تقوم بها كلية دار العلوم، بقيادة الدكتور عبد الراضي عبدالمحسن، ضمن برنامجها التثقيفي "استعادة الوعي".

وفي نهاية المحاضرة، أهدى الدكتور عبدالمحسن عبدالراضي عميد كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، درع الكلية للدكتور يوسف عامر رئيس اللجنة الدينية بمجلس الشيوخ، تقديرا للجهود التي يقوم بها، ودوره في تقديم يد العون لجميع المؤسسات.