حبيبة جمال
..قضية غريبة شهدتها الدائرة ٧ بمحكمة استئناف القاهرة، أمام المستشار عطية شيخ العرب، رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين بدوي عبد المنعم، ومحمد صلاح، حيث أصدرت المحكمة قرارًا بإثبات نسب طفلة لوالدها بعد ست سنوات، وفي نفس الجلسة رفضت إثبات الزواج بين الأب والأم .. تفاصيل تلك القضية الغريبة ترويها السطور التالية.
كما جاء في أوراق الدعوى، تعود القصة لعام ٢٠١٥، عندما تعرفت سميرة، تلك الفتاة الريفية التي جاءت من قريتها، للعمل هنا في القاهرة، على شاب يدعى «رامي» وقتها شعرت بحبها تجاهه، رأت فيه صفات فارس أحلامها، التي طالما حلمت به منذ المراهقة، وها هو وجدته يبادلها نفس الشعور، أيام وليال يفكران في بعضهما البعض، يحلمان باليوم الذي سيجمعهما بيت واحد، حتى قرر رامي أن يتزوجها، ولكن ليس في العلن، وإنما زواجًا عرفيًا، ترددت سميرة كثيرة في تلك الخطوة، لكن الحب كان أقوى، ووافقت على طلبه.
تزوج الاثنان، وعاشا سويًا، وسرعان ما حملت سميرة بين أحشائها جنينًا، اضطر الزوج للسفر للخارج للعمل، ووضعت سميرة طفلتها، لكنها لم تستطع إثبات الزواج أو استخراج شهادة ميلاد للطفلة، ظلت تكبر الطفلة يومًا بعد يوم أمام عين والدتها حتى وصل سنها لست سنوات، وهي لا تحمل أي أوراق رسمية تثبت وجودها في الحياة، لم يكن أمام الأم المكلومة سوى الذهاب لمكتب أبانوب سعيد المحامي لينقذ ابنتها من الضياع، ويرفع لها قضية في المحكمة تثبت فيها نسب صغيرتها، استمع المحامي لها جيدا، ثم رفع قضية داخل المحكمة، ظلت جلساتها متداولة في المحكمة، حتى أصدرت المحكمة حكم درجة أولى برفض الدعوى، ولكن لم تفقد سميرة ومحاميها الأمل في إثبات حقها، وفي حكم الدرجة الثانية، حكمت المحكمة بإثبات نسب الصغيرة لوالدها، لكن الأغرب في القضية هو أنه في نفس الجلسة رفضت المحكمة إثبات الزواج.
جاء في حيثيات المحكمة، أن المستأنفة لم ترتض قضاء محكمة أول درجة، فطعنت عليه بالاستئناف الراهن بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ ١/٣/٢٠١٢ أعلنت قانونًا للمستأنف ضده يطلب الحكم أولا بقبول الاستئناف شكلا، ثانيًا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددًا بإثبات العلاقة الزوجية بين المستأنفة والمستأنف ضده، وبإثبات نسب الصغيرة للمستأنف ضده الأول وإلزامه بالمصاريف والأتعاب عن درجتي التقاضي وساقت أسبابًا لاستئنافها.
ومن حيث موضوع الاستئناف وأسبابه التي يبنى عليها، فإن الحكم المستأنف قد انتهى صحيحًا في قضائه برفض إثبات الزواج بين طرفي الاستئناف لكونها من طائفة الأقباط الأرثودكس وأن عقد الزواج نظام ديني مقدس يستلزم لوجوده إجراءات كنسية، وذلك وفقا للأسباب التي أوردها الحكم المستأنف بما يغني هذه المحكمة عن إيرادها إلا أنه قد جانبه الصواب وعاره الخطأ في تطبيق القانون فهمًا وتطبيقًا، حيث أن لائحة الأقباط الأرثودكس الصادر عام ١٩٣٨ والمواد التي وردت بها والمنظمة للإقرار بالنسب والادعاء به وثبوته بالنسبة للأولاد غير الشرعية، فقد تبنت من مبدأ الحفاظ على الولد وعدم ضياعه وذلك بالتوسع اللازم لثبوت نسبه لمن يدعيه.
لهذه الأسباب حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بإثبات نسب الصغيرة للمستأنف ضده الأول والتأييد فيما عدا ذلك وألزمت كلا من المستأنفة والمستأنف ضده الأول بالمناسب من المصاريف ومبلغ مائة جنيه أتعاب المحاماة.