حق الحصول على المعلومة

أحمد‭ ‬الإمام
أحمد‭ ‬الإمام

بقلم : أحمد‭ ‬الإمام

لدواعي‭ ‬أمنية‭ .. ‬كثيرا‭ ‬ما‭ ‬تتردد‭ ‬هذه‭ ‬الكلمة‭ ‬على‭ ‬مسامعنا‭ ‬في‭ ‬مواقف‭ ‬عديدة‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تعلم‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬الدواعي‭ ‬الأمنية‭ ‬التي‭ ‬تستدعي‭ ‬حجب‭ ‬معلومة‭ ‬معينة‭ ‬أو‭ ‬تمنعك‭ ‬من‭ ‬التواجد‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬محددة‭.‬

للأسف‭ ‬الشديد‭ ‬تحولت‭ ‬هذه‭ ‬الكلمة‭ ‬من‭ ‬اجراء‭ ‬طارئ‭ ‬يتم‭ ‬اتخاذه‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬سرية‭ ‬التحقيقات‭ ‬والتحريات‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬هامة‭ ‬الى‭ ‬سياسة‭ ‬عمل‭ ‬واسلوب‭ ‬حياة‭ ‬لمعظم‭ ‬الجهات‭ ‬الحكومية‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬بعضها‭ ‬بعيدا‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬الجوانب‭ ‬الأمنية‭!‬

بمنتهى‭ ‬الصراحة‭ ‬وبدون‭ ‬مواربة‭ ‬أصبحت‭ ‬هناك‭ ‬معوقات‭ ‬شديدة‭ ‬تمنع‭ ‬الصحفيين‭ ‬من‭ ‬ممارسة‭ ‬عملهم‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الوزارات‭ ‬والجهات‭ ‬الحكومية‭ ‬المختلفة‭ ‬التي‭ ‬اصبحت‭ ‬تكتفي‭ ‬ببيانات‭ ‬رسمية‭ ‬يتم‭ ‬ارسالها‭ ‬على‭ ‬الفاكس‭ ‬او‭ ‬الايميل‭ ‬للصحفيين‭ .. ‬ولا‭ ‬ابالغ‭ ‬اذا‭ ‬قلت‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬تعليمات‭ ‬واضحة‭ ‬صدرت‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الوزارات‭ ‬والهيئات‭ ‬بمنع‭ ‬الصحفيين‭ ‬من‭ ‬التواجد‭ ‬في‭ ‬مكاتب‭ ‬المسئولين‭ ‬واقتصار‭ ‬تواجدهم‭ ‬على‭ ‬المراكز‭ ‬الاعلامية‭ ‬وادارات‭ ‬العلاقات‭ ‬العامة‭.‬

وهناك‭ ‬نشرات‭ ‬سرية‭ ‬وكتب‭ ‬دورية‭ ‬تم‭ ‬توزيعها‭ ‬داخل‭ ‬بعض‭ ‬الوزارات‭ ‬تمنع‭ ‬الادلاء‭ ‬بأي‭ ‬تصريحات‭ ‬صحفية‭ ‬بدون‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬إذن‭ ‬مسبق‭ ‬من‭ ‬ادارة‭ ‬الاعلام‭ ‬والعلاقات‭ ‬بالوزارة‭ ‬أو‭ ‬الهيئة‭ ‬الحكومية‭ ‬المعنية‭.‬

وحتى‭ ‬لا‭ ‬يفهمني‭ ‬احد‭ ‬بشكل‭ ‬خاطئ‭ ‬ويعتقد‭ ‬انني‭ ‬ضد‭ ‬الاجراءات‭ ‬التنظيمية‭ ‬التي‭ ‬اتخذتها‭ ‬بعض‭ ‬الوزارات‭ ‬لمواجهة‭ ‬اسهال‭ ‬التصريحات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تخرج‭ ‬بدون‭ ‬ضابط‭ ‬أو‭ ‬رابط‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬هب‭ ‬ودب‭.‬

أنا‭ ‬لست‭ ‬ضد‭ ‬تقنين‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الصحافة‭ ‬والحكومة‭ ‬ولكنني‭ ‬ضد‭ ‬التضييق‭ ‬على‭ ‬الصحفيين‭ ‬ومنعهم‭ ‬من‭ ‬مباشرة‭ ‬عملهم‭ ‬بحرية‭ ‬ومسئولية‭.‬

لماذا‭ ‬يعتقد‭ ‬بعض‭ ‬الوزراء‭ ‬أو‭ ‬المسئولين‭ ‬ان‭ ‬الصحفيين‭ ‬ينتمون‭ ‬الى‭ ‬معسكر‭ ‬معادي‭ ‬هدفهم‭ ‬الوحيد‭ ‬هو‭ ‬تصيد‭ ‬الاخطاء‭ ‬ونشر‭ ‬كل‭ ‬معلومة‭ ‬تتاح‭ ‬لهم‭ ‬بدون‭ ‬تدقيق‭ ‬أو‭ ‬تأكد‭ ‬من‭ ‬صحتها‭.‬

رسالتي‭ ‬لهؤلاء‭ ‬المسئولين‭ ‬الذين‭ ‬تحكمهم‭ ‬عقلية‭ ‬قديمة‭ ‬جدا‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬لها‭ ‬وجود‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬الانترنت‭ ‬وثورة‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ .. ‬أيها‭ ‬السادة‭ .. ‬كلنا‭ ‬مصريين‭ ‬نعمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وطن‭ ‬واحد‭ ‬نصونه‭ ‬ونتمنى‭ ‬رفعته‭ ‬ونضحي‭ ‬بأرواحنا‭ ‬من‭ ‬اجله‭ .. ‬يعني‭ ‬ببساطة‭ ‬كلنا‭ ‬في‭ ‬خندق‭ ‬واحد‭ ‬ويجمعنا‭ ‬هدف‭ ‬واحد‭ ‬،‭ ‬وأي‭ ‬صحفي‭ ‬عنده‭ ‬ضمير‭ ‬واحساس‭ ‬بالمسئولية‭ ‬لن‭ ‬ينشر‭ ‬أي‭ ‬معلومة‭ ‬تضر‭ ‬الوطن‭ ‬أو‭ ‬الصالح‭ ‬العام‭.‬

لماذا‭ ‬يعتقد‭ ‬السيد‭ ‬المسئول‭ ‬ان‭ ‬الصحفي‭ ‬لا‭ ‬يمتلك‭ ‬نفس‭ ‬احساسه‭ ‬بالمسئولية‭ ‬وتقديره‭ ‬للأمور‭ ‬وانه‭ ‬لن‭ ‬ينشر‭ ‬اي‭ ‬معلومة‭ ‬تضر‭ ‬المصالح‭ ‬العليا‭ ‬للبلاد‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬المعلومة‭ ‬صحيحة‭ ‬وموثقة‭ ‬؟‭!‬

كما‭ ‬ان‭ ‬منع‭ ‬الصحفيين‭ ‬من‭ ‬أداء‭ ‬عملهم‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المعلومة‭ ‬وتقديمها‭ ‬للقراء‭ ‬سيدفع‭ ‬المواطنين‭ ‬الى‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬المعلومة‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬اخرى‭ ‬مثل‭ ‬المواقع‭ ‬الالكترونية‭ ‬المشبوهة‭ ‬ووسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬مثل‭ ‬تويتر‭ ‬وفيس‭ ‬بوك‭ .. ‬وهذه‭ ‬الوسائل‭ ‬لا‭ ‬تخضع‭ ‬لأي‭ ‬ضوابط‭ ‬ولا‭ ‬يهتم‭ ‬أصحابها‭ ‬سوى‭ ‬بركوب‭ ‬التريند‭ ‬وتحقيق‭ ‬نسبة‭ ‬مشاهدات‭ ‬وقراءات‭ ‬عالية‭ ‬لاخبارهم‭ ‬المفبركة‭.‬

للمرة‭ ‬الألف‭ .. ‬لست‭ ‬ضد‭ ‬تنظيم‭ ‬أسلوب‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الصحفيين‭ ‬داخل‭ ‬كل‭ ‬وزارة‭ ‬حسب‭ ‬ظروفها‭ ‬وطبيعة‭ ‬اختصاصها‭ ‬ولكنني‭ ‬ضد‭ ‬التضييق‭ ‬عليهم‭ ‬ومنعهم‭ ‬من‭ ‬ممارسة‭ ‬عملهم‭ ‬وحقهم‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المعلومة‭ ‬الصحيحة‭ ‬من‭ ‬مصادرها‭ ‬الرسمية‭ .. ‬وصدقوني‭ ‬نشر‭ ‬المعلومة‭ ‬الصحيحة‭ ‬افضل‭ ‬وسيلة‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬الاكاذيب‭ ‬والاخبار‭ ‬الملفقة‭ .. ‬وهذه‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظري‭ ‬دواعي‭ ‬أمنية‭. ‬