هذه رؤيتى للصندوق ! 

أشرف غراب
أشرف غراب

بقلم : أشرف غراب

يجب أن نحيا حياةً كريمةً.. شعارٌ رفعه الرئيس السيسى، ولن يتنازل عنه، بعد أن رأى أوضاع المصريين التى كانت وعلى مدى عقودٍ فائتة لا تسر عدوًا ولا حبيبًا أو حتى جارًا وصديقًا محليًا وإقليميًا وعالميًا، فعمل على جميع المحاور جاهدًا، مُتخذًا من المصريين أنفسهم سندًا وظهيرًا، ليصنع قواعد المجد التى لطالما تغنَّت بها الأفواه ولم ترها الأعين، واختصارًا للمسافات الطويلة، والحسابات المُعقدة، والإجراءات البيروقراطية المُملة، أعلنها القائد لرعيته بكل وضوحٍ ودون رياءٍ أو تذويقٍ للكلمات، بأننا إذا أردنا النجاح وبناء الدولة الحديثة، فعلينا بتطوير البشر قبل الحجر، وقد كان الإنسان المصرى محورًا رئيسًا فى اهتمام الرئيس، صحيًا واجتماعيًا وثقافيًا وتعليميًا، فخرجت إلينا المبادرات الصحية المتعددة، جنبًا إلى جنبٍ مع الدعم الاجتماعى الحياتى الذى يحفظ الأرواح ويصونها، بمساندة الطبقة الكادحة، وتوفير متطلباتها من مأكلٍ ومشربٍ ومسكنٍ وعلاجٍ، وعلى التوالى جاءت البرامج الثقافية المتنوعة، كما تم ابتكار استراتيجية تعليمية تقوم على الفهم غير مقتنعة بأسلوب الحفظ والتلقين إلا فى أضيق الحدود، لتبدأ الحياة فى بلدنا تشدو بعهدٍ تخطيطىٍّ جديد، من صناعة فوارس العصر لأم الدنيا وقلبها مصر.


وإذا كان الهرم لا يُبنى من الأعلى، فقناعة الرئيس السيسى الراسخة، أن جبالنا يجب أن تكون شامخةً منذ البداية وقبل أن نُقرِّر، إذ تأخرنا كثيرًا فى اتخاذ القرار، ولا مجال بعد اليوم للتسويف أو الانتظار، فامتطى القائدُ السفينةَ يُبحر بها رُبانًا ماهرًا، حتى استيقظ المصريون على ثورةٍ إصلاحيةٍ طالت البشر والحجر والشجر، أصابت بإعجازاتها أعين المراقبين عالميًا ليأتوا انبهارًا؛ كى يتعرَّفوا ويتعلَّموا ويأخذوا من خبرة مصر، وهو بلا أدنى شكٍ، محل تفاخرٍ لأى مصرىٍّ وعربىٍّ وإفريقىٍّ، لأن فى تقدُّم المحروسة خيرٌ وفير سوف يحل على محيطها الذى تعيش فيه وتفخر به، فرأى العالم خطوط الغاز والكهرباء والنقل والمشروعات التنموية، إضافةً للخبرات والمعونات تصل إلى أعماق أعماق البلاد القريبة والبعيدة وحتى المترامية الأطراف التى لا يعرفها أحد، لتعلن فى زعامةٍ عن مجدها وأنها كانت على قدر التحدى.


كانت صراحة الرئيس لشعبه هى مفتاح الحلول للأبواب المُوصدة، ومما يُحسب لقائد مصر وسوف يذكره التاريخ بأحرفٍ من نور، تدشينه للصندوق السيادى "تحيا مصر"، الذى غرسه ليكون ضرعًا مدرارًا وقت الأزمات والمحن، وباب خيرٍ للأكثر احتياجًا والأشد بأسًا، وقد شاهد الجميع فى بضع شهورٍ من تأسيسه، كيف طوَّر من حياة سكان الريف وقراهم، وتمنى الرئيس أن يصل برأس ماله إلى مائة مليار جنيه، ليخدم واقعًا أكثر شمولًا لما نتطلبه، ورفعةً لما نبتغيه، ولمَ لا نحلم ونُحقق مكتسباتٍ طالما نظرنا نظرةً جادةً للمستقبل، فاتخذ عدَّة قرارات، أراها لازمةً وبقوَّة لتحقيق الهدف وإنجاز المُراد؛ منها قراره الجمهورى الأخير بزوال صفة النفع العام عن عددٍ من الأراضى والعقارات أملاك الدولة العامة، ونقلها لملكية الصندوق السيادى لمصر، وضمَّت أرض ومبنى مجمع التحرير وأرض ومبانى المقر الإدارى لوزارة الداخلية "المبنى القديم" وأرض الحزب الوطنى المنحل بجوار المتحف المصرى، وأرض ومبانى القرية التعليمية الاستكشافية، إلى جانب أرض ومبانى القرية الكونية بمدينة السادس من أكتوبر، فضلًا عن أرض ومبانى ملحق معهد ناصر بكورنيش شبرا مصر، وأرض حديقة الأندلس"حديقة الحيوان بطنطا"، بمحافظة الغربية.


هذه الإصلاحات المرئية، وكما يُقال فى الأمثال "على عينك يا تاجر"، قادتنا إلى الثورة الرابعة المعروفة إعلاميًا بالعالم الرقمى، والتى تمتلك القدرات الهائلة على تخزين المعلومات الضخمة واسترجاعها والربط وإقامة العلاقات والتشابكات بينها، فالاستثمارات حاليًا تُركِّز على القطاعات التى تخدم التقنيات الحديثة التى يقوم عليها الاقتصاد الرقمى، مثل الذكاء الاصطناعى وإنترنت الأشياء، والبلوك تشين، والتقنيات الطبية المبتكرة، ووسائل النقل فائقة السرعة، والواقع الافتراضى المُعزِّز، والروبوتات والسيارات ذاتية القيادة، والطاقة المتجددة، وبالأمس القريب بدأت الدولة فعليًا فى إنشاء خطوط السكك الحديدية للقطارات فائقة السرعة بالمدن الجديدة والقديمة للربط بينها، اختصارًا للمسافات الطويلة، واستطاعت إنجاز الكثير منها، والتعاقد على القطارات وجلبها من الخارج، وقد وصلت الدفعة الأولى منذ أيامٍ، وهو ما يجعلنا نواصل مسيرنا فى قطع المسافات الطويلة بأقصر وقتٍ، ومواصلة السرعة الخرافية فى كل شىءٍ حتى تتحقق أحلامنا كلها كما رسمناها رفقة قائدنا.


رؤيتى للصندوق السيادى ربما تكون أكثر عمقًا وانفتاحًا؛ لأنه بشكله الحالى، أراه أخذ طابعًا اجتماعيًا وخدميًا واستثماريًا فى ذات الوقت، لهذا يجب علينا السير فى محور سريع يشمل إنشاء احتفالية كبرى كملحمة ليست بجديدة على المصريين، يُدعى إليها كبار الإعلاميين بشركاتهم الراعية والسياسيون ورجال الأعمال والشخصيات العامة، وممثلو الجامعات والمدارس الخاصة، بجانب مشاركة الأزهر والكنيسة ووزارة الأوقاف وهيئة الأوقاف المسيحية، وممثلو الجمعيات الخيرية القادرة على التبرُّع، لكون تلك الأموال ستذهب لأوجه الخير وتوفير الحياة الكريمة لمحدودى ومعدومى الدخل،

وبجانب هذا لابد أن نسير وعلى الفور وبسرعة فائقة دون معوقات بإجراءات مبسطة لا تحتمل التأخير فى محورٍ آخر للنهوض بالصندوق؛ لمواجهة التحديات القادمة؛ كاستخدام الأصول غير المُستغلَّة لتكون أكبر مكون لرأسمال الصندوق، وبناء على ذلك يتم خلق سيولة يمكن إعادة توظيفها فى تعاملات تجارية من شأنها إنتاج عوائد استثمارية، ويُمكننا ذلك أيضًا عبر إنشاء قاعدة بيانات عملاقة لكل محافظة من محافظات مصر،

 

يُوكل بها كل محافظٍ، تكون مهمتها عمل حصرٍ دقيق لتلك الأصول، ثم تنضم للصندوق، وتكليف لجنة موحدة قضائية لحل النزاعات الخاصة بها بصورة عاجلة، ودون الانتظار لمشاكل واهية كتلك التى قامت لاسترداد أراضى الدولة وتقنينها لمن يستحق وأخذها ممن يتلاعب بها، حيث لابد وأن يركز الصندوق على تطوير الأصول غير المُستغلَّة، عبر نقل ملكيتها له؛ ليدخل بها شراكات مع القطاعين الخاص والاستثمارى، مما ينتج عنه فوائض مالية يمكن إعادة استثمارها بصورةٍ أو بأخرى، ومن ثم يُدر عوائد وتدفقات نقدية تُساعد الدولة على إنجاز مشاريعها المطلوبة والضرورية.


وأختم كلماتى بما يليق بمكانة مصر وحضارتها، بأننا لدينا موقعٌ جغرافىٌّ استراتيجىٌّ فريد يُؤهلنا لأن يكون لدينا أكبر داتا سنتر عالميًا، ليس فقط كنوعٍ من استغلال مرور كابلات الإنترنت عبر المياه الإقليمية المصرية، بل لأن مصر ببساطةٍ بوابة قارتى أفريقيا وآسيا، وهو الشىء الذى جذب الشركات العملاقة كالأمازون وغيرها؛ لاختيار مصر بقعةً مُستهدفةً للتجارة الإلكترونية، وقد تشهد القرى المصرية والمدن فى الأيام القابلة انتفاضةً رهيبةً فى سرعة الإنترنت، ناهيك عن العوائد المالية الضخمة من هذا الاستثمار.. وبقى أن أقول إن مقياس النجاح الحقيقى فى الريادة، هو الاهتمام الفعلى بالبحث العلمى والمشروعات الابتكارية، فقد أصنع وأُصدِّر العديد من المنتجات بحفنة من الملايين، ولكن باستطاعتى أيضًا صناعة وابتكار منتجٍ واحدٍ يجلب لى المليارات وبالعملة الصعبة.. أعاننا الله جميعًا على التكامل والتكافل؛ لنصل بمصرنا الحبيبة لمصاف السمو والتقدُّم والازدهار.