هزيمة ساحقة للإخوان

المغرب يعيش توابع الزلزال السياسى.. وثلاثة سيناريوهات أمام التشكيل الحكومي

الملك محمد السادس أثناء تكليفه عزيز أخنوش برئاسة الحكومة الجديدة
الملك محمد السادس أثناء تكليفه عزيز أخنوش برئاسة الحكومة الجديدة

كما توقعت «الأخبار» فى تقريرها، الأسبوع الماضى، تكبد حزب «العدالة والتنمية» ذات المرجعية الإسلامية هزيمة قاسية وانتكاسة لاذعة فاقت كل التوقعات فى الانتخابات التشريعية بالمغرب التى أجريت فى 8 سبتمبر الجارى. حيث كشفت النتائج حصوله على 13 مقعدًا فقط بالبرلمان من إجمالى 395 مقعدًا، مقابل 125 مقعدًا فى انتخابات 2016، لتتضاءل بذلك مساحة إخوان المغرب، بعد هيمنتهم على الحياة السياسية طوال العقد الماضى فى واحدة من آخر البلدان التى صعد فيها الإسلاميون إلى السلطة، بعد احتجاجات الربيع العربى، وبعد أن قدم الشعب المغربى درسًا مهمًا فى الحياة السياسية، وهو أن الشعوب هى من تُقرر مصيرها.. فى المقابل، تصدَّر حزب التجمع الوطنى للأحرار الليبرالى النتائج بحصوله على 102 مقعد، يليه حزب «الأصالة والمعاصرة» المعارض على 86 مقعدًا، وحزب الاستقلال (يمين وسط) على 81 مقعدًا، والاتحاد الاشتراكى للقوات الشعبية على 35 مقعدًا، وحزب الحركة الشعبية على 29 مقعدًا، وحزب التقدم والاشتراكية على 21 مقعدًا، والاتحاد الدستورى على 18 مقعدًا، بينما حصلت باقى الأحزاب السياسية الأخرى على 10 مقاعد، وذلك بواقع 31 حزبًا شارك فى الاستحقاق الانتخابى، بمشاركة 8 ملايين و789 ألفًا و676 ناخبًا نسبة تصويت 50.35 %، من إجمالى حوالى 18 مليون مغربى مسجلين بالقوائم الانتخابية يحق لهم التصويت.. ولأول مرة فى تاريخ الممكلة المغربية، أجريت عملية الاقتراع فى نفس اليوم للانتخابات البرلمانية (تضم 395 مقعدًا)، وكذلك البلدية والجهوية (تضم 31 ألف عضو)، وذلك وفقًا للتعديلات الأخيرة لقانون الانتخابات، وهو ما أسهم فى رفع نسبة المشاركة فى الانتخابات. وقد خصصت المملكة 90 مقعدًا حصريًا للنساء، بينما تتوزع باقى المقاعد الـ 305 على الذكور والإناث المرشحين فى باقى القوائم الانتخابية.. وقد كان متوقعًا ان التعديلات فى قانون الانتخابات، لا سيما المتعلق بـ»الحاصل» الانتخابى سيكون «كلمة السر» فى عدم استحواذ أى حزب سياسى على أكثر من ثلث مقاعد البرلمان كما كان فى السابق، وذلك عن طريق تقاسم عدد المقاعد المخصصة على العدد الإجمالى للذين يحق لهم التصويت المسجلين فى القوائم الانتخابية وليس عدد البطاقات الصحيحة، مما جعل القاسم أكبر بكثير، وقلل من عدد المقاعد التى كان يمكن للأحزاب الحصول عليها فى أى مدينة، وهو التعديل الذى فشل «التنمية والعدالة» فى منع التصويت عليه بالبرلمان، رغم أنه كان الكتلة الأكبر فيه.. وطبقًا للفصل 47 من الدستور المغربى، كلف الملك محمد السادس عزيز أخنوش، رئيس حزب «التجمع الوطنى للأحرار الليبرالى» المتصدر لنتائج الانتخابات بتشكيل الحكومة الجديدة. وأخنوش هو رجل أعمال بارز وكان يشغل منصب وزير الفلاحة منذ 2017. ويُعرف عنه أنه على مدار حوالى 14 عامًا شغل فيها مهامًا وزارية متعددة، لم يتقاض أى تعويض أو راتب من خزينة الدولة المغربية.. من المتوقع أن تكون الحكومة الجديدة ائتلافية تجمع بين عدة أحزاب ذات أيديولوجيات مختلفة، بعد فشل»التنمية والعدالة»، الذى كان يقود الحكومة المغربية منذ انتخابات2011، فى مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التى تواجه المجتمع المغربى الذى أصيب بخيبة أمل كبيرة، خاصة فى ظل أزمة وباء كورونا وتداعياته الاقتصادية السلبية، مما أدى إلى تراجع شعبية «التنمية والعدالة» خلال السنوات الماضية.. توابع الزلزال السياسى الذى تشهده الحياة السياسية فى المغرب، سوف تتكشف فى تشكيل الحكومة الجديدة وتحالفاتها الحزبية. يرى محللون أن هناك ثلاثة سيناريوهات للتحالفات المحتملة فى الحكومة، الأول تشكيل تحالف حزبى من الأحزاب الثلاثة التى تصدرت النتائج، وهى التجمع الليبرالى و»الأصالة والمعاصرة» والاستقلال، باعتبارهم أغلبية كبيرة بـ269 مقعدًا بالبرلمان، والسيناريو الثانى هو مشاركة نفس الأحزاب الثلاثة بالإضافة إلى أحزاب الاتحاد الاشتراكى والحركة الشعبية والاتحاد الدستورى، وهذا التشكيل سيمثل أغلبية ساحقة بـ351 مقعدًا، لكن فى هذه الحالة ستكون المعارضة ضعيفة، ومن شأن ذلك أن يخل بالتوازن السياسى.. أما الاحتمال الثالث، فهو أن يقتصر حزب التجمع الليبرالى على تشكيل حكومة، إما مع حزب الاستقلال أو مع «الأصالة والمعاصرة» إضافة إلى حلفائه بالسيناريو الثانى.

ولكن يرى مراقبون أن مشاركة «الأصالة والمعاصرة» فى الحكومة هذه المرة تُمثل فرصة كبيرة له، خاصة أنها المرة الأولى له منذ تأسيسه قبل 13عامًا، كما أنه أيضًا لن يتحتمل البقاء فى كثير من المعارضة.

يأمل الشعب المغربى من الحكومة الجديدة أن تسارع فى تنفيذ وعودها التى طرحها رئيس الحكومة المنتظر عزيز أخنوش، خلال الحملات الانتخابية، حيث عرض حزبه عددًا من الخُطط والاستراتيجيات الحُكومية، التى تهدف فى الأساس إلى النهوض بالمجال الاجتماعى فى المملكة؛ ومنها: تخصيص دخل شهرى للمسنين لا يقل عن 100 دولار مع تأمين صحى مجانى، وتعميم التغطية الصحية والتى يضعها أخنوش ضمن أولويات الحكومة القادمة، كذلك فتح باب الحق فى المعاش لكل العاملين بمن فيهم الممارسون حاليًا فى القطاع غير المهيكل. كما تعهد بتشجيع المقاولين الشباب، ومحاربة البطالة، إلى جانب تعزيز الصناعة المحلية وتقوية علاماتها التجارية.