يوميات الأخبار

موظفة بدون مرتب

 د. سارة الذهبى
د. سارة الذهبى

منتهى الظلم انك توهم شخص فى أول معرفتك بيه انك متقبله ومتعايش مع طباعه وتبقى مبيّت النية انك أول ما هترتبط بيه هتشقلب كيانه وهتطلّع فيه القطط الفاطسة

رسايل كتير بتجيلى  من ستات بتتكسف إنها توصف نفسها «ست بيت أو ربة منزل».. تلاقيها يا عينى عمالة تبررلى الظروف اللى قعدّتها من الشغل أو الأسباب اللى خلتها متشتغلش من الأساس و كأنها شخص ناقص و مختلف عن باقى الستات أو متهمة و بتحاول تبرأ نفسها.. فحبيت أوجه كلامى لكل ست بيت أياً كان عمرها..

إوعى تخجلى انك قاعدة فى البيت و شايلة مسئولية بيتك.. إوعى تسمحى لأى حد يقلل من عظمة دورك و صعوبته.. انتِ مش بتستمدى قوتك وأهمية دورك من مرتب بتقبضيه أو وظيفة!


أنا كلامى مفيهوش أى تقليل لدور ومجهود الأم العاملة اللى بتحارب فى عشر جبهات فى وقت واحد، بالعكس كل التقدير والاحترام للأم اللى بتقدر توّفق بين بيتها وشغلها وبتيجى على نفسها عشان توازن بينها. لأن مفيش ست بتعمل كده إلا لما بتدفع التمن من صحتها وعافيتها وراحة بالها.


لكن لازم نحط فى اعتبارنا إن كل ست وليها ظروفها الخاصة.. كل ست وليها أولوياتها اللى على أساسها بتحدد هتشتغل والا لأ.. كل ست ليها متطلبات وطموح مختلفة عن ستات غيرها.. كل ست ليها قصة وحكاية ما دفعتها تشتغل وخليتها تقرر تقعد فى البيت..


عشان كده مفيش حاجة اسمها «المفروض»!


مفيش ست المفروض إنها تشتغل أو المفروض أنها تتفرغ لبيتها، كل بيت ليه كواليس خاصة بيه ومحدش يعرفها إلا الزوج و الزوجة.. يعنى مش كل الستات بتنزل الشغل عشان طموحها وتحقيق الذات وعشان تترقى من وظيفة لوظيفة..


فى ستات كتير ضغوطات الحياة ومصاريفها الكتير هى اللى بتضطرهم ينزلوا ويشتغلوا عشان يسدوا بند مصاريف أو يشيلوا نفسهم أو يساعدوا إن الشهر يكمل من غير سُلفة أو حوجة لحد.. وقلبهم بيتقطع وهما سايبين ولادهم فى سن صغيرة.. وفى ستات تانية نازلة بكيفها ومزاجها عشان تحقق ذاتها وتثبت نفسها وتوصل لطموحها اللى ملوش حدود.


رسايل كتير بتوصلنى لستات حاسة بندم وقهر باين ما بين السطور اللى بعتوهالى «أنا سبت شغلى عشان ولادى محتاجين رعاية.. الناس كلها شايفانى غلط وأنى بضيّع سنين عمرى على الفاضى.. أنا تايهة، هو أنا كده صح و ألا غلط» 


«أنا قررت أقعد مع ولادى لحد ما يكبروا شوية عشان مليش حد أسيبهم معاه وأنا متطمنة.. هل كده أنا مليش دور فى الحياة زى ما ناس كتير بتقولي؟ » 
«أهلى بيتهمونى بالغباء عشان ضيعت سنين عمرى ودراستى وسيبت شغلى لحد ما الولاد يشدّوا حيلهم.. هل أنا غبية فعلًا زى ما بيتهموني؟»


عشان كده حبيت أوجه كلامى لكل الستات و الأمهات بصفة خاصة .. اعملوا اللى يريحكم و اللى يناسب ظروف حياتكم..اختاروا الأنسب لبيتكم ولولادكم..

محدش عالم بحالكم زيكم، وكده كده محدش بيعجب كل الناس.. اللى بتشتغل بتتهاجم عشان سابت ولادها واللى قاعدة بيهم بتتهاجم عشان ضيعت مستقبلها! 
رغم أن اللى بتشتغل بتوفّق بين بيتها وشغلها، ورغم أن اللى قاعدة بيهم واخدة القرار وهى مقتنعة إن ولادها محتاجينها دلوقتى ومينفعش تسيبهم لحد يرعاهم غيرها.. بس كده كده الناس بتتطفل وبتصدر أحكام سطحية ملهاش أى أساس من الصحة.. الست اللى قررت تقعد فى البيت، هى فى الحقيقة مش مرتاحة ونايمة فى العسل ومورهاش مسئوليات، بالعكس الأم اللى قاعدة فى البيت ما بتفصلش، موظفة بلا راحة..

وراها مهمات طول ما هى صاحية، الكل رامى

عليها من منطلق إنها مش بتشتغل.. ممكن جدًا تكون بتأدى دور الأم والأب سوا عشان الأب بيشتغل ومقتنع إنها قاعدة فى البيت ومبتعملش حاجة! 
كأن القعدة مع أطفال حديثى الولادة مش مجهود!


كأن تربية العيال مش مجهود والقعدة وسط زنهم المتواصل مش مجهود! 


كأن مذاكرة العيال مش مجهود ولا حرقة دم ولا توتر أعصاب؟ 


كأن الولاد بيروحوا تمارينهم لوحدهم !


كأن البيت بيتنضف بالريموت كونترول والعيال بيترّبوا بالريموت كنترول من غير مجهود؟


بالنسبة إلى الأم العاملة على قد ما بتتعب بره وجوه بس أديها بتفصل عن زن الولاد وطلباتهم.. ليها مساحتها الخاصة.. حتى لو مسحولة فى الشغل بتعرف تتكلم كلمتين مع صاحبة ليها فى الشغل وهى بتشرب القهوة سخنة، لأن شُرب القهوة وهى سُخنة رفاهية محرومة منها أمهات كتير قاعدين مع ولادهم ليل و نهار!


على قد تعبك بتلاقى عائد مادى بيهون عليكى شوية ويخليكى تشمى نَفَسك و تكبرى فى شغلك..


و كلامى ده مفيهوش أى استهانة أو تقليل من تعب الأم اللى بتشتغل لإنى منهم و مقدّرة تعبهم بس فعلًا حالنا بيكون أهون من حال أمهات مبيقدروش يشدّوا الفيشة و يعملوا أى حاجة لنفسهم.. و تحت الخدمة ٢٤ ساعة فى ال ٢٤ ساعة..


الأم اللى قاعدة فى البيت دى أم عظيمة ومتسمعوش لكلام الستات على الجروبات اللى لما أم بتقول انها هتقعد عشان ولادها صغيرين وفعلًا محتاجينها فتلاقى ستات بيجلدوها ويحسسوها إنها دفنت نفسها بالحيا، متمشوش ورا موضة «سترونج إندبندنت ومان» اللى معناها إنك تقومى بدور الراجل و الست و تستقلّى بحياتك عن جوزك كمقياس للنجاح و للقوة !


وإن تربيتك لولادك لوحدك هى مقياس نجاحك و قوتك..طالما بتعملى اللى عليكى و مش مقصرة فى دورك إوعى كلام الناس يحبطك أو يأثر فيكى..
انتِ أم إذن انتِ بطلة .. سواء بقى بتشتغلى أو متفرغة لولادك.. إوعى تحسى إنك قليلة أو مقصرة طالما بتراعى ربنا فى أهل بيتك لإن كده كده الناس مبيعجبهاش العجب.. واللى يمشى ورا كلامهم هيتعب.
تقبلوا بعض


أجمل إحساس فى الدنيا إن حدّ يقبلك زى ما أنت.. يقبلك بعَبَلك كده زى ما بيقولوا..  ياخدك كلك على بعضك.. زى ما أنت واخده شروة واحدة.. ودى أهم ميزة فى أى جوازة ناجحة أو أى صداقة ناجحة.. إن مفيش حدّ يعمل محاولات مُستميتة عشان يغيّر من شخصية اللى معاه ويحطّه فى القالب اللى هو عايزه.. يقعد ينتقد كل تصرفاته وأحاسيسه وردود أفعاله.. تفتكروا زمان البيوت كانت عمرانة ليه ومكانش فيه نسب الطلاق المُرعبة اللى بنشوفها دلوقتي؟ 
عشان كان فى فِكر اسمه التَقبُّل.. أنا متقبلاك زى ما أنت..

فى كل ظروفك.. فى كل تغيّراتك المزاجيّة.. عشان بفتكرلك الحلو قبل الوحش.. عارف إن فيك عيوب زيى زيك.. وهنفضل سوا كده كده..

وهنعدِّى كل حاجة مع بعض.. هنشيل بعض وقت الشدة.. هنستحمل بعض.. أكبر مشكلة لمَّا تحسّ إن شريك حياتك بيبصّلك بصّة إنك كلك على بعضك مش عاجبه..


يحسّسك إنك عبء عليه..

مش أنت الشخص اللى كان راسمك فى خياله.. خيِّبت توقعاته فيك.. مع إنك نفس الشخص.. بنفس الطباع ونفس المشاعر.. للأسف فى ناس كتير بتتجوّز وتقولك بعد الجواز هغيّره زى ما أنا عايز..


 مفيش حدّ بيتغير بالسهولة دى.. ولو فى حدّ هييجى على نفسه ويتغير فاللازم يكون بيحبك أوى وحاسس منك بتقدير عشان يريّحك..

الإنسان لمَّا بيحسّ بقلة تقدير بيقف مكانه، وساعات كتير بيرجع لورا وبيفشل كمان..

هيقولك ما هى خربانة خربانة.. ما أنا كده كده مش عاجب.. يبقى أعمل زى ما أعملش!
اتغيّر زى ما اتغيّرش! أكتر جملة بتتقال فى الواقع وقت الطلاق أو حتى فى المسلسلات: (هو أنت اتجوزتنى ليه طالما أنا مش عجباك من الأول)، يروح رادد عليها وقايلها: (اتجوزتك على أمل إنك تتغيرى)، فى ناس بتفتكر إنها هتبدِّل الشخص بشخص تاني، وإن طبايعنا زى الريموت كنترول ندوس عليها تتغير زى القنوات!! والأغرب إن الناس دى ما بتستحملش حدّ يقولها على طبع فيها بِم!! 


يقولولك إحنا كده وإن كان عاجب!! والجُملة دى بتنطط الشخص اللى أنت عمال تجيبه يمين وشمال على كيفك!! يقولك هو عمال يبيع ويشترى فيا وعايزنى أتقبله بكلّ اللى فيه ليه؟! 


الشخص اللى اختارته تقبَّله.. ممكن بحبك ليه وبطريقتك اللى فيها تقدير تقدر تخليه يريّحك فى كل حاجة.. بس هيريّحك بطريقته اللى هيطوعها عشان ترضيك مش بأنك تغيّره كله..


فكرة إنك تشكّل حدّ على كيفك ومتراعيش إن ليه شخصية وعايز تمحيها وتعمل شخص جديد على مزاجك فا دى حاجة ظالمة بمعنى الكلمة..
منتهى الظلم انك توهم شخص فى أول معرفتك بيه انك متقبله ومتعايش مع طباعه وتبقى مبيّت النية انك أول ما هترتبط بيه هتشقلب كيانه وهتطلّع فيه القطط الفاطسة وتهدده انك ممكن تسيبه لو ما اتغيرش زى ما انت عايز ..


عشان كده فترة الخطوبة والتعارف مهمة جداً، بتعرّف كل طرف الخطوط العريضة فى شخصية الطرف التانى والمواقف بتبيّن جزء كبير من طبايع البنى آدم ، بس للأسف فى شباب كتير مش بيركزوا فى التفاصيل و بيكبّروا دماغهم فى أساسيات مينفعش نتجاوزها عادى زى البُخل أو الكذب أو الاختلاف الملحوظ فى المستوى الاجتماعى و التعليمي..


منتهى الأنانية انك متكونش واضح فى فترة الخطوبة.. فى جوازات بتتخرّب عشان الزوج فاجىء مراته انها هتسيب شغلها أو دراستها بعد ما كان بيمثل عليها انه هيدعمها ويقف جنبها.


فى بيوت بتتهد بسبب زوج قرر يغير كل طباع مراته اللى شدّته ليها عشان بيغير عليها فبيطالبها تنعزل عن كل الناس ومستنى منها تتحول لشخص تانى لا يمت للشخصية اللى حبها بصلة !


حرام تختار حد وتوهمه انك بتحبه فى كل حالاته وتكون مبيّتله انك هتغيره فى كل حاجة يا اما تهدده انك هتمشى ومش هتكمّل معاه !


بجد بيبقى نفسى اسأل كل واحد أنانى بيحب يشكّل الناس على مزاجه؛ اخترت الشخص ده ليه من الأول طيب طالما كله على بعضه مش عاجبك ومصمم تغيره؟!!