فى الصميم

نوبة صحيان تؤكد: الحل عربى!

جلال عارف
جلال عارف

لا شك أن التوافق حول التعاون الثلاثى بين مصر والعراق والأردن كان يمثل اختراقا هاما لقيود عديدة كبلت حركة الدول العربية نحو استعادة المبادرة فى مواجهة تحديات الحاضر ومتطلبات المستقبل.
كان الاتفاق بين الدول الثلاث اشارة هامة لبدء تعافى العراق الشقيق وخروجه من النفق الذى قاده إليه الغزو الأمريكى الذى هدم كل مؤسسات الدولة وتركها نهبا لعصابات الإرهاب وللنفوذ الإقليمى المعادى لكل ما هو عربى.
كما كان هذا التوافق الثلاثى على أن الجميع قد استوعب الدرس وأيقن أن الدولة الوطنية هى أساس كل تحرك، وأن القوة الذاتية هى ما يحمينا من المخاطر، وأن العمل الجاد لبناء هذه القوة وخاصة فى الاقتصاد هى الأساس المتين لأى تجمع مثل تجمع الدول الثلاث التى تملك كل إمكانيات التقدم التى تقوى بالتكامل بينها.
هذا الأسبوع كانت هناك خطوة أخرى ليست بعيدة عن هذا التوجه مع الاتفاق على توصيل الغاز المصرى إلى لبنان عبر الأردن وسوريا التى افتقدنا وجودها فى العمل العربى المشترك لسنوات طويلة. خطوة هامة تؤكد على الدور العربى المطلوب لانقاذ لبنان، وتمثل اختراقا للحصار غير الشرعى الذى فرض على سوريا وإيذانا بأن سوريا رغم سنوات الدمار قادرة على تجاوز المحنة واستعادة دورها العربى الذى لا غنى عنه.
واضح أن هناك إعادة ترتيب للأوراق العربية فى المنطقة. وأن هناك وعيا متزايدا بحجم المخاطر التى تتعرض لها المنطقة فى ظل التطورات الإقليمية والعالمية المتسارعة، ومع حالة السيولة فى العلاقات الدولية وما عبرت عنه أحداث أفغانستان من تصميم أمريكى على الانكفاء على الداخل، وما يعنيه ذلك فى شرق أوسط تجتاحه الصراعات الإقليمية والحروب الأهلية.
ما تعنيه هذه التحركات العربية الهامة، أن هناك وعيا مسبقا بأنه لا بديل عن القوة الذاتية العربية لمواجهة كل التحديات ولإنهاء هذه الفترة التى تسبب فيها الغياب العربى فى استباحة الوطن العربى ومحاولة هدم الدولة الوطنية فيه، وتسليمه للفوضى أو لعصابات الإرهاب أو لنفوذ الدول الاقليمية غير العربية.. أو لتحالف كل هذه القوى المعادية معا، وهذا هو الأقرب لحقيقة ما حدث! على مدى عشرين عاما كان التآمر يمضى خطوة بعد أخرى فى تركيع الوطن العربى واستباحة مقدراته واغراقه فى الفوضى وتسليمه لعصابات الإرهاب التى ترفع شعارات الإسلام زورا وبهتانا.. وإذا كان مخطط التآمر قد انكسر فى ٣٠ يونيو ومع عودة مصر، فإن بقاياه مازالت قائمة فى أنحاء المنطقة، والمعركة ضدها تستلزم استجماع القوى العربية، وهو ما نرى بوادره الآن فى تحركات هامة تقول ان التعاون الثلاثى «مصر والعراق والأردن» واتفاقية مد الغاز المصرى إلى لبنان هما خطوتان على طريق واعد يقول ان الكل فى المنطقة قد استوعب الدرس وأدرك أن علينا أن نستعيد المبادرة وأن ننهى للأبد حالة الغياب العربى التى دفعنا ثمنها الفادح.
علامات الوعى العربى بما ينبغى عمله كثيرة.
فى الملف الفلسطينى.. تتوارى أصوات التطبيع المجانى، ويبرز التنسيق بين مصر والأردن والسلطة الفلسطينية على طريق الحل العادل الذى يطبق قرارات الشرعية الدولية ويضمن قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس العربية.
وفى الملف الليبى.. يتأكد الاجماع على إجلاء القوات الاجنبية والمرتزقة ودعم إرادة الشعب الليبى فى تحرير أرضه واستعادة دولته الموحدة.
وتبدو القضية واضحة مع الجميع.. دعونا -بالقوة الذاتية العربية- نقيم القوة الرادعة لأى عدوان أجنبى ولأى إرهاب قد يجد فيما حدث فى افغانستان دعما له، ولأى قوى عميلة تبيع ولاءها لمن يدفع أو يدعم ويساند.
هناك «نوبة صحيان» على امتداد الأرض العربية.. ضد الإرهاب، وضد النفوذ الأجنبى، وضد الحروب الأهلية والطائفية «نوبة صحيان» تؤكد أنه لا بديل عن الدولة الوطنية، ولا طريق إلا التعاون العربى المشترك، ولا وسيلة إلا بناء القوة الذاتية بعد أن أثبتت سنوات الغياب العربى أن المتغطى بغير هذه القوة الذاتية سيظل عريانا!!