نوبة صحيان

كوريا الجنوبية عندما انطلقت وتأخرت مصر!

أحمد السرساوى
أحمد السرساوى

مصر تنفتح حاليا على كوريا الجنوبية وعلى العالم كله.. و هو ما ذكرنى بأن البلدان بدأ طريقهما نحو الاستقلال فى وقت متقارب.. مصر عام ١٩٥٢، وكوريا الجنوبية ١٩٤٨.
لكن بعد نصف قرن.. أصبحت كوريا الجنوبية من دول الصف الأول اقتصاديا وتكنولوجيا وارتفاعا فى مستويات المعيشة (الاقتصاد رقم ١٤عالميا بناتج قومى نحو ٢ وربع تريليون دولار سنويا).
بينما مازالت مصر تكافح للحاق بالركب (رقم ٢١ عالميا بناتج قومى اجمالى يصل إلى واحد وربع تريليون دولار) أى أقل من نصف الناتج الكورى الجنوبى رغم أن عدد سكان مصر الضعف تقريبا.
كيف حدث هذا ؟ ولماذا؟
للإجابة قصة مثيرة تُعيدنا لمنتصف الخمسينيات حين انخرطت القاهرة فى صراعات وحروب باردة.. تحولت لمواجهات عسكرية ساخنة ضد المعسكر الغربى وخاصة فرنسا وانجلترا وأمريكا، على خلفية مساندة مصر لحركات التحرر فى أفريقيا وآسيا، وكذلك خاضت سيول حربا مع جارتها البرية الوحيدة «كوريا الشمالية»!!
وقتها واشنطن تدخلت فى الحالتين.. ووجهت لمصر نصيحة حملها معه السيد حسن التهامى مستشار الرئيس عبد الناصر إثر زيارة قام بها التهامى للبيت الأبيض عام ١٩٥٥.
كان مفاد النصيحة أن الجهد الذى تقوم به مصر مع حركات التحرر يمكن توجيهه للداخل، بما يعود بالفائدة المباشرة على الشعب المصري، وهى نفس النصيحة التى وجهتها إلى سيول أيضا، مع حثها على الوقوف كحائط صد ضد التوغل الشيوعى فى لآسيا.
الفرق هنا بين مصر وكوريا كان فى تقييم النصيحة الأمريكية «التى لم تكن تخلو من مصلحة لواشنطن أيضا»..ففى حين كان رد الرئيس عبد الناصر عنيفا، ورفض النصيحة.. نجد أن كوريا الجنوبية رحبت بها والتفتت للبناء من الداخل بالفعل.
وهكذا.. دخلت مصر سلسلة متوالية من الصراع السياسى والعسكرى مع المجتمع الدولي.. فانتهت بهزيمتنا فى ١٩٦٧ ما أدى لشرخ عميق فى الصعود الاقتصادى الذى شهدته بلادنا بداية الستينيات، وتوقفت خطط البناء والتنمية، وتوجهت جُل مواردنا لاستعادة الأرض والكرامة، فى الوقت الذى كانت فيه كوريا الجنوبية تنطلق صعودا.