هل كان الصحابة يفتون في عهد النبي ؟.. الإفتاء تُجيب

دار الإفتاء
دار الإفتاء


ذكرت دار الإفتاء  عبر موقعها الرسمي، المفتون  في عهد النبي صلي الله عليه وسلم وفي حياته حيث اوضحت  دار الإفتاء أنه نهض بهذا الشرف الرفيع جماعةٌ من أصحابه الذين أخذوا الدين من منبعه الصافي، فالتزموا أوامرَ الشريعة وأحكامَها، وأفتوا الناس حسبما سمعوا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يحيدون عنه.

 

وقد كان الصحابة يفتون ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- حَيٌّ بين أظهرهم، وهذا من باب التقليد للنبيِّ -صلى الله عليه وسلم- لا من باب الاجتهاد؛ إذ قولهم لا يكون حجةً في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- وذكر السمعاني أن الناس كانوا يستفتون أهل العلم من الصحابة -رضي الله عنهم- في نوازلهم في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- فيفتونهم([1]). 

 

وروى مالك في الموطأ عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني -رضي الله عنهما–: ((أن رجلين اختصما إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال أحدهما: يا رسول الله اقضِ بيننا بكتاب الله، وقال الآخر -وهو أفقههما-: أجل يا رسول الله اقضِ بيننا بكتاب الله، وائذن لي في أن أتكلم، فقال: تكلم، قال: إن ابني كان عسيفًا على هذا فزنى بامرأته، فأُخْبرتُ أن على ابني الرجم، فافتديت منه بمئة شاة وبجارية، ثم إني سألت أهل العلم فأخبروني أن ما على ابني جَلْدُ مئة وتغريبُ عام، وأخبروني أنما الرجم على امرأته، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أما والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله: أما غَنَمُك وجاريتك فَرَدٌّ عليك، وجَلَدَ ابنه مئة وغربه عامًا، وأمر أنيسًا الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر، فإن اعترفت رَجَمَها، فاعترفت فرجمها)). قال مالك: والعسيف: الأجير([2]).

والواضح من هذا الحديث أن الرجل قد اسْتَفْتَى من لا عِلْمَ له، فأفتاه أن على ابنه الرجم، مما أوقعه في ورطة افتداء ابنه من أن يدعي زوج الزانية عليه، فلما استفتى أهل العلم أخبروه أَنْ ليس على ابنه رجمٌ، فطالب زوجَ الزانية برد ماله، فرفض؛ فاحتكما إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.

 

وذكر التلمساني -نقلًا عن أبي الفرج الجوزي في "المدهش"- أن ممن اشتهر بالفتوى على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعبد الرحمن بن عوف، وابن مسعود، وأُبي، ومعاذ، وعمار، وحذيفة، وزيد بن ثابت، وأبو الدرداء، وأبو موسى، وسلمان، رضي الله تعالى عنهم أجمعين"([3]).


وقد ذكر الشيخ تقي الدين بن قاضي عجلون أن جميع الذين أفتوا في حياة الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد جمعهم أخوه الشيخ نجم الدين بن قاضي عجلون في أبيات من الشعر يقول فيها:
 

لقد كان يفتي في زمـان نبينا    معاذٌ وعـمارٌ وزيدُ بن ثابتٍ
ومنهم أبو موسى وسلمان حبرهم    وأفتى بمـرآه أبو بكر الرضـي
مع الخلفاء الراشدين أئمةُ     أُبَيُّ ابنُ مسعودٍ وعوفٌ حذيفةُ
كذاك أبو الدرداء وهو تتـمةُ     وصدَّقـه فيها وتلك مزيـَّةُ([4])