توقعات بتأجيل ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة لحين تنشيط السوق

محمد عبد الوهاب
محمد عبد الوهاب

استبعد محمد عبد الوهاب المستشار المالي للإتحاد العربي للتطوير والتنمية التابع لمجلس الوحدة الاقتصادية بجامعة الدول العربية، فرض ضريبة ارباح رأسمالية على البورصة مطلع العام المقبل، مرجعاً ذلك إلى تراجع أداء البورصة المصرية منذ بداية العام، حيث أن المؤشرات لم تصل بعد لما كانت عليه خلال ديسمبر 2020 عام الجائحة والذي شهد بالفعل أداء متدني لسوق المال في مصر ومعظم دول العالم ، مؤكداً أن الوقت غير مناسب لفرض مثل تلك الضرائب في وقت تسعى فيه الحكومة لجذب رؤس الأموال الأجنبية للاستثمار في طروحات جديدة بجانب برنامج الطروحات الحكومية الطموح الذي لم يبدأ بعد.

 

ورجح عبد الوهاب تأجيل ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة لحين تنشيط السوق بالشكل الكافي وزيادة حجمه بما يتناسب مع حجم الاقتصاد المصري العملاق ، حيث أن البورصة هي مرأة الاقتصاد ، والبورصة المصرية حتى الأن لا تعكس الصورة الصحيحة التي تتناسب وحجم الاقتصاد المصري.

 

وتابع عبد الوهاب : "تعتبر الضرائب أهم مورد من موارد الاقتصاد المصرى إلى جانب كل من ايرادات قناة السويس وتحويلات العاملين بالخارج والسياحه، ولا يخفى على أحد الانتكاسة الحادثة بالقطاعات الثلاث الأخرى بسبب ما يعانيه العالم حاليا من جراء أزمة كورونا، حيث تمثل الضرائب 75 % من ايرادات الاقتصاد.

وتوقع أن تبلغ الحصيلة الضريبية للعام المالى الحالي 830 مليار جنيه، وتبلغ ضريبة القيمة المضافة المتوقعة للعام المالى 401 مليار جنيه، وسترتفع قرابه الـ 21مليار جنيه بعد قرار التوسع فى ضم المطاعم التى تزيد حجم اعمالها عن 500 الف جنيه سنويا كذلك ضم تطبيقات توصيل الطعام لضريبة ال14% حيث تمثل مبيعات الدليفرى 30% من سوق التجزئه الذى يبلغ قرابة ال500مليار جنيه مصرى وفق احصاءات 2020.

 

وأوضح عبد الوهاب أن الضرائب تعتبر إحدى المصادر الرئيسية للتمويل فى الموازنة العامة للدولة كما أنها تعتبر وسيلة فعالة تمكن الدولة من التدخل فـي الحياة الاقتصادية والاجتماعية وتوجيه النشاط الاقتصادي ونجد أنه من الأهداف الرئيسيه لفرض الضرائب هو تنمية إمكانيات الادخار والاستثمار وذلك بفرض الضرائب التي تحد من الإنفاق الاستهلاكي الزائد وتهيئة الظروف المواتية للتنمية بقصد زيـادة معـدل النمـو الاقتصادي على نحو يحقق زيادة متوسط الدخل الفردي.

وتابع " كما يهدف إلـى تحقيـق التخصـيص الأمثل للموارد الاقتصادية الذي يمكن من تنفيذ المشروعات التي تتضمنها برامج التنمية، والحد من موجات التضخم التي تصاحب عمليات التنمية بما يرتبط بها من تعديل في هيكـل توزيـع الدخول لغير صالح الدخول الثابتة والصغيرة، كما أن الدولة تستعين بالضرائب لتوزيع مكاسـب النمو الاقتصادي وفقا للهيكل الذي تحدده لذلك، ووفقا للفلسفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية السائدة في المجتمع.

 

وأضاف عبد الوهاب، أنها بمعنى مختصر أداة لإعادة توزيع الثروات بين أفراد المجتمع وتحسين الخدمات المقدمة وهنا تكمن المفارقة والإجابه على السؤال الدائم.. هل تتناسب الضرائب المفروضة مع حجم الخدمات أو مستوى الخدمات المقدم من قبل الدولة؟.. والإجابة على هذا السؤال تحمل أكثر من شق ومعنى حيث يقارن البعض بين مستوى الخدمات المقدم فى دول اوروبا مثلا وحجم الضرائب المفروضة، وهل تأتى الخدمة أولا ام تفرض الضرائب.

ولنكن منصفين بعض الشئ - والكلام للمهندس عبد الوهاب -  فإن الإفراط فى فرض الضرائب فى اشكالها المختلفة يمثل عبء اضافى على حياة الناس وأنه يجب أن تفرض الضرائب بشكل تدريجى يتناسب مع حجم الدخول، وأعتقد أنه فى التعديلات الأخيرة للقوانين المختلفة للضرائب تتم معالجة هذه النقطة والتى ربما سيختفى مفهوم العبء الذى تحدثه الضرائب عند حدوث تغيير ملموس فى مستوى الخدمات المقدمة للجمهور وملامسة الناس لتغيير حقيقى يرسخ مفهوم جديد للضرائب بأنها ليست مجرد بند جباية مجبر عليها الناس مكرهين، ولكنها مساهمة الناس فى إحداث التطور والتنمية التى يعيشون فيها.

وفى مصر أعتقد ان الناس بدات تلمس التغير بعض الشئ فى مستوى الخدمات المقدمة من الجهات المختلفة والتى ربما ليست بالكافيه فى الوقت الراهن ولكنها بداية للتغير على الطريق الصحيح ونرى حجم ما تبذله الدولة من مجهود فى إحداث تنمية حقيقية بدأ الناس فى لمسها فى الفتره الأخيرة.

واشار عبد الوهاب إلى أن دور الضرائب يبرز في أنها مصدرا اساسي من مصادر التمويل الداخلي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ولذلك يعتبر أى نقص في الحصيلة الضريبية ناجم عن التهرب الضريبي بكافة أشكاله من شأنه أن يؤثر على قدرة الدولة على تمويل مشروعاتها الاساسية وتمويل استثمارات القطاع الخـاص نتيجة لانخفاض قدرتها في زيادة احتياطها النقدي لدى البنوك.

 

فضلا عن اضعاف التهرب الضريبي لفاعلية الضرائب كاداة لتوجيه النشاط الاقتصادي في اطار يخدم اغراض التنمـية وتحقيق العدالة وبالتالى يعتبر الحد من التهرب الضريبي يعمل على زيادة الايرادات الضريبية وبالتالي ينعكس ايجابيا على التنمية الاقتصادية إن حجم المتأخرات الضريبيه فى مصر بلغ فى احدث الإحصائيات حوالي 130مليار جنيه.

 

وبينما يبلغ حجم التهرب الضريبى الى قرابة ال 400 مليار جنيه لذلك فإن عمليات التهرب الضريبي بكافة انواعها سواء كانت فى شكل الإقتصاد الموازى البعيد عن يد الدولة أو تهرب وتخلف المكلفين بسداد الضرائب عن توريدها فى الوقت المستحق يؤثر سلبا في التنمية الاقتصادية للدولة ومشاريعها وبالتالي تكـون خسـارة في ايرادات الدولة ، موضحاً أن نجاح عملية التنمية الاقتصادية تحتاج إلى العديد من الموارد لتحقيقها كالضرائب والرسوم ، وايرادات املاك الدولة ، والقروض ، والتمويل بالعجز وغيرها من الأدوات التى تحتاجها الدوله لإحداث التنميه ولذلك نجد أنه من الضرورى أن يتمتع النظام الضريبى بالمرونة الكاملة للتعامل مع المكلفين والتسهيل عليهم فى أداء الضريبه المكلفين بها لما لذلك من أثر على زيادة ايرادات الدولة وبما ينعكس فى النهاية على تحقيق التنمية الإقتصادية والاجتماعية المطلوبة.

وطالب عبد الوهاب بضرورة نشر الوعي الضريبي والعمل على ترسيخ مفهوم أن الضريبة هى مشاركة المواطن فى إحداث عملية التنميه وليست مجرد جباية فقط حتى يعرف المكلف بان مساهمته بدفع الضريبة تسهم في بناء عملية التنمية الاقتصادية كذلك يجب أن تزيد الدولة من خطواتها فى تحقيق الشمول المالى وضم الإقتصاد الموازى للاقتصاد الرسمي لما سيكون له من أثر كبير فى عمليات التنميه مستقبلا .