هناك بالقطع بعض القرارات أو القوانين التي تصدرها الحكومة أو السلطات المختصة في بعض الأحيان، ويثبت بعد ذلك أن بها أخطاء أو يشوبها عوار، يتطلب التصحيح أو حتي الإلغاء، ..، هذا أمر طبيعي يحدث في العديد من الدول، وتتعرض له العديد من الحكومات أو السلطات، وقد تعرضنا له عدة مرات، لعل أقربها إلي الذاكرة الآن القوانين الخاصة بالانتخابات. وهناك أيضاً قرارات أو قوانين سيئة الحظ، حيث تلتصق بها صفات بعينها تكون دالة عليها ومشيرة إليها في أذهان الناس، يعرفونها حين يأتي ذكر هذه الصفات في أي موضع أو مناسبة، ..، وأكثرها بروزاً علي الإطلاق ما لصق ببعض القوانين الخاصة بتقييد الحريات من أنها القوانين سيئة السمعة، وهو ما أصبح دالاً عليها بالفعل.. ولكن أن تكون هناك قرارات أو قوانين حائرة أو مظلومة أو مضطهدة، من جانب الحكومة أو السلطة التي أصدرتها وقررت وضعها موضع التنفيذ، فهذا جديد، ..، ولكنه للأسف أصبح واقعاً عندنا، والمثال الحي علي ذلك قائم أمامنا في القرار أو القانون الخاص بالعمل بنظام التوقيت الصيفي، الذي أصبح محلاً للنقض والإبرام من جانب الحكومات التي تعاقبت علي مصر، خلال السنوات الأربع الماضية حتي اليوم. حكومة تري أنه جدير بالتنفيذ ويجب العمل به وفقاً للقانون المنظم لذلك والصادر في عام ١٩٩٥، وأخري تري أنه لا محل له من الإعراب ولا موجب لتنفيذه أو العمل به، ثم تأتي حكومة أخري تري عكس ما قررته سابقتها وتقرر استئناف العمل به، ..، وهكذا أصبح حال القانون حائراً ومتأرجحاً ما بين العمل به أو وقف سريانه أو إلغائه، ..، وفي كل ذلك الناس أيضاً في حيرة من أمرهم وأمر الحكومة. أقول ذلك بمناسبة ما أعلن عن توجيه لرئيس الوزراء بعمل استطلاع رأي المواطنين حول تطبيق التوقيت الصيفي من عدمه، ..، ومع احترامي الكامل وتقديري الشخصي والعام لرئيس الوزراء، ..، وهو يعلم ذلك، ومع تأييدي لأسلوب وضرورة التعرف علي رأي الجماهير، كي تكون القرارات معبرة عن آرائها ومحققة لرؤيتها، ..، إلا أن هذا القرار لا يحتاج إلي ذلك ولا يجب أن يخضع لهذه القاعدة رغم صحتها.. وأحسب أن القاعدة الوحيدة اللازم التقيد بها والعمل بها في هذا الخصوص، هي المصلحة العامة والعائد الاقتصادي، وليس أي شيء آخر، ..، والحكم في هذه المسألة هو في الإجابة عن هذا السؤال: هل هناك فائدة أو مصلحة عامة تفرض علي الدولة تطبيق التوقيت الصيفي، أم لا؟!،..، إذا كانت الإجابة بنعم، وأعتقد أنها كذلك في ظل أزمة الطاقة والكهرباء التي نعاني منها، يصبح من الضروري علينا البدء في العمل بالتوقيت الصيفي في موعده نهاية أبريل الحالي.