فى الصميم

نهاية سنوات الغياب العربى

جـلال عـارف
جـلال عـارف

جاءت القمة الثلاثية بين الرئيس السيسى والعاهل الأردنى والرئيس الفلسطينى فى ختام أسبوع مهم على صعيد اللقاءات العربية التى تشير إلى إدراك عميق بالمخاطر والتحديات، وسعى مسئول للخروج بالمنطقة إلى بر الأمان بعد سنوات من زرع الفوضى وحروب الوكالة والانقسامات الأهلية والعدوان الخارجى والأطماع التى لم تتوقف عن استغلال لحظات الضعف العربى لمصلحة الأعداء، ولم تتأخر فى دعم قوى الإرهاب لكى تكون أداتها فى تدمير كل ما هو عربي!


فى البداية..

كانت قمة بغداد التى كانت عنواناً كبيراً يشير إلى أن العراق يستعيد عافيته بعد سنوات الحرب والدمار. ورغم كل التحديات التى يواجهها.

وكانت رسالة مصر إلى القمة واضحة كل الوضوح: دعم جهود العراق بكافة الوسائل، لكى يستعيد مكانته ويعيد بناء دولته، ووفق كل صور التدخل الأجنبى هناك، وفتح الأبواب لعلاقات صحيحة مع القوى الإقليمية على أساس عدم التدخل واحترام السيادة الوطنية.


ثم كان لقاء الجزائر الذى ضم دول الجوار الليبى العربية (مصر والجزائر وتونس والسودان)، بالإضافة لتشاد والنيجر، والذى ناقش وسائل دعم شعب ليبيا الشقيق فى هذه المرحلة الدقيقة التى يفترض أن تصل بالبلاد إلى الانتخابات العامة فى نهاية ديسمبر، والذى أكد على ضرورة تنفيذ القرار الدولى بترحيل كل القوات الأجنبية والمرتزقة دون تسويف.

مع تأكيد الجميع على أن استقرار ليبيا هو قضية أمن قومى لكل دول الجوار التى لا تأمن عواقب تدهور الموقف فى ليبيا أو بقاء ميليشيات الإرهاب وعصابات المرتزقة على أرضه.

ثم جاءت قمة القاهرة لتؤكد أن قضية فلسطين ستظل قضية حاكمة لأمن واستقرار المنطقة، ولتؤكد أن الحل العادل والشامل القائم على قرارات الشرعية الدولية هو وحده الذى يؤسس للسلام الذى لا يمكن أن تأتى به الصفقات المشبوهة ولا محاولات فرض الأمر الواقع بالقوة أو بالتواطؤ الدولى الذى قدم أسوأ الأمثلة مع صفقات ترامب المحكومة بالفشل منذ البداية!


>>>


تأتى كل هذه اللقاءات المهمة فى ظل حالة استثنائية يمر بها العالم وتترك انعكاساتها الخطيرة على المنطقة. «زلزال أفغانستان»  سيترك آثاره لسنوات طويلة. حالة السيولة وخلط الأوراق لن تمس فقط الدول المجاورة والمشتبكة فى أفغانستان بل سيمتد أثرها إلى ما هو أبعد بكثير. «أمريكا المنسحبة» لن تترك الميدان لمنافسيها الذين تتقدمهم الصين وروسيا، وليس أمامها إلا أن تراجع مواقفها، وأن تستوعب الدرس لتتفادى هزائم جديدة!


بالتأكيد..

ما حدث فى أفغانستان يطلق كل أجراس الإنذار فى العالم بعد الفشل الأمريكى فى مواجهة الإرهاب.

لكنه - فى نفس الوقت- يؤكد ضرورة الوعى بأن التهاون مع الإرهاب أو استخدامه من جانب القوى الكبرى هو لعبة خطرة وهزيمة مؤجلة، وكذلك الإدراك بأن الدولة الوطنية القومية الموحدة وحدها هى القادرة على مواجهة التحديات مهما كانت القوى الكبرى فى العالم تعيد حساباتها على ضوء أحداث أفغانستان بالنسبة لنا كان هذا التحرك العربى شديد الدلالة فى أن الجميع يدركون أنه لا بديل عن مواجهة تنهى ما  تبقى من آثار سنوات الفوضى والدمار والحروب بالوكالة. ولا بديل عن الدولة الوطنية الموحدة التى تستعيد العراق بكامل عافيته، وتفتح أبوب عودة سوريا، وتنهى الصراع على مقدرات ليبيا، وتستعيد الحياة للحل العادل الشامل فى فلسطين بدولتها المستقلة وعاصمتها فى القدس.


من بغداد، ثم الجزائر، إلى القاهرة..

كانت الرسالة واضحة، آن الأوان لإنهاء ميراث سنوات الغياب العربى الذى تحولت فيه الأرض العربية إلى ساحة لتصفية الصراعات الدولية أو لسعى القوى الإقليمية غير العربية لمد نفوذها والتباهى بالسيطرة على عواصم عربية. وآن الأوان لأن يفهم العالم كله أن الرهان على إشاعة الفوضى فى منصقتنا  أو الانحياز للإرهاب الدينى أو الاحتلال الصهيونى لم يعد جديا.


مهم جداً أن يدرك العالم أن سنوات الغياب العربى انتهت، وأننا جاهزون للتعامل مع كل التحديات!