أما قبل

أنا والدراجات.. والحلم التاريخى!

إبراهيم المنيسي
إبراهيم المنيسي

« مصر تقدم بطولة استثنائية بمعنى الكلمة» .. عبارة لخص بها الفرنسي ديفيد لابارتيان رئيس الاتحاد الدولى للدراجات انبهاره ودهشته للمستوى الذى وجده فى تنظيم وافتتاح بطولة العالم لمضمار الدراجات بالقاهرة مساء أمس . البطولة التى تقام تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي وافتتحها رئيس الوزراء د. مصطفي مدبولى وتشارك فيها ٤٦ دولة عبرت وفودها عن دهشتهم لروعة المضمار المصرى ولما وجدوه من امكانات ومظاهر جديدة من بينها أن المصريين بدلوا باقات الورود التى تمنح للبطل عند تتويجه بالميدالية بمجسم صغير للمسلة المصرية كهدية تذكارية ترمز لأرض الحضارات وهداياها للانسانية .. وتلك لفتة طيبة .
غير أن دهشة الفرنسي وكلماته بحق مصر وقائدها وامكاناتها ومضمار الدراجات المبهر في ستاد القاهرة اعادنى شخصيا للوراء طويلا ولأبعد من ثلاثين عاما ..
قبل تشرفي بالانضمام لأسرة القسم الرياضي بجريدتنا الغالية الأخبار .. وهو القسم الذى يعد مدرسة صحافية بذاتها كان ناظرها وأستاذها الراحل الكبير أستاذ الأجيال الكابتن عبد المجيد نعمان رحمة الله عليه وامتداده الطبيعي مهنيا وإخلاقيا الناقد الرياضي الكبير أستاذنا حاتم زكريا، كنت فى تجربة قصيرة بصحيفة رياضية متخصصة وليدة لبضعة أشهر رأى مدير تحريرها وقتئذ ضرورة اقصائي لأسباب لا مجال للخوض فيها ، فما كان منه إلا أن كلفنى بمتابعة وتغطية اتحاد الدراجات بوصفه غير ذى أهمية على الإطلاق واخباره لا تنشر .. حاجة كده على هامش الهامش !!
المهم ، أننى فوجئت وبالصدفة البحتة ، وكان هذا تقريبا فى صيف عام ١٩٩٠ ، باتحاد الدراجات ينقل مقره لشقة مستأجرة فى عمارة تواجه سكنى بشارع الملك فيصل بالهرم وازداد اهتمامى بالدراجات حتى أننى نقلت و كشفت عن الأب الروحى للعبة فى مصر وكان بلدياتى من أسيوط اسمه «محمد المصرى» وزرته فى بيته بمنفلوط ونقلت تجربته وحكى لى عن حلمه الكبير بأن يكون فى مصر مضمار للدراجات .. مكان مقفول يلعبوا فيه زى بلاد بره. بدلا من تدريب اللاعبين بالطرق السريعة ومصرع الكثيرين منهم فى حوادث طرق.. وكانت الجيرة لمقر الاتحاد بالطبع فرصة سانحة لتغطية دقيقة وربما لحظية لنشاط اتحاد الدراجات ورئيسه الدكتور وجيه عزام ( لايزال هو الرئيس حتى الآن وبات رئيسا للاتحاد الأفريقي ونائبا لرئيس الاتحاد الدولى للعبة ) وأذكر أن د. وجيه عزام ومدرب المنتخب آنذاك محمد عاشور وكل مسئول ولاعب بالدراجات يتكلم لك لا يذكر غير أمنية واحدة : نفسنا يكون عندنا مضمار للدراجات فى الاستاد نتدرب ونلعب فيه بأمان .. مرات كثيرة كتبت للدكتور وجيه عزام الرئيس التاريخي لاتحاد الدراجات مناشدته ورجاءه للمسئولين لانشاء «فيلد روم « أو مضمار للدراجات بالاستاد .. قالها وطالب بها د. عزام طويلا ، حتى أننى وفى كل حوار وكلام معه كنت أقول له : هااا .. ايه المطلوب تانى غير الفيلد روم .. فيقول هو الفيلد روم !!
دارت الأيام .. وجرت فى النهر مياه كثيفة .. وكبرنا .. وجاءت ليلة أمس الأول لأشاهد عبر الشاشة الدكتور وجيه عزام فى قمة السعادة والفرحة والزهو أمام وفود العالم والاتحاد الدولى بالمضمار المصرى الخاص بالاستاد .. فقد أصبح الحلم التاريخي الذى كان صعب المنال ، حقيقة مبهرة للعالم بفضل توجهات ورعاية الدولة وحرص الرئيس السيسي على أن تكون مصر فى المكان اللائق بها وبقيمتها وبحضارتها وأهلها وشبابها ..وتبهر الخواجات .