العمالة المصرية في العراق

كرم جبر
كرم جبر

السؤال الذى تلقيته أثناء وجودى فى العراق هو: متى تعود العمالة المصرية؟
قلت: انتهى عصر العمالة العشوائية ولن تعود مرة ثانية، فالعراقيون ينظرون إلى التجربة الإصلاحية المصرية بإعجاب شديد، ويسعون إلى تطبيقها والاستفادة منها.

لكنهم يريدون نماذج المشروعات الكبرى والطرق والكبارى والمدن الصناعية والمزارع السمكية ومدينة الدواء والغذاء، وغيرها من المشروعات التى تتحدث عن نفسها.

ولا يريدون عمالة عشوائية تعمل يوماً وتتعطل عشرة، ولا تفترش الشوارع والميادين بحثاً عن فرصة عمل.. ومصر أيضا لا تريد ذلك ولن تفتح الباب له.

المطلوب هو العمالة المنظمة فى شكل شركات ومؤسسات تتولى تنفيذ الأعمال الضخمة، وتحفظ حقوق عمالها، وتقدم المستوى المطلوب من التنفيذ والجودة.

لقد تغيرت صورة مصر والمصريين فى الخارج بصورة كبيرة، وانعكست قوة الدولة وخطتها الإصلاحية، فى نظرة الآخرين لنا، وأصبحت قوة مصر والمصريين فى الخارج، تقف على أرضية قوة مصر فى الداخل.

العمالة المنظمة هى الحل الوحيد لمواجهة الطلب المتزايد على العمالة المصرية فى الدول التى تريد بناء نفسها مثل العراق وليبيا، وهى الدول المفضلة للمصريين، ولكن علينا أن نكون مستعدين بأسلوب منظم حتى تستمر النظرة الإيجابية فى الخارج.

مصر تقدم نموذجاً يتناسب مع متطلبات واحتياجات كثير من دول المنطقة، خصوصاً التى عانت من ويلات الربيع العربى الذى جاء إليها بالخراب والدمار والحروب الدينية، بينما تقوم التجربة المصرية على السير بسرعة فى محاربة الإرهاب وتنفيذ خطط التنمية الطموحة.

وبدأت فكرة «إحياء الدولة الوطنية» تتردد كثيراً فى الدول العربية، باعتبارها الحل الأمثل لإعادة الهدوء والاستقرار لتلك الدول، التى عانت من تفكيك مؤسساتها وتسريح جيوشها الوطنية، واستبدال مكوناتها التاريخية والثقافية بمفاهيم طائفية وعرقية.

صارت فكرة «الدولة الوطنية» هى النموذج الأمثل لعودة الأمن والاستقرار للدول والشعوب، بدلاً من «الديمقراطية الخلاقة»، التى تم تصديرها مثل النفايات السامة، فلم تحمل إلا الشر.
وتبدو فى الأفق مظاهر التعب والإرهاق التى أصابت كثيراً من دول المنطقة، من جراء الحروب والصراعات والفتن، التى أنهكت قواها وأفقرت شعوبها، فأصبحت حريصة على أن تسترد عافيتها وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

ومصر تعمل وتتحرك دون صخب أو ضجيج أو استعراض، وتتحدث عنها أعمالها وليس لسانها، واختفت تماماً نغمة الشامتين فى اختفاء الدور والمكانة، ولعلهم أدركوا أن ذلك لا يُكتسب بالخطب والشعارات.
تبدو فى الأفق ملامح مرحلة جديدة، تحل فيها المشروعات والمشاركات محل الحروب والصراعات، وسوف يكسب الجولة من يؤهل بلده للمتغيرات السريعة.