جعلوها مجرمة.. « الستات بتعرف تقتل » !

الستات بتعرف تقتل
الستات بتعرف تقتل

كتبت : هاجر زيدان

حالة من الجدل الواسع أثيرت مؤخرا بعد الإعلان عن الاستعداد لتقديم العمل الدرامي الجديد «الستات بتعرف تقتل»، والذي استغل صناعه كم الحوادث وأحداث العنف الأسرى التي انتشرت بين الأزواج وداخل نطاق الأسرة، في الفترة الأخيرة، ووجدوا به مادة خصبة لطرح واحدة من أهم قضايا المجتمع الشائكة التي تفاعلت معها الدراما وقدمتها خلال عديد من الأعمال السابقة، وإن كان أغلبها قُدمت في فترات لم يصل به مستوى العنف وجرائم القتل للمستوى، الذي نرصده في وقتنا الحالي، والذي بدأ يشير فيه البعض بأصابع الاتهام إلى الدراما كأحد أسباب انتشار مثل هذه الظواهر لسوء معالجتها، وتعاملها مع مثل هذه القضايا.

خلال السطور التالية تفتح «أخبار النجوم» ملف «دراما القضايا الشائكة» انطلاقا من ذلك العمل الجديد، وتلقى ما قدمته الدراما في معالجة وطرح لهذه القضية من وجهة نظر خبراء ومتخصصين في مجالي الدراما وعلم الاجتماع.

يبدأ الناقد طارق الشناوى حديثه عن قضايا القتل وعنف المرأة التى باتت مع تزايد أعدادها حديث الشارع في الوقت الحالي، وعن مدى نجاح الدراما تناولها ومعالجتها قائلا: «من المفترض وفقا للانطباع السائد عن هذه السلوكيات أنها تكون أقرب فى الفعل للرجال عن السيدات».

ويوضح: «هناك مقولة سائدة فى علم الجريمة تؤكد أن «وراء كل جريمة امرأة» فتلك المقولة توضح أن المرأة في بعض الأحيان تكون مسئولة عن التخطيط وليس التنفيذ، و ذلك لا ينفي أنه توجد نساء ترتكب جرائم قتل فلدينا اشهر قاتلتين في التاريخ «ريا وسكينة»، وبالرغم من ذلك استطاعت الدراما ايجاد معالجة درامية مناسبة وتقديمها على هيئة عمل مسرحي كوميدي، بل وجعلت المشاهدين يتعاطفون معهما بنسبة كبيرة. 

كما يعتبر الشناوي، أن هناك تحول كبير قد حدث فى المعالجات الدامية لمثل هذه القضايا بالسينما والدراما المصرية معا وتجسيدها خاصة خلال مشاهد العنف والقتل، وذلك منذ التجربة الأشهر مع فيلم «المرأة والساطور» وصولا لمشاهد القتل التى تقدم فى الدراما حالياً، وهو ما يوضحه قائلا: «تغير الواقع لعب دورا أساسيا في ذلك التحول فعندما اصبح القتل والعنف بشكل عام يشهد تطورا فى أساليب تنفيذه بالواقع، وبالتالى بات على الدراما مجاراة ذلك التطور كما رأينا فى المشهد الشهير لقتل الزوجة لزوجها بمسلسل «أيوب» في مشهد قتل محمد لطفي، فضلا عن أن المرأة فى عصرنا الحالى أصبح لديها ما يكفى من للعنف لارتكاب مثل هذه الوقائع، وهنا الدراما مجرد مرآة لهذا الواقع وليست ملهمة او مبتكرة». 

واقع مزيف

في المقابل يرى السيناريست محمد حلمي هلال، أن اهتمام الدراما بمثل هذه القضايا اهتماما زائدا دون دافع مبرر لتحول مشكلة عابرة قد تتكرر على فترات متباعدة هي «قتل الازواج» الي ظاهرة اجتماعية، وذلك دون إحصائيات أو أدلة واضحة تؤكد ذلك وتوضح سبب اهتمامها الزائد بمثل هذه القضايا. 

ويضيف محمد حلمى: «فتح قضية قتل الأزواج في عمل درامي ما هو إلا استجابة واضحة لتأثير «السوشيال ميديا» فى فرض قضايا وموضوعات معينة تجعلها تتصدر المشهد دون الاستناد على دليل إحصائي يرتكز عليه فى تعاملنا مع مثل هذه السلوكيات على اعتبار أنها ظواهر حقيقية فعلا تستحق الرصد، وتقديم الحلول والمعالجات، وبالتالى لا نستطيع ان نقول إن طرح الدراما لهذه الأحداث هو ترجمة ونقل لواقع مجتمعى نعيش به فما هو إلا واقع مزيف فرضتها مواقع التواصل الاجتماعى كالشائعات».

ويعتبر حلمى هلال، أن أغلب الأعمال التى تحدثت عن سلوكيات المرأة وعنفها الذى قد يصل الى حد القتل للرجال هو فى حقيقة الأمر خطاء درامى كبير وقعت فيه هذه الأعمال لأنها ظلمت المرأة بشكل كبير بل يمكن اعتبارها بمثابة قتل معنوى للمرأة بإظهارها فى صورة الزوجة المجرمة القاتلة لزوجها، خاصة واننا مع كل ذلك لا نتعامل مع واقع حقيقى مما يدفعنا لترسيخ مفهوم كهذا». 

أثر نفسى

على الجانب الآخر، حرصنا على طرح الأمر على بعض المختصين فى مجال الطب النفسي فى دراسة هذه الظاهرة والتأثير المجتمعى لتناول الدراما لها بشكل إيجابى من الناحية النفسية أيضا، وكانت البداية مع الدكتور محمد هانى استشاري الطب النفسى والعلاقات الأسرية ويقول: «الدراما هي الوسيلة الأولى لنقل الواقع عن طريق تجسيده في مشاهد وعرضه فيما يقدم خلالها من أعمال، لذلك إذا عرض مشاهد القتل والعنف في الاعمال الدرامية بالتأكيد سوف تترك اثرا سلبيا عند المشاهد، فأنا دائما اقدم نصيحة للكتاب والمؤلفين أن ينظروا للجانب النفسي قبل النظر للجانب المادي، فتجوز عرض تلك المشاهد السلبية في حالة تقديم معالجة درامية مناسبة، ولكن لا يجوز عرض مشاهد قتل وعنف دون معالجة درامية نفسية». 

ويضيف: «أرفض بشكل عام طرح ومناقشة قضايا قتل الأزواج من خلال الدراما، لأنه تناول مثل هذه الاحداث والتعليق عليها يجعلها بمرور الوقت تتحول من مجرد احداث فردية عابرة الي ظاهرة وتسلط الضوء عليها اكثر، وقد يؤثر ذلك على المشاهد بصورة مباشرة بإصابته بحالة من تبلد المشاعر لاعتياده على مشاهدة وتسليط الضوء على القضايا من هذه النوعية، كما قد يكون لها أضرار اجتماعية ونفسية أخرى منها زيادة في معدلات الطلاق وتجنب الشباب للتفكير فى مشروع الزواج، بالاضافة الى ذلك أن أغلب الاعمال الدرامية التى قدمت وتناولت طرح هذه الظاهرة، وقعت فى أخطاء كبيرة جداً وهو المبالغة، من أجل جذب انتباه المشاهدين للعمل، كما انها تفتقد دوما عنصر التبرير النفسى والمنطقى للجريمة وهو خطأ يقع فيه اغلب المؤلفين نتيجة لعدم درايتهم ووعيهم بالحالة النفسية التي يكون عليها القاتل بشكل عام».
كما يشير فى تعليقه على العمل الجديد «الستات بتعرف تقتل»، قائلا: «إذا كان المسلسل سوف يناقش قضية قتل الازواج -وهو ما يبدو واضحا من عنوانه- فذلك ليس التوقيت المناسب لعرضه، خاصة بالتزامن مع بعض احداث القتل التى اعلن عنها مؤخرا، بالاضافة الى ذلك ان عنوان المسلسل مباشر وصريح بدرجة كبيرة  واتمني ان تعترض الرقابة على اسمه أو ان يراجع القائمون عليه انفسهم فى اختياره».


معالجة خاطئة


تتفق مع فى الرأي د. سامية خضر استاذ علم الاجتماع، مشددة على خطورة التأثيرات النفسية والاجتماعية لاهتمام الدراما بمثل هذه الظواهر ومعالجتها، حيث تعتبر أن عرض اي عمل درامي يناقش قضايا والحوادث الأسرية على وجه الخصوص وخاصة أحداث قتل الأزواج له دور وتأثير كبير جدا فى تدمير الشباب نفسيا، اجتماعيا، وأخلاقيا وخاصة اذا لم تقدم معالجة درامية مناسبة بعد طرح المشكلة، و في بعض الاحيان لا تتوقف علي ترك أثر سلبي بل تصل لدرجة التقليد وهو أخطر ما فى الأمر.