الدواء المر| المواطن «طبيب نفسه».. الطريق للأمراض الخطيرة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

 

مشهد أصبح معتادا أن ترى شخصا يقف أمام الصيدلي يروي له تفاصيل الأعراض التي يعانيها منذ فترة أو يستشيره في الحصول على أي دواء أو مسكن للتخلص من الآلام التي يشعر بها، وأحيانا أخرى يتحول المريض إلى طبيب يشخص المرض لنفسه أو يلجأ إلى فتوى من حوله من معارف أو أقارب ليتناول الأدوية بعشوائية دون استشارة الطبيب المختص ودون النظر إلى الثمن الذي سيدفعه في النهاية .

سرطان المعدة.. خلل فى وظائف الكلى و الكبد.. القىء الدموى وأحيانا الوفاة، هذا بعض مما قد يسببه الإفراط فى تناول الأدوية و المسكنات دون النظر إلى الآثار الجانبية والمشكلات الصحية التى قد يجنيها بسبب ذلك التصرف،

«الأخبار» ناقشت الأطباء حول خطورة هذا الأمر وكيف يعرض المواطن حياته للخطر دون وعى ،وعرضت بعضا من الأبحاث و الدراسات العالمية التى تحذر من سوء استخدام الأدوية

لكل عقار أو مادة تأثيرات وتفاعلات مع الجسم منها ما يصبح ذات فائدة ومنها ما قد يسبب ضررا كبيرًا أو أعراضًا جانبية ذات خطورة، ولعل المضادات الحيوية أبرز دليل على ذلك، فهى تعد سلاحًا ذا حدين، فكما تعمل على قتل البكتيريا فإن الإفراط فى تناولها دون استشارة الطبيب قد يؤدى إلى كوارث صحية تؤدى للأمراض الخطيرة ومن ثم الوفاة، وهناك العديد من الدراسات والأبحاث التى تثبت ذلك سواء كانت على المستوى العالمى أو المحلي.

بداية يقول د. سعيد شلبي أستاذ الباطنة والكبد بالمركز القومى للبحوث إن فى جميع دول العالم لا يحق للصيدلي صرف أى دواء الإ من خلال الروشتة الطبية، ولكن الواقع هنا مختلف تماما ويقع على عاتق أولا المواطن الذى يجب أن يكون لديه الوعى الكافى ويعلم جيدا خطورة الاعتماد على استشارة الصيدلي وما قد يسببه له ذلك من مخاطر، كما يجب أيضا أن يتحمل الصيدلى المسئولية و أن يمنع صرف الأدوية إلا من خلال الطبيب المعالج حتى لا يعرض نفسه لمشكلات على أن يتم تطبيق ذلك من خلال تشريع أو قانون يمنعه من ذلك.

ويضيف: فعلى سبيل المثال إذا كان هناك شخص يعاني من الصداع المتكرر و لجأ إلى المسكنات دون الكشف معتمدا أنه مجرد «صداع» قد يعرضه كثرة تناولها للإصابة بأمراض المعدة من قرحة قد تصل إلى نزيف أو سرطان فى بعض الأحيان، فالأسباب التى قد تؤدى إلى إصابة الشخص بالصداع المزمن كثيرة منها الضغط أو نسبة الدهون العالية فى الدم ،و الأمر يتكرر كذلك مع الأدوية التى بها نسب «الكورتيزون» كبيرة لأن فرط استخدامها قد يؤدى للإصابة بمرض السكرى أو يحدث مضاعفات للجسم ..

ويحذر د. سعيد شلبى من أن يتقمص المريض دور «الطبيب «إما بسبب النواحى المادية أو بسبب ثقافة التعود على استشارة الصيدلي لأنه فى كل الأحوال يعرض نفسه للخطر.. يؤكد د. محمد أسامة مدير معهد القلب السابق أن ما يفعله المريض فى حق نفسه يعد جريمة بكل المقاييس ،فالذهاب إلى الطبيب من المفترض أنها من الثوابت التى لا تتوافر لها أى بدائل أخرى .

ويشير إلى أن مرضى القلب وهم شريحة كبيرة لدينا يتناولون نوعين من أدوية السيولة وفى حال تناول أى مسكن دون الاستشارة فإن ذلك قد يعرضه لمخاطر وآثار جانبية قد تؤدى إلى الوفاة فما يحدث أن التناول المتكرر للأدوية لا يشعر المريض بأضراره فى نفس الوقت، ولكن على المدى البعيد تحدث المضاعفات التى يتضح للمريض بعدها بسنوات بسبب ما فعله بنفسه خاصة أن هناك بعض المواد الفعالة للأدوية تناولها دون وعى أو سؤال الطبيب ينتج مادة فعالة جديدة ، إما تقوم بإبطال مفعول أحد الأدوية أو تنتج مادة فعالة جديدة تؤثر بالسلب على صحة المريض الذى لا يكتشف ذلك الإ فى وقت متأخر وبعد تدهور حالته الصحية..

ويقول د. إسلام الديب أخصائى طب الأطفال وحديثى الولادة ومكافحة العدوى إن المضادات الحيوية لا تستخدم فى علاج العدوى الفيروسية لكنها تستخدم فى حالات العدوى البكتيرية، وأن الإفراط فى استخدام وصرف المضادات الحيوية سواء من قبل بعض الأطباء أو بعض الصيادلة وكذلك بعض الأهالى بدون استشارة الطبيب أمرغاية فى الخطورة، ولذلك لا يتم صرف المضادات الحيوية فى جميع دول العالم بدون الرجوع إلى الطبيب، لما له من أضرار على الجهاز المناعى للطفل.

وأشارإلى أن هناك أطباء يخضعون إلى الضغط من قبل الأهل الذين يرغبون فى صرف مضاد حيوى لأبنائهم تحت مبدأ «أصله مش بيخف إلا على المضاد الحيوي» مؤكدًا أن هذا خطأ فادح فى حالة استجابة الطبيب.

ويؤكد د. أشرف عقبة رئيس قسم الباطنة و المناعة بجامعة عين شمس أن اللجوء إلى استخدام المسكنات بكثرة أمر يفعله الكثير من الأشخاص دون الاهتمام بعواقب ذلك و تأثيره على جهازهم المناعى وعلى حالتهم الصحية بشكل عام.

فيقول : إنه دون أدنى شك السعى وراء تناول المسكنات بكثرة بل وحرص البعض على تواجدها داخل الحقيبة أو المكتب دون سؤال الطبيب عن المسكن أو الدواء الأنسب له يقوم بعمل خلل فى الجهاز المناعى و يؤثر عليها بشكل كبير، فلكل جسم طبيعته التى تختلف عن الآخر و حالته الخاصة ،فالمسكن الذى يتناوله شخص لا يتطابق مع نفس الأعراض لشخص آخر و لكن سهولة الحصول على الأدوية جعلت تناولها سهلا أيضا.