حوار: محمد ياسين
تعتبر الكلية الفنية العسكرية أحد مراكز الدراسات العلمية التخصصية فى القوات المسلحة فى فروع العلوم الهندسية والتكنولوجية المختلفة، ومرجعاً فى التطبيق العلمى الهندسى والتكنولوجى فى نظم التسليح المختلفة منذ إنشائها عام 1958 لإعداد ضباط المستقبل من المهندسين المتخصصين القادرين على فهم أعقد نظريات التصميم وأحدث تقنيات عمل نظم التسليح المتطورة والعمل على إصلاحها وتطويرها.
وقد أكد لواء أستاذ دكتور إسماعيل كمال، مدير الكلية الفنية العسكرية، أن منظومة التعليم فى الكلية تشهد تطورًا كبيرًا خلال الفترة الأخيرة سواء فى المناهج الدراسية أو المعامل لمواكبة التطور التكنولوجى الهائل فى كافة المجالات لتقوم بتخريج ضباط من الكلية قادرين على التعامل مع كافة نظم التسليح الحديثة، كما أن لديهم القدرة على حل المشكلات الهندسية المختلفة فى أقل وقت وبأقل تكلفة ممكنة ... وفيما يلى نص الحوار:
< أكثر من نصف قرن من العطاء للكلية الفنية العسكرية للقوات المسلحة ... ما هى مراحل التطوير الرئيسية التى شهدتها الكلية الفنية العسكرية خلال تلك المدة؟
ـ تعتبر الكلية الفنية العسكرية أحد أهداف ثورة يوليو 1952 بتنويع مصادر السلاح كخطوة عملية لتحقيق أحد أهم مبادئها الستة وهو بناء جيش وطنى قوى للدفاع عن مصر ضد أية مخاطر تهدد أمنها وسلامتها. ونظراً للتطور الكبير والسريع فى تكنولوجيا التسليح ومعدات الدفاع فى كلٍ من القوات البرية والبحرية والجوية والدفاع الجوى برزت الحاجة إلى نوع جديد من التعليم الهندسى والتكنولوجى المتخصص فى تكنولوجيا التسليح المتقدمة لضخ ضباط مهندسين فى شرايين القوات المسلحة المصرية، ومن هذا المنطلق تم إنشاء الكلية الفنية العسكرية سنة 1958. وقد كان لخريجى الكلية الفنية العسكرية دور كبير فى استعادة قواتنا المسلحة كفاءتها القتالية أثناء حرب الاستنزاف كما برزت أهمية الضباط المهندسين فى انتصار أكتوبر 1973. ولقد بدأت الكلية الفنية العسكرية بتخصصين فقط (الرادار والمدرعات)، وخلال أكثر من نصف قرن من العطاء من أجيال كثيرة من أعضاء هيئة التدريس بالكلية تم زيادة عدد التخصصات بالكلية إلى ثمانى شعب علمية بها 38 قسما علميا متخصصا لتلبى كافة احتياجات الأفرع الرئيسية والإدارات المختلفة بالقوات المسلحة.
وتنقسم الكلية إلى ثمانى شعب علمية هى شعبة الهندسة الكهربية والهندسة الميكانيكية والهندسة الكيميائية والهندسة المدنية والمعمارية وهندسة الطيران والفضاء وشعبة العلوم الأساسية وشعبة الهندسة البحرية ـ التى تم إضافتها عام 2014 تزامنًا مع انضمام نظم تسليح متطورة إلى القوات البحرية ـ وذلك بالإضافة إلى شعبة العلوم العسكرية.
كما تم أيضًا خلال تلك الفترة تحديث اللوائح ونظم الدراسة بالكلية لتتواكب مع أنظمة التعليم الحديثة والمتطورة بالكليات المناظرة محليًا وعالميًا، لتتماشى مع لوائح ومحددات القطاع الهندسى بالمجلس الأعلى للجامعات.
ولأن عضو هيئة التدريس هو أحد الأضلاع الهامة فى منظومة التعليم فقد تم أيضًا خلال تلك الفترة تأهيل العديد من أعضاء هيئة التدريس بالكلية بدايةً من عام 1960 إلى الآن بمختلف الجامعات الدولية ذات الترتيب المتقدم فى مختلف بلاد العالم لصقل أعضاء هيئة التدريس وإكسابهم الخبرات المختلفة والمتنوعة بمختلف المدارس المعرفية المختلفة حول العالم.
وكنتيجة لهذا التنوع الكبير فى التخصصات الهندسية والخبرات المختلفة المكتسبة من المدارس العلمية المتنوعة كان له أكبر أثر فى قيام الكلية الفنية العسكرية بتقديم الاستشارات الهندسية المختلفة للقطاع المدنى من خلال مكتب الاستشارات الهندسية بالكلية الفنية العسكرية بناءً على تكليفات من القيادة العامة للقوات المسلحة.
< والآن مع ما تشهده الدولة المصرية حالياً من تطوير فى عملية التعليم الجامعى، ما هى الخطوات التى اتخذتها الكلية الفنية العسكرية لتطوير منظومة التعليم بها فى مرحلة البكالوريوس.
ـ تشتمل منظومة التعليم داخل الكلية الفنية العسكرية على ثلاثة عناصر رئيسية (الطالب ـ عضو هيئة التدريس ـ البيئة التعليمية والمناهج الدراسية). وقد تم تحويل نظام الدراسة بالكلية إلى نظام الساعات المعتمدة لتواكب متطلبات لجنة القطاع الهندسى بالمجلس الأعلى للجامعات والإطار المرجعى الصادر فى هذا الشأن وتم تعديل اللوائح الداخلية المختلفة بالكلية لتواكب هذا التغيير.
ويتم إعداد الطالب إعدادا علميًا وعسكريًا وبدنيًا ومعرفيًا وثقافيًا من خلال توفير المناهج الدراسية المتقدمة والمواكبة لأحدث التكنولوجيات وكذلك توفير المعامل الحديثة التى يتم من خلالها التدريب العملى الذى يؤهلهم للعمل على أحدث نظم التسليح، مع حث الطلبة وتحفيزهم من خلال إشراكهم فى المسابقات الدولية لطلبة الجامعات فى مجالات متعددة مثل المركبات غير المأهولة البرية والبحرية والطائرات المسيّرة وكذا فى الهندسة الصاروخية والأقمار الصناعية، ذلك بالإضافة إلى الاهتمام باللياقة البدنية لطالب الكلية من خلال توفير الملاعب المختلفة له وصالات الألعاب الرياضية مع إشراك المتميزين منهم بالفرق الرياضية التى تمثل الكلية الفنية العسكرية بدورى الكليات والمعاهد العسكرية. كما يتم الاهتمام بالإعداد المعرفى والثقافى للطالب من خلال عقد لقاءات توعية ثقافية وسياسية وعسكرية ودينية بواسطة نخبة من الشخصيات المرموقة والبارزة فى تخصصاتهم.
أما فيما يخص البيئة التعليمية والمناهج الدراسية فقد تم إنشاء مركز بيانات Data Center متكامل باستخدام البيئة الافتراضية للعمل على أحدث أنظمة التشغيل وذلك بتوفير القوة الحوسبية العالية اللازمة للدراسة وتنفيذ مشاريع التخرج والبحوث العلمية، كما يتم استخدام منظومة إلكترونية متكاملة لإدارة العملية التعليمية وتتبع وتقييم الطلبة من خلال منظومة إدارة التعلم Learning Management System التى يمكن من خلالها تحميل جميع المقررات العلمية على المنظومة بما تحتويه من جميع الأنشطة التعليمية من مسائل وتمارين وبنوك أسئلة وامتحانات على الخادم الرئيسى لتظهر للطلبة من خلال حساباتهم الشخصية التى يتم إنشاؤها مع بداية كل عام دراسى وتسجيل حسابات الطلبة على المقررات الدراسية طبقاً للسنة الدراسية والتخصص، ومن خلال هذه المنظومة يتم تعزيز التواصل بين الطالب والمعلم من خلال الفصول الافتراضية.
< وماذا عن تحديث المعامل بالكلية الفنية العسكرية فى إطار تحديث العلوم الهندسية المختلفة؟
ـ توفر القيادة العامة للقوات المسلحة الدعم غير المحدود للكلية الفنية العسكرية لتوفير المعامل الحديثة التى تتيح للطالب التدريب التخصصى على التكنولوجيات الحديثة والحرجة ومنظومات التسليح التى تم دخولها الخدمة بالقوات المسلحة، ويتوفر فى الكلية الفنية العسكرية عدد من المعامل الحديثة فى مختلف العلوم الهندسية التى تسمح بتدريب الطالب على أحدث نظم التسليح والتكنولوجيات المختلفة وإجراء العديد من البحوث الفنية بها.
< ما هى السمات الشخصية التى تحرص الكلية الفنية العسكرية على أن تصقل خريجيها بها؟
ـ يعتبر العمل بروح الفريق من أهم السمات التى يتم زرعها بالطالب ويأتى ذلك من خلال العمل فى مجموعات طلبة فى الأنشطة العلمية المختلفة من مسابقات ومشاريع وابتكارات تنمى هذه السمة، ذلك بالإضافة إلى الابتكار والتفكير المنهجى ويتم ذلك من خلال تحفيز الطلبة على الاشتراك فى مواد الأنشطة التى تخلق الإبداع لدى الطالب والتفكير والابتكار لكل ما هو جديد وإيجاد حلول غير نمطية للمشاكل الهندسية التى يواجهها.
كذلك يعتبر الاعتماد على الذات واتخاذ القرار المناسب فى التوقيت المناسب من أهم سمات خريج الكلية الفنية العسكرية، ويتم تنمية هذه المهارة من خلال المشاريع والبحوث وكيفية الدفاع عن فكره.
كما تحرص الكلية على تحلى خريجيها بالانضباط والالتزام اللازمين لجميع أفراد القوات المسلحة وبالأكثر فى خريج الكلية الفنية العسكرية، لأن المهندس الناجح فى تأديه عمله هو المهندس المنضبط فى المقام الأول والقادر على تنظيم وإدارة وقته، ذلك بالإضافة إلى تشجيع الكلية لخريجيها على استمرار التعلم والنهل من العلوم المختلفة لأن من عوامل نجاح الضابط المهندس هو استعداده الدائم لحل أى مشكلة والتى تأتى دائما بالاطلاع على كل ما هوجديد فى مجال تخصصه.
< وماذا عن تأهيل أعضاء هيئة التدريس بالكلية حالياً؟
ـ أعضاء هيئة التدريس بالكلية يتم انتقاؤهم بعناية قبل تخرجهم من الكلية وانتقاء أفضل العناصر من حيث المستوى العلمى والانضباطى والنفسى للعمل كمعيدين بالكلية الفنية العسكرية، ثم تبدأ مرحلة إعداده من خلال دراسته لدرجة الماجستير فى العلوم الهندسية وإيفادهم ضمن خطة البعثات للقوات المسلحة لدراسة الدكتوراه فى الهندسة من الخارج إلى دول مختلفة تنتمى إلى مدارس علمية متنوعة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وروسيا وألمانيا وفرنسا وجمهورية التشيك والصين، مما يتيح للعديد من أعضاء هيئة التدريس الحصول على براءات اختراع أثناء دراستهم بالخارج، وكذلك فقد تم مؤخراً حصول أحد أعضاء هيئة التدريس بالكلية على الميدالية البرونزية بمعرض جينيف للابتكار فى مارس 2021.
كما توفر القيادة العامة للقوات المسلحة السفر لأعضاء هيئة التدريس بالكلية لحضور المؤتمرات الدولية وورش العمل والدورات التدريبية القصيرة للاطلاع على كل ما هو جديد فى مختلف العلوم ونقل الخبرة إلى الزملاء من أعضاء هيئة التندريس والطلبة.
< هل يقتصر دور الكلية الفنية العسكرية على العملية التعليمة على مرحلة البكالوريوس فقط؟
ـ بالإضافة إلى دور الكلية الفنية العسكرية فى إعداد الطالب الخريج ليكون على أعلى مستوى فى معظم الفروع الهندسية فى مرحلة البكالوريوس فإنها تقوم بعقد الدراسات العليا مثل الدبلومات والماجستير والدكتوراه فى جميع الفروع الهندسية المختلفة وذلك بالاستفادة من الخبرات المتنوعة للأساتذة فى التخصصات المختلفة بالكلية. وفى هذا الصدد أود أن أتوجه بالشكر للسيد الفريق أول محمد زكى القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى على رعايته للكلية والتصديق مؤخرًا على السماح بعقد الدراسات العليا بالكلية لجميع خريجى الجامعات المصرية، التى تعد خطوة مهمة للكلية الفنية العسكرية لتعظيم دور الكلية الفنية العسكرية فى المشاركة المجتمعية للبحث العلمى وزيادة الطلبة المسجلين بها للحصول على الدراسات العليا بما يثرى العملية البحثية داخل جمهورية مصر العربية بصفة عامة وبالقوات المسلحة بصفة خاصة بشكل يخدم دور الكلية الفنية العسكرية فى إعداد العديد من البحوث التطبيقية التى تخدم أنظمة التسليح المختلفة والتكنولوجيات الحرجة بالقوات المسلحة.
كما تقوم الكلية الفنية العسكرية بتنظيم العديد من المؤتمرات الدولية فى مختلف فروع الهندسة التى يتم اشتراك العديد من الدول بها نظرًا لأهميتها وكذلك عدد من المسابقات المحلية والعالمية المختلفة.
< ماذا قدمت الكلية الفنية العسكرية فى مرحلة التنمية الشاملة الحالية للدولة المصرية؟
ـ أغلبية الضباط المهندسين المشاركين فى جميع المشاريع القومية فى الأفرع الرئيسية أو الهيئة الهندسية للقوات المسلحة أو الإدارات التخصصية هم من خريجى الكلية الفنية العسكرية ولا ينقطع اتصالهم بالكلية بالتخرج، بل يتم التواصل بين جميع الضباط وأعضاء هيئة التدريس بالكلية للمشاركة فى مراجعة بعض الحلول الهندسية غير التقليدية من الأساتذة بالكلية أو تقديم الاستشارات الهندسية لهم.
كما تشارك الكلية الفنية العسكرية من خلال مكتب الاستشارات الهندسية الذى يقوم بتقديم الاستشارات الهندسية المختلفة للقطاع المدنى بناءً على تكليف من القيادة العامة للقوات المسلحة فى المشاريع المختلفة، ويعدُّ مكتب الاستشارات الهندسية بالكلية الفنية العسكرية من المكاتب الاستشارية الفريدة للتنوع الشديد فى التخصصات والخبرات داخل أعضاء هيئة التدريس بالكلية نتيجة لكثرة التخصصات الدقيقة وكذلك التأهيل فى مدارس علمية مختلفة بجامعات عالمية من دول مختلفة.
< ما هى الشروط اللازمة للالتحاق بالكلية الفنية العسكرية؟
ـ يجب أن يكون المتقدم متمتعًا بالجنسية المصرية ومن أبوين وجدين مصريين، وأن يكون حاصلاً على شهادة إتمام الدراسة الثانوية العامة أو ما يعادلها طبقًا لقرار المجلس الأعلى للجامعات الخاص بالقبول فى كليات الهندسة المناظرة فى شأن التخصص أثناء الدراسة الثانوية ومراعاة النسبة المئوية لمجموع درجات النجاح فى نفس السنة المتقدم فيها الطالب للالتحاق بالكلية طبقًا للشروط والأوضاع التى يقررها المجلس الأعلى للكلية، ويشترط ألا يكون قد مضى على حصول الطالب على الشهادة المشار إليها أكثر من عامين، ويكون الطالب مقيدًا خلالها بإحدى الكليات الجامعية أو بمعهد عالٍ أو بالخدمة فى القوات المسلحة.
كما يجب ألا يزيد سن الطالب فى أول أكتوبر عن 22 سنة ميلادية، وألا يكون قد سبق الحكم عليه بعقوبة جنائية أو فى جريمة مخلة بالشرف، وأن يكون حسن السير والسلوك والميول والاتجاهات، وأن يكون غير متزوج ولم يسبق له الزواج، ويتعهد بعدم الزواج أثناء الدراسة، وألا يكون قد استقال أو فُصل تأديبيًا من أى كلية أو معهد عسكرى. ذلك بالإضافة إلى حتمية اجتيازه بنجاح اختبارات السمات النفسية واللياقة البدنية، وأن يؤدى الإختبارات العلمية التفضيلية فى مواد الكيمياء والفيزياء والرياضيات واللغة الإنجليزية، وأن يكون مستكملاً لشروط اللياقة الطبية، وطبقًا لشروط قبول مكتب تنسيق الكليات والمعاهد العسكرية المعلن عنها فى حينه.
< بماذا تنصح طالب الثانوية العامة الراغب فى الالتحاق بالكلية الفنية العسكرية؟
ـ يجب أن يتحلى المتقدم للالتحاق بالكلية الفنية العسكرية بالولاء والانتماء للوطن، وأن يكون لديه القدرة والرغبة فى خدمة بلاده والتضحية من أجلها، كما يجب عليه أن يحافظ على تأهيله البدنى والطبى وذلك من خلال حفاظه على صحته وكذلك ممارسة الرياضة بانتظام، بالإضافة إلى ذلك عليه أن يكون مستعدًا لأداء الامتحان التفضيلى حيث يتم انتقاء أفضل العناصر من المتقدمين للالتحاق بالكلية علميًا وطبيًا وبدنيًا.
