المرأة فى الهجرة فدائية فى سبيل الله ونصرة الدين

السيدة عائشة وأسماء بنت أبى بكر ضربتا أروع الأمثلة فى الإيمان

المرأة فى الهجرة
المرأة فى الهجرة

تقدمها: عليه العسقلانى

 الهجرة النبوية أهم حدث فى تاريخ الإسلام، لذلك أرخ المسلمون به لأيامهم، وكل من أسهم فى نجاحها سجل له التاريخ دوره رجلاً كان أو امرأة، ولم يخل ذلك الحدث التاريخى العظيم من دور بارز للمرأة المسلمة تشرف به نساء الدنيا على مر العصور، لقد قامت المرأة بدور مهم فى الهجرة عن طريق هجرة بعض النساء مع أزواجهن إلى الحبشة أو إلى المدينة أو المشاركة فى إنجاح الهجرة النبوية لرسولنا صلى الله عليه وسلم، من مكة إلى المدينة المنورة، والمرأة المسلمة أثناء عطائها وتضحياتها فى الهجرة استلهمت هذا النفس القدسى الذى حل فى السيدة هاجر رضى الله عنها التى جعل الله عز وجل لها من اسمها نصيباً وكانت هجرتها إلى الموضع الذى وصف بأنه غير ذى زرع وكانت رضى الله عنهانموذجاً وقدوة لكل نساء العالمين.
 

> لو نظرنا بعمق لحادث الهجرة لوجدنا لكل من السيدة عائشة والسيدة أسماء بنت أبى بكر رضى الله عنهما، دوراً بارزاً فهما من أوائل من علموا ببدء رحلة الهجرة والفرار إلى الله والخروج من مكة إلى المدينة فلم يتعلقا بالوالد أو الزوج بل كان موقفهما الثبات ليصرفا عيون قريش بعض الوقت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وصاحبه أبى بكر الصديق، فمكوثهما فى مكة جعل المشركين يتحيرون، ويتلجلجون بعض الشىء، فمحمد صلى الله عليه وسلم لن يخرج بدون صاحبه، وصاحبه لن يخرج ويترك بناته، مما أكسب الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه بعض الوقت قبل أن تبدأ رحلة البحث عنهما لقتلهما.


أول فدائية فى الإسلام
> عندما أدرك القوم خروج النبى صلى الله عليه وسلم وصاحبه جاء نفر من المشركين وفيهم أبوجهل إلى دار أبوبكر فخرجت أسماء رضى الله عنها، فسألوها: أين أبوك؟ فقالت: والله لا أدرى، فرفع أبوجهل يده فلطمها على خدها لطمة طرحت قرطها- حلقها- فاحتملت وصبرت ولم تبح بالسر، لأنها أؤتمنت، وما كانت لتخون الأمانة، كان هذا المشهد أمام السيدة عائشة رضى الله عنها، فأصابها ألم نفسى وخوف من بطش القوم بها ومع ذلك كانت بقوة وثبات السيدة أسماء رغم أنها لم تتخط العاشرة من عمرها، ويعظم دور أسماء فى أنها رضى الله عنها كان ببطنها جنين، ورغم ذلك كانت تحمل الماء والزاد وتسير قرابة ثلاثة أميال فى جوف الليل بين الصخر والرمل متخفية حذرة مترقبة حتى لا تراها عيون قريش وهى وحدها ليس معها أنيس أو دليل، اللهم إلا نور الإيمان بالله عز وجل وبنصر المؤمنين.
فعلى كل مسلمة أن تأخذ من السيدة عائشة والسيدة أسماء رضى الله عنهما القدوة وأن تتعلم منهما الجَلَد والتحمل وقوة المواجهة وتحمل الأمانة وكتمان السر.


تحذير النبى
> كذلك السيدة رقيقة بنت صيفى المرأة العجوز التى قاربت المائة من عمرها ورغم كبر سنها وعدم تكليفها بمهمة إلا أنها قامت من تلقاء نفسها بما رأته فى صالح دينها ودنياها، وهى العجوز التى توشك على مفارقة الدنيا كلها، فقامت تحذر النبى صلى الله عليه وسلم من قريش ومؤامرتهم عليه ليقتلوه، فكان أن جعل علياً ابن عمه رضى الله عنه ينام فى فراشه، وهذه رسالة لنساء اليوم نتعلم منها أن المرأة تظل تعمل وتقوم بدورها وتخدم دينها مهما بلغ بها العمر، وهناك أدوار لا تُنسى لكل من أم سلمة، وأسماء بنت عميس، وأم منيع الأنصارية، ونسيبة بنت كعب، فقد مهدن للدعوة فى المدينة قبل وصول النبى صلى الله عليه وسلم، وهيأن المجتمع اليثربى لاستقباله والاحتفاء به، المرأة لم يمنعها حمل ولا كبر سن ولا صغر سن ولا جمال ولا شباب ولا أى شىء  عن خدمة دينها وكل مسلمة قدمت ما فى وسعها فى سبيل الله وابتغاء مرضاته عز وجل، فعلى كل امرأة بل كل المجتمع أن يكون فى هجرة دائمة لا تنقطع فى كل زمان ومكان، إذ نحتاج إلى هجرة الذنوب والمعاصى المأمورين بها فى قوله تعالى «والرجز فاهجر».
وهى الهدف الأسمى الذى هاجر النبى صلى الله عليه وسلم من أجله لبناء مجتمع مسلم صالح يقوم على التقوى وعبادة الله عز وجل ومحاسبة النفس ومراقبة الله وأداء الواجبات قبل البحث عن الحقوق واجتناب الذنوب والمعاصى بالتخلى عن الرذائل قبل التحلى بالفضائل.


هجرة الخطايا والذنوب
> نحن فى زمن نحتاج فيه إلى هجرة دائمة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع: «ألا أخبركم بالمؤمن؟ المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمجاهد من جاهد نفسه فى طاعة الله، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب كلها» فما أحوج نساء المسلمين بل ورجالهم إلى هجرة بذاءات اللسان وآفاته وموبقاته من الكذب والسب والقذف والفاحش من القول والغيبة والنميمة والغش والاتهام بالباطل واللعن والطعن والاحتيال ونكران الجميل وإفشاء الأسرار والنفاق والرياء الذى ساد بعض مجتمعاتنا الإسلامية، نحتاج إلى هجرة آفات اليد وآثامها والنقص من المكاييل والموازين والغش والتدليس والخداع، نحتاج إلى هجرة موبقات الأقدام وذوبها من السعى فى الهدم والتخريب والتجسس والسعى للوقيعة بين الناس، ونحتاج إلى هجرة آثام الآذان من الإنصات إلى كل ساخر وناقد وفاسد وحاقد على مجتمعنا ووطننا وكذا الإنصات إلى الشائعات وترويجها من الساعين فى الوقيعة بين أبناء الوطن.