عقول مقيدة

سارة شوقي
سارة شوقي

بقلم: سارة شوقي

زمن اختلفت فيه مفاهيم المثالية بين ما تحدده لنا الموضه ووسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي والمشاهير بعيدًا عن احترام معايير الذوق العامة والأعراف المجتمعية وتراث القيم الأخلاقية، وأن ما تراه جماعه من الناس جميلًا كان إلزامًا أن نراه جميلًا أيضًا، وكذلك الحال إذا كان قبيحًا، وان ما تراه جماعه أمرًا أخلاقيًا كان إلزامًا على كل الجماعات الأخرى أن تراه أخلاقيًا أيضًا وكذلك الحال في جميع المجالات .
 
 فروض إجتماعيه يجب على الجميع اتباعها ومن خالفها خرج عن الملة، وتحولت القرارات الشخصية إلى قرارات اسرية مجتمعية مصيرية تكفيرية، ولكن الأكثرية لا تعني الإنفراد بالحقوق. 

وهنا يظهر صدأ التعصب للرأى الواحد يأكل من العقل البشري فيفقده صوابه.

تذكر ان الرأي الأخر لا يعني رأي العدو. 

واصبح على الجميع اتباع نمط واحد ليرضى عنه أشخاص قد لا يكون لهم قيم معروفه.

وكيف من الممكن أن يكسب الإنسان رضا أكبر عدد من الأفراد ويخسر ذاته ؟ ومن المؤسف أن يرى البعض أن الخروج عن طوع هذه الأفكار هو كفر بمعتقداتهم البشرية. 

انحيازية أوجدت صدامًا للواقع وعدم تقبله وصعوبات للأشخاص غير واعين مشتتين بعد رحلة بحث طويلة عن المثالية، فتجد الرجل يبحث عن فتاة تشبه الحور العين، وامرأة تبحث عن فتى الأحلام بالحصان الأبيض، فيفاجئهم الواقع بقدره وتنقلب الأمور رأسًا على عقب ويتحول عش الزوجية السعيد إلى عش مظلم فتفقس الاعشاش أفرادًا من التعساء مكونين مجتمعًا ملئ بالألم والصراع.

ويتجلى الأمر ظاهرًا في صراع أفكار شاذة ومستحدثة ، عارية من القيم الأخلاقية فكلما استحبوا أمرًا وضعوا له تفسيرًا ومنطقًا وبراهين عن وجوب تقبله مستندين إلى مفهوم الحريات و ( أنت حر ما لم تضر ) وكأن ما يتحدثون عنه لا ينافي جميع المعايير .
 
وأنها سببٌ في تفاقم العنف والعداء وإن كل فريق يرى في رأيه الصواب (المطلق) والمثال الذي يتحدى، وما عداه إنما هو باطل من المعتقد.

ومن يعتنق هذا المعتقد إنما يعلم يقينًا أنه يعتنق باطل ولكن لحاجة فى نفسه انكر الحق وأظهر الباطل وربما قَلب الباطل حق، ولكن الحق بيّن لا محال.

 حالة سيطرت على الجميع في الركض وراء المثالية وانغماس الجميع في متلازمة انتظار بدء الحياة، متلازمة تجعلك تشعر أن حياتك الحقيقه لم تبدأ بعد فتعجز عن الشعور بالإستقرار والإستمتاع باللحظة لأنك تستغرق في الإنتظار، إنتظار حلم أو شخص أو وظيفه أو مال معتقدًا أنه بأمكانه تحويل حياتك من الجحيم إلى الجنة دون سعي.

توقف عن انتظار ما ينقذك، واجه الحقائق الصادمة وتمسك بمبادئك الصحيحة واسعى لأجلها وسوف تحظى، فالحياة سعي وليست انتظار، ستتقلب فيها بين المسرة والمضرة، الطمأنينة والخوف، والشك واليقين، و لا مفر من كونك إنسانًا ولا مناص من كونها حياة.

انتظار الحياة المثالية هو خوف متنكر بزي الحذر، وترقب  بدء الحياة هو إهدار ظالم لأثمن أيامها وأجمل سنينها.

 وليست المثالية أو السعي ورائها أمرًا منكرًا كما قد يظن البعض عقب قراءة هذا المقال وإنما هو توجهًا من التوجهات الأخرى التي يرجع هدفها الوصول إلى الصواب المطلق الذي من الصعب الوصول إليه، توجهات تفقد لذه الإستمتاع بالحياة، أضاعت عن العقل الإنساني كثيرًا من المرونة في التقدير والحكم وربما كثيرا من التعاسة.

لم نخلق كاملين ولم نخلق للبحث عن الكمال خلقنا بشر نخطئ ونتعلم ونفشل وننجح توقف عن السعي وراء المثالية المفرطة بحثًا عن الاعتدال .