أطلبوا الحب ولو فى الصين

رحلة إلى منبع «إلكترونيات» العالم

 محمد إسماعيل
محمد إسماعيل

محمد سرساوى

أثناء رحلاته المتكررة وتجواله المستمر فى شوارع الصين وهونج كونج، عاش الأديب محمد اسماعيل تجربة تأمل وجوه هذا الشعب المعروف بعشقه للإبتكار وتفانيه فى العمل، وسطع فى ذهنه سؤال فرضته هذه التجربة:ماذا يفعل المصريون فى هذه البلاد؟، ومن هنا نشأت فكرة روايته الأولى «ما حدث فى شنجن» التى تحكى عن الشاب المصرى أكرم الذى يزور الصين فيلتقى بفتاة صينية «سونج» وتنشأ بينهما قصة حب، وهنا يرصد إسماعيل عبر الرواية -الصادرة عن الكتب خان- الحياة الإجتماعية والثقاقية فى الصين وهونج كونج، ومعه تحدثنا عن روايته الأولى فى السطور التالية:
 ما سر انجذابك إلى الصين وهونج كونج حتى تختارهما كمسرح لأحداث أولى روايتك؟
- مدينة «شنجن» منذ ثلاثين عاما كانت قرية صيادين لا محل لها من الإعراب ثم تحولت فى طرفة عين من عمر الدول، إلى مصنع «الكترونيات» العالم، هذا المثال وحده وبدون إسهاب فى الشرح يدعو إلى التأمل والتدبر، الرواية تتحدث عن التغيرات الجذرية وإمكانية حدوثها للأشخاص. فمثلما تحول أكرم فى رحلة، تحول مثله بوذا من قبل، أخترت مدينة شنجن تحديدا لأنها - فى رأيى - من أوضح نماذج الطفرات الإيجابية المعاصرة، أما عن هونج كونج وماكاو فقد جئت بهما لتوضيح الصورة أكثر ولعرض جوانب أخرى للحياة حول بحر جنوب الصين بهدف إعطاء القارئ صورة أشمل عن المنطقة وتبيان الفوارق.
 لماذا اخترت أن تكون روايتك الأولى قصة حب بين شاب مصرى وفتاة صينية؟
- أحد أهداف العمل هو عرض نقاط التباين والتشابه بين مجتمعينا. ولذا كان العرض من خلال التقاء شخصين على طرفى نقيض؛ رجل وامرأة، عربى وصينية، مؤمن ولا دينية، وبالتوغل فى العمل تتضح فروق أخرى، ضِدان لما استُجمِعا حسُنا والضدُ يُظهِر حسنُه الضِدُ، كما أن علاقة الحب تحدوهما للبحث عن نقاط التلاقي، وبذلك تصبح هذه العلاقة خير قالب لاستعراض ما سبق.
 كتبت عن البوذية، فما الذى اكتشفته فى تلك الديانة؟
- تعتبر البوذية فلسفة أكثر منها عقيدة دينية بالمعنى المتعارف عليه لدينا. فهى لا تدعو إلى عبادة إله بعينه بل لا ينصب تركيزها على علاقة الإنسان بالسماء. بل تهتم البوذية أكثر بالإنسان نفسه وعلاقته بمن حوله، واللافت للنظر هنا أن البوذية كالسيخية والهندوسية تنتمى إلى مجموعة الديانات البراهمانية نسبة إلى براهما، كما تنتسب الديانات السماوية إلى إبراهيم أبى الأنبياء، فهل يتصادف وجود هذا التشابه؟ أيضًا بوسع القارئ لكتاب بوذا الوقوع على نصوص تشبه كتبنا المقدسة كالقرآن والإنجيل والتوراة، ربما يرجع هذا التماثل الجزئى إلى وحدة مكارم الأخلاق، فهذا محتمل. والاحتمال الآخر أن تكون دعوة بوذا هى إحدى رسالات السماء للجانب الشرقى من الكرة الأرضية، فبعض الرسل لا نعلم عنهم شيئا كما أخبرنا الله تعالى فى كتابه العزيز: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ.
 هل رحلات الإنسان إلى الخارج تكشف تناقضات عديدة فى مجتمعه؟
- لا يستطيع المرء مشاهدة الصورة الكاملة وهو بداخل الإطار، الخروج من المجتمع والنظر إليه من بعد يغير زاوية الرؤية، فإذا الذى اعتدته بالأمس وجدته كريها اليوم، مثله كالاحتكاك بمجتمعات أخرى يتيح لك التقييم والمقارنة فتختار الأصلح، أيضًا كلما تأملت الآخر عرفت نفسك، فأنت لا تعلم حقًا من تكون دون الاحتكاك بآخرين.
 ما الذى يتعلمه ويكتشفه الإنسان خارج بلاده؟
- الخروج عن المألوف والبعد عن دائرة الارتياح يجعل الإنسان أكثر انتباها وبالتالى أسرع فى التعلم. والعيش خارج الوطن يزيد من سعة الأفق، تتعرف على ثقافات مختلفة ومشروعات اقتصادية أخرى، وسياسات خارجية وداخلية وفنون وغيرها، فلا عجب أن حدثنا الإمام على عن سبعة فوائد للسفر.
 ما هو مشروعك الإبداعى الجديد؟
- «ما حدث فى شنجن» كانت ستنشر فى 2016، ولكن تعطل صدورها لأسباب مختلفة إلى أن خرجت فى نهاية 2020، وفى هذه الأثناء كنت قد انتهيت من رواية «باب الزوار» .