ماذا قالوا عن القناة؟

بدايتها مسك.. قناة السويس «باكورة» المشروعات القومية

صورة أرشيفية لحفر قناة السويس الجديدة
صورة أرشيفية لحفر قناة السويس الجديدة

كتب: عبدالصبور بدر

لم يخبرنا الفراعنة كيف تم بناء الأهرامات، إلا أن قناة السويس تم حفرها بمعاول الأجداد الذين دفعوا حياتهم ثمنا للإنجاز، ما جعل دماءهم تختلط برمالها، وأرواحهم تسكن مياهها، لتكون رمزا لكفاح المصري الحديث الذى استطاع رسم جغرافيا جديدة تمنح الكمال لحضارة مصر القديمة.

بدأ الرئيس سلسلة الإنجازات الكبرى بشق قناة السويس الجديدة لأنه يدرك ما للقناة من دلالات وجدانية فى قلوب المصريين، باعتبارها نموذجا حيا لأصعب عمل قاموا به، ومثالا للفرحة الكبرى التى تذوقوا طعمها مرتين: الأولى حين أصدر الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر قراره التاريخى بتأميم قناة السويس، والثانية حين أمر الرئيس أنور السادات بعبور القناة لتحرير سيناء.

خلف القائد اصطف المواطنون لحفر القناة الجديدة، بسواعدهم، وأموالهم، من أجل أن يثبتوا لأنفسهم وللعالم أن مصر قادرة من جديدة على إضافة صفحة جديدة للحضارة المصرية العبقرية.

«من المؤكد أن قناة السويس كشريان ملاحى عالمى يرتبط فى الصورة الذهنية لدى كل المصريين قاطبة، بالكفاح والنضال، وأتصور أن اختيار القيادة السياسية البدء بقناة السويس الجديدة فى بداية ولاية الرئيس السيسى رسالة للمصريين جميعا وكأنه يقول لهم أننى أتيت لأحياء الرموزوالوطنية والقومية، حتى نستطيع العبور إلى مصر الجديدة.»

بهذه الكلمات يحدثنا د. فتحى الشرقاوى أستاذ علم النقس السياسى بجامعة عين شمس ويضيف: أثبتت الأيام أن البداية الحقيقية بهذا المشروع العملاق، تلاه مجموعة كبيرة من المشروعات العملاقة، ليتم بناء مصر جديدة موازية لمصر القديمة.

ويقول: "حين نتحدث عن طبيعة الإنجازات، ولا اتحدث هنا عن البنية التحتية، ولكن كافة الملفات الأخرى، مصر فى طريقها إلى التعاملات الرقمية الإلكترونية لتضارع أرقى الدول الموجودة فى العالم.. بناء المدن الجديدة، والعاصمة الجديدة، يشير إلى أن اختيار قناة السويس فى البداية لم يكن عشوائيا، وما ضاعف من هذا الإحساس لدى القاعدة العامة من الرأى العام بأن القررات الرئاسية دون تعاطف من القاعدة الجماهيرية  لا قيمة لها".

ويستطرد: "بمجرد أن تم طرح مسألة الاكتتاب أخرج ملايين المصريين مدخراتهم، ووضعوها فى المشروع، ليس بهدف الحصول على مكاسب مادية، ولكن للوقوف مع رئيس يتحدى العالم، فى الوقت الذى كان ينتظر فيه البعض انتكاسة أو تراجع من المصريين فى الوقوف بجانب المشروع الكبير، إلا أنهم فوجئوا أنهم بالملايين ويضعون كل مدخراتهم، وهذا دليل على تأصل نزعة الدافع القومى والوطنى الموجودة لدى المصريين باعتبار أن قناة السويس رمزا تمثل مصر، وكفاح الأجداد الذين حفروها ودفن الكثيرون منهم فى رمالها الطاهرة".

ويؤكد: "كان اختيار قناة السويس موفقا كرمز ويعنى فى الصورة الذهنية لدى المصريين أنه جزء لا يتجزء من الطابع القومى للشخصية المصرية المعاصرة".

ويشرح: الجمهور العادى ليس قريبا من دوائر صنع القرارات الدقيقة، ولكن جماعات الضغط التى تكن كل العداء لمصر، بما فيهم إسرائيل يحلمون بوجود شريان مائى مواز لقناة السويس، وفشلت كل هذه المحاولات وسوف تفشل، لأن هذا الشريان «قناة السويس» حيوى جدا، ليس لمجرد أنه وسيلة لنقل البضائع العالمية من الشرق إلى الغرب، وإنما يمثل رابطة قومية للشعب المصري.

وظهرت إنجازات القناة بشكل كبير من خلال السفينة الجانحة، حين وقف العالم على أطراف أصابعه، حاول أن يقدم المساعدة، وحاول أن يتقدم ليحل الأزمة ولكن أيادي المصريين أشارت بأننا نحن أصحاب هذا الشريان وقادرون على تسييره مرة أخرى على أرقى مستوى من الكفاءة والاقتدار، ولذلك فقناة السويس تمثل مع نهر النيل جغرافية مصر الإقليمية والسياسية الوجدانية المطبوعة فى قلوب المصريين.

من جانبها، أكدت عالية المهدي أستاذ السياسة والعلوم الاقتصادية بجامعة القاهرة، أن قناة السويس التي استشهد فيها الكثيرون باتت رمزا للكفاح الشعبي، وقدرتهم على العمل بحفر مجري ملاحي يربط بين البحرين الأبيض المتوسط والأحمر، ليختصروا المسافة بين الشرق والغرب، وأن مجرد مرور القناة بأراضينا يدعم مصر ويجعلها فى موقف متميز.

وأضافت: قناة السويس هى الأكثر أهمية، بدليل الحروب التى قامت عليها مثل عام 1956 والعدوان الثلاثى على مصر بعد قرار الرئيس جمال عبد الناصر بتأميمها، فتدخلت القوى العظمى (روسيا وأمريكا)، حتى توقف العدوان واستعدنا القناة، التى تمثل جزءا كبيرا من إيرادات الدولة المصرية.

وأوضحت: دائما تعنى قناة السويس بالنسبة للمصريين الكثير، فبعد عام 1967 واحتلال الضفة الشرقية للقناة، تم إغلاق المجرى الملاحى، ما تسبب فى أضرار للعالم كله، وفى مقدمته مصر صاحبة القناة.

وقالت: عدم وجود القناة وسريان السفن على مياهها بالنسبة لنا مشكلة كبيرة، حتى قامت حرب 1973 بقيادة الرئيس محمد أنور السادات، الذى استطاع أن يستعيد سيناء ومعها قناة السويس التى تم إعادة افتتاحها مرة أخرى.

وتستطرد: الرئيس السادات عمل على تعميق القناة وتوسعتها، وكذلك فعل مبارك، وحين جاء الرئيس عبد الفتاح السيسى كان يدرك أن قناة السويس جزءا من الهوية المصرية، ومنبع الفخر للوطن، ومرتبطة بالأحاسيس الوطنية، ما جعله يقوم بشق قناة السويس الجديدة فى عام واحد، ويفتتحها فى احتفالية يتحدث عنها العالم.