ماذا قالوا عن قناة السويس؟..

ما أشبه ليلة «الافتتاح» بالبارحة.. توأم يفصل بينهما 147 عامًا

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

المحروسة..المنصات..حضور الزعماء..مأدبة العشاء..والعروض.. سمات متشابهة بين حفلى القناتين

147 عاما الفارق الزمنى بين يومى افتتاح قناة السويس القديمة والجديدة، إلا أن كلتيهما ولدتا فيه مصر مرة أخرى، وأثبتت للعالم قدرتها على تغيير الجغرافيا وكتابة التاريخ.


هنا على ضفاف قناة السويس، أعاد الزمن نفسه مرة أخرى فى مشهد يدعو للفخر والاعتزاز، ويفيض بالهيبة والعنفوان، ومصر تنهض من دوامة الظلام إلى شاطئ النور، ترتدى ثوب الفخر، وتتلألأ فى أعين الناظرين بما تصنعه من مجد، وتخطو نحو المستقبل بثقة.

فى السطور التالية نرصد مشاهد التشابه بين حفلى افتتاح قناتى السويس فى القرن الثامن عشر والألفية الثالثة.

المشهد الأول:

منصات زاهية الألوان فخمة الشكل فى استقبال الأمراء وملوك العالم المدعوين لحضور توقيع حفل الافتتاح العظيم.

فى عهد الرئيس السيسى أقيمت 3 منصات مثلما أقامها الخديوي إسماعيل ولكن على هيئة مفتاح الحياة الفرعونى باللونين الأبيض والأزرق ومزودة بجميع وسائل الراحة والاستمتاع والمشاهدة وفرشت بالسجاد الأحمر واصطفت الكراسى وكانت الورود البيضاء تحد المنصات فى شكل بديع بسيط.

أما فى عهد الخديوي إسماعيل كانت المنصات الثلاث بلون أخضر مكسوة بقماش حريرى الملمس ومزدانة بالأعلام ومفروشة بأثمن السجاجيد ونشرت فى أرجائها الرياحين العطرة والورود لتظهر الفخامة، فيما كانت جميعها متجاورة لبعضها البعض، ومتوازية لشط قناة السويس بزاوية مائلة تسمح للجالسين إمكانية رؤية من على المنصات الأخرى بكل يسر وسهولة، وأكبرها من نصيب ملوك وأمراء أوروبا ممن يلتفون حول الخديو إسماعيل والإمبراطورة الفرنسية أوجينى ومندوب الأستانة والأمير محمد توفيق ولى العهد وسفير إنجلترا ونوبار باشا وغيرهم من المدعوين الكبار، فيما كان يجلس فى ميمنة المنصة الكبرى رجال الدين الإسلامى، والميسرة لرجال الدين المسيحى.

المشهد الثانى

حرصت القيادة السياسية المصرية على أن يشهد حفل افتتاح القناة الجديد أكبر عدد من زعماء ورؤساء البلاد حول العالم، والذين وصل عددهم فى حفل افتتاح القناة الثانية 6 آلاف و745 من الشخصيات العربية والإفريقية والأوروبية، وعلى رأسهم أمير دولة الكويت وملك البحرين والعاهل الأردنى ورئيس الحكومة اللبناني، والرئيس الفرنسى السابق فرانسوا هولاند، ووزير الثقافة الصينى لوه شوجانج، والكاردينال دومينيك ماميرتى سفيرا لدولة الفاتيكان.

فيما دعا الخديوي إسماعيل فى الافتتاح الأول ما يقرب من 8 آلاف شخص من مختلف دول العالم، أبرزهم الإمبراطورة أوجينى إمبراطورة فرنسا وفرنسوا جوزيف إمبراطور النمسا وملك المجر وولى عهد بروسيا والأمير هنرى شقيق ملك هولندا وسفيرا إنجلترا وروسيا بالآستانة.

المشهد الثالث

كانت البداية الحقيقية للحفل الأسطورى بصعود الرئيس عبد الفتاح السيسى على متن «المحروسة» الشاهد المشترك على الحفلين التاريخيين وهى تتحرك فى موكب بحرى عظيم بطول قناة السويس الجديدة فى تمام الساعة الثانية ظهرا متجها نحو المنصة، واستغرقت الرحلة نصف ساعة وكأنها عروس تزف فى مشهد بديع تكرر فى حقبتين مختلفتين.

ويمكن رؤية المشهد نفسه إذا قمنا بتحريك عقارب الساعة إلى الوراء مليونا و300 ألف ساعة، عندما كانت «المحروسة» تحت قيادة الخديوي إسماعيل وبرفقته عدد من أمراء وملوك أوروبا، معلنا استعداد قناة السويس (الأولى) لاستقبال السفن والقطع البحرية، لتكون «المحروسة» أولى القطع البحرية عالميا التى تنال شرف عبور قناتى السويس فى يومى افتتاحهما.

المشهد الرابع

أقام رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى مأدبة عشاء لجميع ضيوف مصر المشاركين فى حفل افتتاح قناة السويس الجديدة، فى تمام الساعة السابعة مساء بفندق «ميركيور» المطل على بحيرة التمساح، بينما كان الليل قد أرخى ظلامه على منطقة القناة فى التاسعة مساء، بينما الأنوار تشع من منصات الاحتفال وكأن شمس الصباح تشرق ليلا، وأمواج القناة تداعب «المحروسة» المزدانة بالأعلام والمصابيح المنيرة فى مشهد يكاد يكون من نبع الخيال لشدة جماله، حيث أقام الخديوي إسماعيل موائد عشاء كبيرة وعامرة بما لذا وطاب لضيوفه اعتبرها المؤرخون من أكبر الولائم تاريخيا.

المشهد الأخير

شهد الحفل واقعة غريبة حيث بدا وكأنه استكمال لحفل الختام الذى أراده الخديوي إسماعيل بالفعل، ولكن القدر أراد تحقيقه بعد 147 عاما، وهو إقامة حفل راق يجمع فنا أوبراليا بصبغة ونكهة مصرية وهو عرض «أوبرا عايدة» والذى قدم فى تمام الثامنة والربع تلاها بعض المقطوعات الموسيقية، ثم قدمت فقرة فنية للألعاب النارية بالليزر أضاءت سماء الإسماعيلية وعرض فيديوهات مجسمة أقيمت على شاطئ بحيرة التمساح داخل فندق «ميركيور».

بينما قدم فى عهد الخديوي إسماعيل 1869عرض أوبرا «ريجوليتو» بدلا من «أوبرا عايدة» التى تم تأليفها من قبل الموسيقار الإيطالى جوزيبى فيردى بتكليف من الخديو نفسه، وذلك بسبب تأخر وصول الديكورات والملابس الخاصة بالعرض من إيطاليا فى الوقت المحدد.