مايحتاجه البيت.. لايحرم على الجامع

محمد درويش
محمد درويش

مات محمد أبو ذكرى، عاش وحيدًا فى مضمار لم يجرؤ غيره على السير فيه، كلنا كنا فى مضامير أخرى تؤثر السلامة وما نعتقد أنه الأصلح، أما هو من كان لايملك شيئا إلا عزة النفس والاباء فأصر أن يحول قطعة الأرض التى تركها لهم والده الى زاوية للصلاة يحصد منها أبوه ثواب كل من دخلها إلى يوم الدين، كان يخاطب ابنته ووحيدته نور وهى فى بطن أمها وأمام الناس وعندما أبدت إحداهن دهشتها قال لها تربية الطفل تبدأ من هنا.


لم يكن يبخل بعطائه على أحد، كان حريصا على جبر الخواطر مهما كلفه ذلك من أعباء مادية أو هموم يحملها داخل قلبه المتعب وعقله الذى لايكف عن الإبداع فى مقال أو قصيدة زجلية، كان ينشر الابتسامة فى دروب أخبار اليوم على الوجوه ويشتبك فى معارك إذا فكر أحد فى أن يدوس على ظفر من أظافره. كان يؤمن بأن كلمة الحق والصدق هما المنجيان ولو كان سيف بتار على رقبته. 


كان أول دفعته فى جامعة الإسكندرية، المدينة التى عشقها وظل دائما غاديًا بينها وبين القاهرة مقر عمله ومصدر رزقه. كل المصادر التى تعامل معها احترمت فيه الشفافية والمصداقية لم يطلب لنفسه شيئا قط، ولم يتوان عن طلب الحق للآخرين وكم كانت سعادته وهو يرسم ابتسامة على وجه هذا ويجبر بخاطر ذاك وكما عاش وحيدا، مات وحيدا فى سكنه بمنطقة روض الفرج، ذلك الحى الشعبى الذى كان يجد فيه لذة الهروب من نداهة القاهرة وتوافر فيه كل الصفات التى كان يتركها فى بحرى الإسكندرية. سلام عليه فى العليين وإلى جنة الخلد أيها الرفيق الغالى.