الجماعة الصحفية تعول كثيرا علي قرارات رئيس الجمهورية وتثق في هذه القرارات باعتبارها ستعالج بصورة أسرع أحوال الصحافة القومية بدلا من أن تتوه تشريعات الصحافة داخل دهاليز البرلمان

بعض الأوضاع في الحياة السياسية والإعلامية عبارة عن سمك.. لبن.. وتمر هندي أي أشياء عشوائية ولا رابط بينها. أشياء أوجدها ناس لا دراية لهم بدخائل وتفاصيل الاحتراف. فالذين فصلوا الدستور تفصيلا كانوا هواة وتسببوا بسطحية معرفتهم في أن عانت البلاد لفترة في انتظار استحقاقاتها فقد جعلوا البرلمان قبل الرئيس ولو كانت الدولة التزمت بذلك التوجه لكانت كارثة محققة ولولا وجود بعض العقلاء الذين قدموا الرئاسة قبل البرلمان لتحققت الكارثة. كما تسببوا في تفصيل قوائم بدون مبرر وأوجدوا بها أمراضا ستظهر آثارها علي المدي القريب والمدي البعيد منها موضوع الحصص فلأول مرة في مصر تكون هناك حصة للأقباط وهذا معناه أنهم فصيل أو فئة أقلية في المجتمع لا يحصلون علي حقوقهم إلا بالحصص في البرلمان وربما سيأتي الدور علي مجالات أخري مثل الجيش والقضاء وهو ما يرسخ الطائفية فيتم تخصيص عدد من القضاة من المسيحيين وكذلك من ضباط الجيش وضباط الشرطة وغير ذلك من المناصب السيادية وبالتالي تتحول مصر إلي لبنان خطوة خطوة.
مما افتعله هواة الدستور مناقشة القوانين جميعها خلال خمسة عشر يوما الأولي من عمر البرلمان ولو فكروا للحظة- وإن كان ذلك غير وارد - أو حتي سألوا أهل العلم والخبرة لأدركوا أن إعداد أو مناقشة أو إصدار تشريع أمر يستوجب وقتا لا أقول طويلا ولكن مناسبا فما بالنا بأكثر من 300 تشريع يراد لها أن يوافق عليها البرلمان. هذا البرلمان العجيب الذي يضم عددا من المزايدين علي الحقوق. أحدهم خبير استراتيجي يظهر في القنوات الفضائية 3 مرات في اليوم مع وجبات الطعام حرص علي أن يعلن في كل وسائل الإعلام أنه متنازل عن الحصانة !! « ده.... ساذج ده واللا إيه « إيه فتحة الصدر دي !! نزاهة يعني واللا بلاهة واللا جهل.. يا بني الحصانة ليست ملكا لك فهي ليست شارة تخلعها أو تلبسها وقت ما تعوز دي يا حبيبي لزوم حماية الحقوق.. حقوق الشعب وحقوق النواب والمجلس الذي ينتمون إليه فهي ليست لزوم الدلع. ولأنك لا تعلم.. فالمجلس له أن يرفع الحصانة في أي وقت طالما توافرت الأسباب وعدم وجود كيدية كما أن النائب لا حصانة له في حالة ضبطه متلبسا بارتكاب جرم. المسائل واضحة لمن يفهم. آخرون زعقوا وقالوا إنه لا يجوز أن يكون رئيس المجلس من المعينين وهذا نوع آخر من أنواع السذاجة - كان نفسي أستخدم الكلمة العامية المرادفة لكلمة سذاجة - لأن النائب المعين له نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات التي للنائب المنتخب. ثم هل اعتبرتم نواب القوائم منتخبين ؟ !!. أليسوا معينين بصورة أو بأخري.
خليط السمك واللبن والتمر هندي يمتد إلي عالم الصحافة والإعلام فقد أصبحنا في حيص بيص بسبب عدم وجود شكل قانوني مستقر لأوضاع الصحافة فمدة رؤساء مجالس الإدارات انتهت أول أمس حسب القانون الصادر من الرئيس السابق عدلي منصور والذي نص علي اختيار رؤساء مجالس الإدارة لمدة وحيدة من خلال المجلس الأعلي للصحافة الحالي الذي تنتهي مدته بإصدار الدستور وانتخاب مجلس النواب وصدور التشريعات الصحفية ولأنه تم بالفعل إقرار الدستور وانتخاب مجلس النواب فلم يتبق سوي إصدار التشريعات الصحفية لذلك فإن إصدار هذه التشريعات من رئيس الجمهورية يحل العديد من المشاكل التي تسبب فيها المجلس الأعلي للصحافة الحالي والذي صدم الجماعة الصحفية بقراراته واختياراته التي شاب غالبيتها العوار وتسببت في ضخ الحكومة 1٫1 مليار جنيه لتسيير المؤسسات الصحفية الحكومية.
إن تأخير إصدار التشريعات الصحفية وإيكالها للبرلمان سيزيد الأوضاع سوءاً كما أن إيكال اختيار رؤساء المؤسسات ورؤساء التحرير الجدد للمجلس الحالي سيدمر الصحافة القومية التي أصيبت في الفترة الأخيرة بأمراض عضال ستحتاج إلي علاج لفترة طويلة حتي تتعافي.
إن الجماعة الصحفية تعول كثيرا علي قرارات رئيس الجمهورية وتثق في هذه القرارات باعتبارها ستعالج بصورة أسرع أحوال الصحافة القومية بدلا من أن تتوه تشريعات الصحافة داخل دهاليز البرلمان لأنها ليست من القوانين التي أصدرها الرئيس من قبل.