أدخلت صناعة الخزف لقرية تونس ونقلتها للعالمية

إيفلين.. ملكة الفيوم المتوجة

إيفلين
إيفلين

علا نافع

لم تكن تعلم إيفلين بوريه، السيدة السويسرية البسيطة أنها ستتحوَّل ذات يوم لأيقونة يعشقها أهالى قرية تونس بمحافظة الفيوم، ويمطرونها بوابل من الحب والثناء، وتنهمر دموعهم حزناً عليها بعد رحيلها إلى مثواها الأخير، فبعد وفاتها تحولت القرية لسرادق عزاء، واتشحــت نساؤها بالســواد، فالراحـلة لـم تكــن إحــدى السائحـات اللواتى يجئن فى زيارة قصيرة لمصر، بل كانت ابنة وأختاً وأمـاً لهـن، قضـت نحـو 56 عاماً بين أحضانهم وتركت وطنها المترف لتنعم بحياة بسيطة بين الفلاحين، حتى فارقت الحياة موصية بأن تدفن فى رحاب الأرض الطيبة.

جاءت الفنانة التشكيلية إيفلين بوريه فى زيارة قصيرة لمصر فى سبعينيات القرن الماضي، وخلبت القرية عقلها وروحها، رغم أنها لم تكن تضم سوى عشرين منزلاً مشيداً من الطين، لتقرر الاستقرار هناك وعدم العودة لبلدها مرة أخرى، ومنذ اليوم الأول واتتها فكرة تعليم شباب القرية صناعة الخزف والفخار وتحويلهما لأشكال فنية بديعة بهــدف القضـــاء على البطـــالة وإيجـــاد مصدر رزق دائم، وعاماً تلو الآخر تحولت قرية تونس∪ إلى منتجع صحى يقصده السائحون والمصريون، خصوصاً الفنانين والمثقفين، وتخرَّج فى مدرستها أنجب فنانى الخزف والفخار فى مصر، وامتدوا لثلاثة أجيال، وبات أغلبهم يمتلك ورشاً شهيرة ومصانع تصدّر منتجاتها للخارج، وكانت هى نواة تحويل القرية إلى مجمع لصناعات الخزف، ولم تبخل على أهل البلدة بوقتها أو مالها فأغدقوا عليها بحبهم واحترامهم.

عملت إيفلين على إقامة مهرجان فى القرية يضم صناع الخزف والفخار فى الأول من نوفمبر كل عام، ليسهم فى الحفاظ على الصنعة ويروِّج السياحة، ما دفع الأهالى إلى إطلاق اسمها على أحد الشوارع وتفاخروا بأنها تعيش فى كنفهم، وارتبطت بعلاقات صداقة مع السيدات والفتيات اللواتى كن يحرصن على تعليمها فنون الطبخ المصرى وصنع الخبز، حتى باتت ربة منزل مصرية حتى النخاع، وشجعت الكثير من الفنانين الأوروبيين والشـيفات على الإقـامة بالقرية والعمل بها، حـتى استحقـت لقب ملكة الفيوم المتوجة∪ كمــا يفضـل أن يلقبها الكثيرون حين يّذكر اسمها.

وقد وقعت الفنانة الراحلة فى غرام الشاعر الكبير سيد حجاب وتزوجته لمدة خمسة أعـوام، وبعد انفصالهما تزوجت من المهـندس ميشـيل باتسوري، وأنجبت مــنـه أنجـيلـو∪ الذى يعمـل مشـرفاً علـى مدرسة الفخّار التى أسستها والدته، أما ابنتها ماريا∪ فتزوجت من شاب مصرى وفضــلت الســــير علـى خـطــى والدتهــا والعيش فى مصر.