من الأعماق

حركة الشرطة.. بين الشفافية والطريقة الإخوانية

جمال حسين
جمال حسين

قد لا يعلم الكثيرون شيئًا عن مهازل تدخُّلات الرئيس الاخوانى محمد مرسى ومكتب الإرشاد فى حركة الشرطة عام ٢٠١٢، ذلك العام الأسود الذى وصل فيه الإخوانُ إلى سدة الحُكم فى غفلةٍ من الزمن.
فى سَابقةٍ عَجيبةٍ، طلب مرسى من اللواء محمد إبراهيم يوسف، وزير الداخليَّة فى ذلك الوقت، الحضور الى القصر الجمهورى بالاتحادية ومعه حركة الشرطة قبل اعلانها حتى يُراجعها بنفسه، وتسبَّب ذلك فى تأخير إعلان الحركة أُسبوعًا، كاملا ثم أرسلها مرسى إلى مكتب الإرشاد بالمقطَّم؛ لفحص أسماء الضُبَّاط من أجل تمكين الضباط أرباب اللحية والانتقام من البعض خاصة ضباط الأمن الوطنى، الذين كانوا يُلقون القبضَ على أعضاء وقيادات الجماعة، خلال السنوات التى سَبقت أحداث ٢٥ يناير!.
رَوى لى اللواء محمد إبراهيم يوسف تفاصيل تلك الواقعة الغريبة؛ قائلًا: بعد أن انتهى قطاع شئون الضُبَّاط من إعداد الحركة، ووافق عليها المجلس الأعلى للشرطةِ، وبينما كنتُ أستعدُّ لاعتمادها، فوجئتُ باتصالٍ من الرئيس محمد مرسى يطلب منى الحضور بالحركة إلى قصرِ الاتحاديَّة؛ ليُطالعها بنفسه قبل إعلانها!!.. تعجَّبتُ من هذا المطلب الغريب، وبالفعل توجَّهتُ إلى قصر الاتحاديَّة، ووضعت الحركة أمامه، فقال مُوجِّهًا كلامه لى: «اترك لى هذه النسخة حتى أقوم بدراستها»، وكانت المُفاجأة المُذهلة، أننى علمتُ من ضُبَّاط الأمن الوطنى، أنه ارسل الحركة الى مكتب الإرشاد لدراستها.
وفى يوم 29 يوليو، فوجئتُ به يسْتدعينى مرة اخرى الى قصر الاتحاديَّة، وقال: «لى ملاحظات على الحركة»، وأعطانى كَشفًا بأسماء الضُبَّاط المطلوب الإطاحة بهم، وتعجَّبتُ اكثر عندما طلب ترقية أحد اللواءات بالاسم، وتعيينه مديرًا لأمن الشرقيَّة!!.
وقال لى مُبتسمًا: «المهم رقِّى لى اللواء فلان، وعيِّنه مديرًا لأمن الشرقيَّة؛ لأنى أُحبُّه»، ووافقته على ذلك، فانفرجت أساريره، وفور عودتى إلى ديوان الوزارة، طلبت ملف خدمة ذلك اللواء الذى أراد تعيينه مديرًا لأمن الشرقيَّة، وقمت مع الأجهزة بفحص ملفه وتبيَّن أنه على أعلى مستوى من الكفاءةِ الامنية وتقاريره ممتازة، وأخبرنى مدير شئون الضُبَّاط وضُبَّاط أمن الدولة، أن علاقته طيِّبة بمحمد مرسى منذ أن كان مديرًا لمرور الشرقيَّة، وقت أن كان مرسى يعمل أستاذًا بكلية الهندسة، جامعة الزقازيق، وأعاد لمرسى رخصته المسحوبة فتوطَّدت العلاقة بينهما وأراد مرسى بعد ان اصبح رئيسا ان يرد الجميل له وكانت هذه المرة هى الأولى التى يتم فيها تعيين مدير أمنٍ بقرارٍ جمهورىٍّ!!
وكما قال المتنبى: بضدها تُعرف الأشياء..
نعود للحديث عن حركة الشرطة التى اعتمدها اللواء محمود توفيق، وزير الداخليَّة، الاربعاء الماضى ولاقت قبول واستحسان الغالبية العظمى من الضُبَّاط فقلَّت التظلُّمات من الحركة إلى أدنى حدٍ لتطبيق قواعد ومعايير حاكمة بعيدًا عن المُجاملات والأهواء.
جاءت حركة الشرطة لهذا العام مُواكبةً لسياسة وتوجُّهات الدولة فى تصعيد العناصر الشابة؛ وتدعيم سياسة التحوُّل الرقمى، التى تنتهجها الوزارة فى كل قطاعاتها. وشهدت الدفعَ بقياداتٍ شابةٍ لتولى مناصب قياديَّة، بهدف ضخ دماءٍ جديدةٍ وبرهنت على عددٍ من النجاحات الأمنيَّة، التى تحقَّقت على أرض الواقع، وهو ما اكِّده تجديد اللواء محمود توفيق الثقة فى عددٍ من القيادات الأمنيَّة؛ على رأسهم اللواء عادل جعفر، مساعدًا للوزير لقطاع الأمن الوطنى، واللواء علاء الدين سليم، مساعد وزير الداخليَّة لقطاع الأمن العام، واللواء اشرف الجندى مدير أمن القاهرة واللواء نبيل سليم، مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة، ولم تغفل الحركة تدعيم الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات، المنوط بها مكافحة الجريمة الإلكترونيَّة ومتابعة الصفحات الإخوانيَّة الإرهابيَّة، إضافةً إلى تدعيم قطاع حقوق الإنسان.
وراعت الحركة الظروف الاجتماعيَّة والصحيَّة للضُبَّاط؛ تحقيقًا للاستقرار الاجتماعى والنفسى والوظيفى..