يوميات الأخبار

زمن الوحوش..

د.سارة الذهبى
د.سارة الذهبى

الطلاق هو آخر محطة بنوصلها بعد استنفاد كل الحلول، بعد ما تبقى الحياة مستحيلة، و قبل ما نخسر احترامنا لبعض.

طبيب أسنان يطعن زوجته زميلة المهنة ١١ طعنة فى محافظة الدقهلية و يلوذ بالفرار.. 


زوجة تطعن زوجها بالسلاح الأبيض بعد محاولته لخنقها فى قرية طنط الجزيرة.. 


زوج يطعن زوجته ٢٧ طعنة و إقدامه على قطع شرايين يديها ليلة عيد الأضحى بمدينة أهناسيا غرب بنى سويف.


زوجة تطعن زوجها بسبب الخلافات الزوجية بطهطا.. 


تصدرت هذه العناوين الصحف المصرية و مواقع التواصل الاجتماعى و أثارت جدلا واسعا فى الشارع المصري، تابعتها و قلبى مقبوض و جوايا رغبة فى إنكار ما قرأته علشان عقلى مش قادر يستوعبه!!


هو فى إيه؟


إيه كم الغل و الرغبة فى الانتقام و الكره و السواد اللى تمّكنت من قلوب رجالة و ستات جمعهم الزواج اللى هو المفروض رباط مقدس و له احترامه و هيبته! 


إيه كم الحوادث البشعة اللى بنصحى عليها كل يوم و إزاى قتل نفس بقى أسهل حل بيجى فى دماغ بعض الستات و الرجالة؟ 


ياما كتبت قبل كده إن عدد حالات الطلاق المتزايد ناقوس خطر بيدق كل البيوت المصرية و العربية بلا استثناء و إن الأصل فى الزواج المودة و الرحمة، دلوقتى بقى دخلنا فى مرحلة جديدة و هى مرحلة مين اللى هيخلص على التانى الأول! 


لو حضرتك مش مرتاح مع مراتك أو حضرتك مش قادرة تستمرى فى الحياة مع زوجك حاولوا مرة و اتنين و مليون و ابذلوا أقصى جهدكم لإنجاح الجوازة دى علشان متحسوش إنكم قصرتم فى حق نفسكم أو فى حق ولادكم،. لكن لو استحالت العيشة بينكم يبقى قدامكم حل واحد مفيش غيره (تسريح بإحسان)


تنفصلوا بأدب و رقى و متدخلوش الولاد فى خلافاتكم و تحترموا بعض و كل واحد يشُق طريقه لوحده لكن إننا نوصل لدرجة من الاحتقان و الغضب و الكره اللى توصلنا إن الشيطان يتملكنا و يعمى بصيرتنا و نقتّل فى بعض و نرفع على بعض سلاح أبيض و مطاوى و سواطير فكده وصلنا لمرحلة مرعبة من الخلافات الأسرية! 


إيه اللى ممكن يحصل بين زوج و زوجته يخليه يطعنها ٢٧ طعنة! 


إيه اللى يخلى طبيب أسنان و على قدر عال من التعليم إنه يطعن مراته اللى فى عز شبابها و ييتّم أطفاله التلاتة اللى أصغرهم طفلة عمرها ٥ شهور! و أثبت الطب الشرعى إن أول طعنة كانت فى ضهرها يعنى غدر!!  رغم أن المرحومة الكل يشهدلها بأدبها و احترامها !!


إيه اللى يخلى زوج و زوجة المفروض إنهم بيحبوا بعض بشهادة كل قرايبهم و حاجزين مصيف سوا و بيكتبوا لبعض بوستات حب على الفيس بوك إنهم يتخانقوا ، فالزوج يطبق فى زمارة رقبتها عشان يخنقها و يموتها و ده تم إثباته فى تقرير الطب الشرعى فتحاول تهوشه بالسكينة فتغرز فى صدره و يتوفى فى محاولة منها للدفاع عن نفسها!!


و الأغرب بقى إن طريقة تناول ناس كتيرة لهذا النوع من الحوادث البشعة على السوشيال ميديا كانت بتحويلها لكوميكس و مواقف مضحكة و تركيب صور و نكت! 


انتوا متخيلين الناس دى سواء بقصد أو بدون قصد بتعمل إيه؟ بتهوّن مصيبة كبيرة و ظاهرة مرعبة بتتفشى فى بيوتنا فبدل ما نشوفلها حل و نعرف إيه أسبابها و نحاول ننقذ بيوتنا بنستخف و نضحك و نتريق فالناس تتعود على سيرة قتل المتجوزين زى ما اتعودوا على الطلاق و يبقى ده العادي!! 


نرجع و نقول إن الرك على التربية.. 


لو كل زوج و زوجة اتربوا صح و على الدين و شافوا قدام عنيهم نماذج حية لزوجة بتحترم جوزها و بتقدّره و بتعمله قيمة و حساب بحب مش بسبب خوفها منه و شايلاه فوق دماغها عشان هو راجلها و حبيبها و سندها عمرنا ما كنا هنوصل لكده.. 


لو كل زوج و زوجة شافوا قدام عنيهم زوج راجل بمعنى الكلمة مش ذكر و خلاص، بيتقى الله فى مراته و بيحترمها و بيستشيرها و كرامتها من كرامته و عمره ما تطاول عليها بلفظ أو بفعل و لو أخطأ فى حقها بيعتذر عمرنا ما كنا هنوصل لكده.. 


فرّغوا اللى مزعلكم بأدب أولا بأول، اتكلموا مع شريك حياتكم عن احتياجاتكم وإيه بتحبوه و إيه بيزعلكم، خلوا فى مساحة من النقاش و الحوار المتحضر بدون تعدّ أو تجاوز أو تدخل من أى طرف بينكم و صدقونى ده أسلم طريق لحل المشاكل و أقصرها لو فعلاً باقيين على بعض و عايزين تعيشوا سوا... 


مش طبيعى إن ستات تتهان و تتشتم و تتضرب و تتسحل قدام عيالها و لما تشتكى يتقالها استحملى ما كل الستات بتتضرب و بتستحمل.. 


مش طبيعى إن راجل أسرار بيته كلها معروفة لكل من هب و دب و مراته فضحاه على جروبات السوشيال ميديا و بتشوف شتيمة جوزها بعينها و نقول ده عادي.. و لا طبيعى إن ست متحترمش جوزها و تقفله الند بالند و ناس تخرب عليها بجو ال strong independent woman و تصدق إنها لما تتطلق و تخرب بيتها إنها كده نجحت!! 


نداء خاص للستات و خصوصاً البنات الصغيرة اللى لسه فى أول الجواز؛ إياكِ ثم إياكِ ثم إياكِ أنك تفشى أسرار بيتك على جروبات الفيس بوك و تستنى منهم رأى تاخديه و تمشى حياتك على أساسه! 


بالعقل كده إزاى ناس لا تعرفيهم و لا يعرفوكى و لا يعرفوا جوزك مستنياهم ينصحوكى خصوصاً أن النوع ده من الستات عمره ما بيحكى الحقيقة كاملة، بيحكوا الجزء اللى مقررين يحكوه علشان يكسبوا استعطاف باقى الستات و بعضهم بيعشق يعيش دور الضحية! 


تلاقى ست داخلة تعرض حياتها على المشاع و تذكر كل عيوب جوزها بالتفصيل و متذكرش فيه و لا ميزة عشان الحسد و طبعاً كل الآراء اللى بتجيلها فيها غلط و شتيمة و حل جذرى بالطلاق و مفيش غيره و أنها تلحق تنفد بجلدها!!! 


لما تحبى تاخدى نصيحة من حد اختارى ناس من لحمك و دمك، ناس معندكيش ذرة شك أنهم خايفين عليكى و عايزين مصلحتك وإن نيتهم يهدّوا الدنيا مش يشعللوها و يخربوا البيت و يقوموكى على جوزك.. 


الطلاق هو آخر محطة بنوصلها بعد استنفاد كل الحلول، بعد ما تبقى الحياة مستحيلة، و قبل ما نخسر احترامنا لبعض.. لو البيوت اتبنت على تربية صح و دين صح و وعى صح من الأهل و أنهم يفهموا ولادهم يعنى إيه جواز و مسئولية و احترام شريك حياة و رفق بالست مش هيبقى فى طلاق، بس احنا للأسف تجاوزنا المرحلة دى و دخلنا فى إزهاق الأرواح علشان مش عارفين نتحكم فى غضبنا و انفعالاتنا... 


قال تعالى : (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)
صدق الله العظيم... 


سكن و مودة و رحمة.. 


سكن و مودة و رحمة.. 


مش قتل و طعن و تيتيم أطفال..


لو الجواز مفيهوش التلات بنود دول يبقى بلاش منه أحسن و ربنا يحفظ بيوتنا من كل شر و عين و أذي..


قلب الترابيزة


بقينا عايشين فى عالم : (قلب الترابيزة)


بالصوت العالى الظالم يبقى مظلوم و بالكلام فى الضهر و الكذب و التحوير الجانى يبقى مجنى عليه و بالتزييف و التزوير بيكسب تعاطف الناس مع إنه أُس البلاوى !


بلوى البوز بقى اللى المفروض يصالحك مستنيك إنت اللى تطيب خاطره و تراضيه..


اللى بيتقمص هو اللى بياخد حقه و بيتعمله حساب و الناس بتطبطب عليه علشان مش ناقصين وجع دماغ.


المؤذى هو اللى محدش بيدوسله على طرف عشان يتقوا شره و الطيب الغلبان اللى ملوش فى المشاكل بيتاخد غسيل و مكواه و محدش بيعمله اعتبار.. 


الخاين بقى هو اللى زعلان إن إزاى اللى خانه مش قادر يسامحه و يغفرله فبيقلب عليه بدل ما يعتذر و يطلب السماح و يصلح غلطته ..


و اللى بيغلط فيك و يتجاوز حدوده معاك مستغرب إنت إزاى مش بتحترم حرية التعبير و مش بتتقبل الرأى الآخر و إزاى مش متقبل تسمع شتيمتك بودنك و إنت ساكت! إنت إزاى متعصب لرأيك أوى كده و رافض تتشتم! 


أصبحنا نعيش فى زمن الكيل بمكيالين، الناس بتحلل لنفسها حاجات و تحرمها هى نفسها على غيرها..


بيبرروا لنفسهم كل حاجة و يجلدوا غيرهم و يحاسبوهم حساب الملكين على كل حاجة!! 


هما يغلطوا عادى ما هما بشر لكن باقى الناس لازم يدفعوا التمن غالى على أى هفوة! 


عايزين يكوّشوا على كل حاجة و يستغربوا الدنيا مبقاش فيها خير ليه و ليه محدش بيساعد حد، و هما أول ناس استحالة يقفوا جنب أى حد محتاج مساعدة.. 
الناس عايزة تعرف عنك كل تفاصيلك و تخبى عنك كل تفاصيلها و لو قررت تحتفظ بخصوصياتك يتهموك إنك اتغيرت و بقيت وحش و يلقحوا عليك بالكلام مع إنك لو سألتهم عن أى معلومة عامة بيمطوحوك علشان متطولش منهم معلومة..


ليهم حرية الرأى و التعبير و باقى الناس تخرس يا إما يبقوا متسلطين..


ليهم حق يتقمصوا على تفاهات و لو غيرهم زعل على حاجة تستاهل تلاقى لسانهم مبرد و يقولولك دى كلها تلاكيك ..


كل حاجة تخصهم مهمة و يتعملها مليون حساب و أى حاجة تخص غيرهم ملهاش تمن.. 


مجتمع الكيل بمكيالين و قلب الترابيزة مجتمعات مُرهقة جداً و تقصف العمر و بتدخلك فى جدل عقيم ملوش أى لازمة و بتفقدك قيمتك تدريجياً لحد ما تقتنع إن كلامهم صح فلو تعرف حد كده اشترى نفسك و اهرب منه قبل ما يستفزك و يزهقك فى عيشتك و يهدر طاقتك على الفاضي..