فنجان قهوة

كلمة شرف

يسرى الفخرانى
يسرى الفخرانى

رأيت فى طفولتى جلسات الكبار التى تنتهى بكلمة شرف، كلمة شرف أقوى وأهم وأغلى من أى اتفاق، بيع وشراء وقروض وزواج وكتمان سر.. بكلمة شرف!
عندما كتب وحيد حامد عبارته العظيمة (كلمة أنا بحبك عقد، اللمسة عقد، النظرة عقد) سألته عن لحظة الإلهام التى منحته هذه العبارة وهو يكتب فيلم (اضحك الصورة تطلع حلوة) قال إنه تذكر جلسات الكبار التى كان يحضرها وهو صغير وكانت الكلمة منهم عقداً حتى لو خرجت عفوية، فهى عقد لا رجوع فيه ولو كان الثمن الموت!
كلمة شرف هى عقد، هى شرف من يتعهد بها، هى نقطة فى نهاية سطر لا انسحاب بعدها.
أين رأيت هذه العبارة آخر مرة بين اثنين؟
أين اختفت من أفواهنا ولم نعد نجرؤ على النطق بها؟
كلمة شرف يا صديقى أوثق من العقود والتوقيع على بياض ، كلمة شرف بين صديقين وبين زميلين وبين تاجر ومشتر وبين طبيب ومريض وبين أستاذ وتلميذ.. تحمى ظهورنا من الغدر والطعنات والأخطاء المقصودة.
تعلمنا كلمات الشرف لكن الزمن لم يعد يعترف بكلمة الشرف ويجعل لها ثمنا! لم يعد لها وزن وسط الأغلبية التى تعيش بعشرات الوجوه والألسنة!
عشت زمناً كانت كلمة الشرف تنقل ملكية عمارات وأراض ومصالح من شخص إلى شخص فى لحظة، كلمة شرف تنهى خلافات وتؤسس بيوتا وتفتح دكاكين وشركات وتمنح إنسانا الأمان العمر كله.
كلمة شرف.. كلمة طيبة تعلو فيها قيمة الكلمة وقيمة الشرف، عُملة غير متداولة اليوم تفسر أننا نعيش زمنا لا يثق أحد فى الوعود ويعتبرها مجرد كلمات فض مجالس، لم يكن هناك محاكم تفتش فى نوايا الناس ولا تفض المنازعات التى تقوم على كلمة شرف.. لأن الكلمة غالية والشرف غال!
علموا أولادكم معانى كلمة شرف، علموا أولادكم معنى شرف الكلمة التى نقطعها على أنفسنا، علموا أولادكم أن الكلمة أقوى من العقد!
اجعلوا فى حصص المدارس حصة عن معنى الكلمة وشرف الكلمة وثمن الكلمة، علموهم أن الكلمة ميزانها ميزان الذهب، كل كلمة هى الذهب وهى الثروة التى تجعل منهم فى المستقبل رجالا ونساء من ذهب. وقتها سوف يعود المجتمع الذى نراه فى حفلات الست أم كلثوم ونسأل فى حسرة أين ذهب؟ 
كلمات الشرف تجعل الإنسان فى منتهى الرقى والأناقة.